هل ستدخل سوريا الحرب دعمًا لمعركة طوفان الأقصى.. وماذا عن حزب الله اللبناني؟
كتب: كنعان الموسى - سوريا
المعركة تنجر إلى المفاجآت، هذا ما يمكن الآن وضعه في ميزان الحسابات السياسية، فكل ما قيل سابقًا عن هذه المعركة افتقد الدقة الكاملة، خاصة ما يتعلق بحسابات الربح والخسارة، رغم ما يجب التسليم به، وهو خسارة الطرف الاسرائيلي لمعركة المعنويات، فالعامل النفسي الذي تآكل بشكل كامل لدى غالبية الاسرائيليين وخاصة من يقيمون في مستوطنات الغلاف والمناطق المتاخمة أو القريبة منها. فجولة الحرب النفسية الأساسية حسمها الفلسطينيون حقًّا، وتحاول حكومة نتنياهو أن ترممها وتعالجها بقصف ومجازر تطال المدنيين ولن تنتهي حصيلة ضحاياها بأقل من 10 آلاف فلسطيني بين قتيل وجريح.
يبقى السؤال الشاغل، يدور عن موعد دخول حزب الله اللبناني إلى المعركة، ومن الواضح أن الاحتمالات لهذا الأمر كبيرة جدًا ولكن في حال سار الميزان العسكري لصالح فلسطينين لاعتبارات معينة، فإن الجانب اللبناني سيجد عدم استدعاء دخوله الآن، وهو الذي سيدخل بغالبيته إلى جانب حزب الله في حال دخل إلى الجليل.
وفي سياق ما يمكن وصفه بدخول حزب الله المعركة، فالحقيقة أن حزب الله دخل فعلًا هذه المعركة حتى وإن اقتصر على عدد محدود من العمليات تندرج تحت بند الفعل ورد الفعل، أو ما يقال الصد والرد المحدود.
دخول لبنان حرفيًا قد بدأ من خلال الحرب النفسية، وهذا ما أعطى إشارات لعدّة مرات عن عزمها على الدخول، ورغبتها طبعًا حاضرة لهذا الأمر، أما الإشارات فهي ما حدث خلال الأيام الماضية، استهداف موقع عسكري محصن في مزارع شبعا، تلاها الرد على الرد الاسرائيلي، وفتح المجال لدخول مقاتلين فلسطينيين عن طرق الحدود اللبنانية الفلسطينية، للانخراط المحدود في معركة "طوفان الأقصى".
ماذا عن الدور المباشر إذًا، وما هي الحرب النفسية هنا!، هذا ما يتم بحثه، فتكرار صدور إخبارات عن حدث أمني في الشمال لدى الجيش الاسرائيلي واستنفار كامل وحشود عسكرية بتشكيلاتها هي فعلًا من أشكال الحرب المباشرة، مشاغلة قسم كبير من قوات النخبة وإدخال من هم على الحدود الجنوبية للبنان في مرحلة التأهب الكامل والترقب والانتظار، هو واحد من أدوات المعركة، ما تم الحديث عنه وأكدته وسائل إعلام عبرية أن سرب طيور مهاجرة أطلقها حزب الله وزودها بمصابيح أدخلت نظام المضادات الجوية والصاروخية الاسرائيلية في حالة هسترية.
المقاومة الفلسطينية في غزة تعمل الآن ولا يعلم أحد مدى التنسيق بين أطراف محور المقاومة التي عملت على التنسيق منذ سنوات، زيارة وزير الخارجية الايراني إلى بيروت ومن هناك إلى دمشق للقاء الرئيس السوري بعد لقاء أمين عام حزب الله في جولة سريعة، فتحت باب الحتمالات، وعقدت الأمور أكثر، وأعطت إشارات لا يمكن أن يتم تحليلها على الإعلام إلا أنها على مستوى تنسيقي عالي يحمل السريرية بين قادة الصف الاول في سوريا ولبنان والفصائل الفلسطينية، ولكن الغموض يحيط ما خلف الكواليس.
ويرتبط بهذه الزيارة صمت الأمين العام لحزب الله، والذي من عادته أن يقرر شيئًا مفاجئًا في هكذا ظرف كما حدث في 2006 وغيره من الظروف التي كانت ضمن حدود الاغتيالات التي طالت شخصيات كبيرة من قياديي الحزب جعلت طبيعته واضحة وهي طبيعة ضاغطة للعدو، وهذا من ضمن آلايات الحرب النفسية المباشرة التي نتحدث عنها.
ما يخفف احتمالات التدخل العسكري المباشر على الأقل مع امتداد هذه الأيام هي محاولة التوصل لحلول تفاوضية تجنب المنطقة من وقووع حرب إقليمية شاملة تكون الولايات المتحدة الأمريكية طرف صريح ومباشر فيها، خاصة أن هناك اوراق قوة في يد المقاومة داخل غزة وهي الأسرى الاسرائيليين الذين تم أخذهم إلى داخل قطاع غزة على أيدي الفصائل الفلسطينية هناك، وعددهم مجهول وغير واضح ولم تصرح المقاومة الفلسطينية بعدد صريح، ولا تعلم حكومة نتنياهو عددهم رغم التحايل على ذلك.
سوريا لن تدخل في الحرب مباشرة، خاصة أنه لا يوجد أي اجراءت معلنة أو ظاهرة لجانب يتحضر لحرب شاملة تكون أشبه بكسر العظم، وأقولها لأسباب كثيرة منها إنهاك سوريا بحرب دامت 12 عام قد تجعل تجهيزها لمعركة كبرى خارجية غير متاح وهذا على المدى الظاهر أما المخفي فيبقى إظهاره على محك دخولها حرب خارجية كبيرة وحينها يعلم الجميع ما إمكانيات هذا البلد المنهك فقد تكون غير موجودة كما يجب، وهنا في الاوساط السورية الرسمية التي يمكن الاحتكاك بها على الأقل فيظهر الترقب ليس أكثر، والأهم إذا لم تفرض عليها الحرب لن تبادر بها.
أما حزب الله أفالمعادلة معقدة وهنا أعني الجانب العسكري، على الأقل خلال هذه الأيام القليلة، رغم أن المنطق العسكري يعطي مؤشر بإمكانية أن تخسر إسرائيل هذه الحرب لو فتحت على مصاريعها الثلاثة، فالمعروف هو الضفة الغربية من الجبهة الداخلية لفلسطين المحتلة، حزب الله من الشمال وسورية معه من الجولان، وطبعًا الشمال سيخفف الضغط الذي ينتظره العالم ضمن أحداث معركة طوفان الأقصى، وهنا ندخل في مجال ميزان القوى والتوازن الدولي الذي يضبط الأمور والأنفاس، ويجعل الجميع في المنطقة الإقليمية يقف على ساق واحدة مترقبًا الأحداث.
رغم استعداد لبنان للدخول في أي لحظة إلى مواجهة مباشرة تنتقل من مرحلة الردع الذي حققته المقاومة في لبنان، إلى مرحلة الهجوم والعبول ألى شمال فلسطين، فإن الوضع الحالي لن يتجاوز هذه الحدّة، ولا يعلم أحد إذا ما كان حزب الله ينتظر فقط انطلاق الاجتياح البري العسكري من طرف قوات الاحتلال الاسرائيلي باتجاه غزة – وهذا أغلب الاحتمالات - وهنا يمكن الجزم دخول المنطقة في دوامة تحمل الكثير من التفاصيل، وهذا ما يثقل عاتق الاسرائيلي في التريث رغم استعانته المباشرة بالولايات المتحدة الأمريكية والمعروف عن جانب المقاومة استخدامها سلاح الوقت واستنزاف قوة العدو، وهذا ما يعطي معركة طوفان الأقصى أفضلية على نتنياهو وحكومة طوارئه في مواجهته الطوفان.
يبقى اللافت والمعقد هو ما يتم الحديث عنه في لبنان عن طلب من عناصر اليونيفيل المتواجدين في جنوب لبنان أن يغادروا مواقعهم، وهذا يعطي مؤشر لبداية هجمات عسكرية وهذا ما سيحدث غالبًا، اسرائيل ستبادر بحرب على لبنان كنوع من قواعد الحرب وخاصة ما تعطيه خطابات وتصريحات حكومة الطوارئ عن انتقاله إلى الهجوم ومن باب "الهجوم أفضل وسائل الدفاع".