دينا دياب تناقش الماجستير بالمعهد العالي للنقد الفني (صور)
ناقشت الباحثة دينا دياب بالمعهد العالي للنقد الفني رسالتها للماجستير تحت عنوان"الكائنات الخارقة في البناء القصصي في ادب نجيب محفوظ" والتي تقدمت بها من اجل الحصول على درجة الماجستير وبدأت المناقشه بكلمة الباحثة والتي جاءت كالتالي:
الرسالة بعنوان "توظيف الكائنات الخارقة في البناء القصصي في أدب نجيب محفوظ".
من خلال الأستقراء في بعض أعمال نجيب محفوظ، نجد أنه من بين المكونات التي فرضت نفسها نقديًا وأدبيًا "الشخصية "باعتبارها عنصر مهم من عناصر بناء الرواية لأنها تصور الواقع من خلال حركتها وحوارها مع غيرها، وهى العنصر الأساسى الذي يقوم بمهمة الأفعال السردية ويدفعها نحو نهايتها، وجوهر العمل الروائى يقوم على خلق الشخصيات خيالية كانت أو واقعية.
الجن والعفاريت المردة والشياطين جزء لايتجزأ من ذهنية الثقافة المصرية ـ التي تولدت لدواعى نفسية وثقافية واجتماعية وربما سياسية.
ومن خلال ادب نجيب محفوظ نحاول القاء الضوء على مفهوم الجن ىوالعفاريت والمرده والشياطين في اذهان شخصياته الروائية واعماله الادبية، والتى ترسم لنا صورة للواقع الذي كانت تعيشه الذهنية المصرية وقت كتابة هذه الاعمال، من حيث فاعلياتها وتحكمها في التكوين النفسى للفرد والمجتمع.
وقع الاختيار على " نجيب محفوظ" باعتبار الأدب أحد مظاهر الفن للتعبير والمحاكاة، فهو تعبير عن تجربة، ويذهب مدلول التجربة إلى تجربة ذاتية مباشرة معاناة الاديب وماوقع له، بالاضافة إلى تجارب الأخرين من اقارب جيران ومجتمع، وباعتبار نجيب محفوظ هو ابن للحضارة العربية المصرية ببعديها العربى الاسلامى وامتدادها الفرعونى، جعلته يعطى زخما للشخصية المصرية بشكل عام في تعددها التراثى وتنوع العادات والممارسات التي ينتمى إليها ثقافيا وابداعيا.
ومن هنا كان الاختيار رغبة في التعرف على مفهوم الكائن الخارق ولمس التحرر في الكتابة من خلال توظيفه لمفهوم الكائنات هروبا للرمزية التي لجأ لها نتيجة ظلم اجتماعى أو سياسى، وكذلك توظيفه للكائن كبطل لرواياته الذي تحول من بطل كلاسيكى لمارد وجن وعفريت وشيطان يمتلك قدرات خارقة، وكلك التحرر من قبضة الأسس التي تسيطر على العمل الادبى.
وبناءا على ذلك جاءت فصول الدراسة على النحول التالى، في مقدمة وأربعة فصول وخاتمة:
تتناول المقدمة أسباب اختيارى للبحث وأهميته وأهدافه وفرضياته ونماذج التطبيق والمنهج العلمى المتبع.
وتناولت المقدمة أشهر الدراسات السابقة كان ابرزها " هيرمان هيسه للكائنات الخرافية، والشيطان عند كلا من فاوست وباربلى دورفيلى، والاسطورة في ادب نجيب محفوظ، والرمز والرمزية في ادب نجيب محفوظ، ونماذج الشخصيات المكرره ودلالاتها، واراء محفظ في العقيدة الاسلامية.
وتناولت في التعريف النظرى التعريف بنجيب محفوظ وأثر دراسته للفلسفة على ابداعاته ونشأته في حي الجمالية لتوضيح مدى تجذر هذه الكائنات على تكويته ككاتب، وتناولت التعريف اللغوى والدينى والشعبى للكائنات موضع الدراسة للعفاريت والجن والشياطين والمرده.
وجاء الفصل الأول بعنوان " المعتقدات في تراثنا الشعبى لدى نجيب محفوظ " وتناولت فيه الممارسات والطقوس والمعتقدات لدى نجيب محفوظ من خلال استخدامه للكائنات موضع الدراسة كخلفية ثقافية واجتماعية لشخصياته الروائية.. واستخدامهم بعض الممارسات مثل الزار، الأحجبة، التعاويذ، وتناولت فيه التوظيف الغير مباشر في كلا من " خان الخليلى، قلب الليل، حكايات حارتنا، رأيت فيما يرى النائم، ملحمة الحرافيش، السراب، حديث الصباح والمساء، احلام فترة النقاهه، القرار الأخير، اولاد حارتنا، واخيرا همس النجوم أخر الاعمال المنشورة لنجيب محفوظ في 2019.كنماذج مختاره ضمن اعماله ولا ادعى إن الاعمال الاخرى التي لم اتناولها خاليه من هذا المفهوم.
وفى الفصل الثانى بعنوان " استلهام وتوظيف التراث في الشكل الفني ل" ليالي ألف ليلة " و" ملحمة الحرافيش " تناولت في هذا الفصل نبذه مختصرة عن اتجاهات نجيب محفوظ في الرواية العربية، واسباب اتجاهه لتوظيف التراث مبينه لماذا استدعى التراث الأدبى والدينى والشعبى والتاريخى في ابداعه سواء في الشكل أو المضمون.
ولماذا استلهم ألف ليلة وليله في شكلها ومضمونها في الليالى وفى ملحمة الحرافيش استلهم الشكل الشعبى الخارجى لألف ليلة وليله واراد إن تطغى الإبعاد المعاصرة على الإبعاد التراثية.
وفى الفصل الثالث جاء بعنوان " تحليل الكائنات الخارقة في ملحمة الحرافيش وليال الف ليلة " وتضمن هذا الفصل حكاية " جلال صاحب الجلالة " التي تعتبر أكثر حكايات ملحمة الحرافيش ورودا للكائن الخارق في التعاقد الفاوستى بين جلال حفيد عاشور الناجى والجن، وتضمن تحليل ليالي إلف ليلة من خلال الخارق كمفتاح تحليلى وذلك بتوضيح صورة ودور الكائن في البناء القصصى.
وفى الفصل الرابع:" الكائن الخارق في المجموعات القصصية " وتضمن هذا الفصل تحليل نماذج للمجموعات القصصية التي تناولت الخارق بشكل مباشر وهى " القرار الاخير " في قصتى " ابليس " والرجل الوحيد " والمجموعة القصصية " الشيطان يعظ وتناولت فيها مسرحية الشيطان يعظ.
اما الخاتمة تناولت النتائج وتوصلت فيها إلى:
إن الأدب القصصى لدى نجيب محفوظ احتوى على عدد كبـير من المـوروث الشـعبي تمثـل في المعتقـدات والمعـارف الشـعبية، مثـل الإيمـان بالأوليـاء، والكائنـات الخارقة، والسـحر،والطب الشـعبي، والأحـلام،والعادات والتقاليد الشعبية ودورة حيـاة الفـرد، وعلاقـة الفـرد بـالمجتمع وغــير ذلــك، واستخدم محفوظ الكائنات الخارقة للقدرة على توظيف المتخيل الشعبي والخرافي والاستلهام من القصص القرآني والديني، إضافة إلى براعة استخدام اللغة والمنجز الصرفي، والدمج المحكم للغة العلوم والاستفادة من المخترعات التكنولوجية (الدقيقة والإنسانية) وإخضاعها لقوة الخيال، والتمرس في وضع الألغاز وحلها، كل ذلك المزيج الفائق التعقيد يوضحه استخدام الكائن الخارق في قالب واحد هجين،ويتضح الأتى..
-اقترن الكائن الخارق فى أساليب السرد لدى نجيب محفوظ كأسلوب تجريبى أستخدم فى الكثير من أبداعاته من حيث التطويع والتشكيل،خاصة عندما تحول الى تقنية جديدة استأنس بها محفوظ فى نزوعه المتواصل الى الرمزية والتحديث فى استخدام شخصيات رواياته وقصصه، مما فسح المجال واسعا لخلق سردية غير مألوفه، كان للخارق فيها النصيب الأوفر فى القدرة الفائقة على صوغ ملامح كتابة مغايرة، وابهار المتلقى عبر عمليات تفجير متعدد للأحداث والأزمنة والأمكنة واللغة والمنظور السردى فى كتابة الحكاية
-يرتبط التعبير الخارق الى حد كبير بالواقع، على الرغم من تعارضه وتنافره ظاهريا معه، بل إنه يبدو متأسسا داخله منبعثا من رماده ومتغيراته، يفرض هالته وبنيته إلى جواره، ويتعايش معه لا ليقبله ويستسلم له، وانما ليخوض ضده كافة أشكال الرفض والفضح والاحتجاج، ومن ثمة تم لجوء الروائى فى التجربة الروائية الى مثل هذا التعبير لجعله صيغة واداة لكشف زيف الواقع وكسر رتابة الواقعى المعيشى ومألوفيته، وقصد التحليق بعيدا فى سماء التخييل، وإعادة تشكيل عالم هذا الواقع وفق نزوات السارد أو الاستجابة لشهوات المتلقى وانتظاراته.
-استطاع محفوظ من خلال سردية الخارق خلق نموذج فنى لمتخيل عربى مختلف له خصوصياته وسماته الفارقة التى تميزه عن سائر المتخيلات الاخرى، من حيث الارتباط بالتراث العربى ومرجعياته الغزيرة فى اثراء اللغة السردية والوقوف بسحر الدلالات الى نظرة غير معتاده.
-لقد كانت اللغة السردية لدى الروائى احد اهم تجليات الخارق فى تشكيل واقع حكائى متخيل على مستوى الشكل والمضمون او المبنى والمعنى، انطلاقا من اصغر بنية فى التركيب اللغوى وهو العنوان الى اكبر البنيات فيه كالسارد والزمن والفضاء والشخصية وغيرها.
- تعدد وتباين مستويات التعجيب بحسب طبيعة النصوص السردية من حيث درجة مفارقة الواقع ومخالفته والانزياح عن أطره وحدوده، رغم انفتاحها كلها على عنصر اللاواقعى والتعبير الرمزى المموه فى تصوير الواقع ورصد ظواهره المستهجنه، فى سبيل طرح بديل متخيل مواز يستند فيه الى مخزون اللامألوف بشتى موارده وطاقاته.
لقد أتكأت النصوص المحفوظية فى تشكيل البعد العجيب والخارق على جمله من العناصر والموضوعات الحكائية المستمده فى أغلبها من تراث المتخيل العربى بالدرجة الأولى، لاسيما متن الليالى "" الف ليلة وليلة " الغزيرة بمادة الخوارق، ومحكى الرحلة وعوالمها العجيبة، والحكاية الشعبية بمختلف تجلياتها الرمزية والاسطورية.
وقع الاختيار على عدة مناهج من بينها المنهج التحليلى السردى وهو أكثر المناهج التي تدرس كوامن الشخصيات الروائية والقصصية باعتبارها بنيه لغوية قائمة بذاتها لايمكن فصلها عن الحدث، وكذلك المنهج الوصفى التحليلى ومن خلاله نستطيع دراسة الواقع بشكل دقيق، والتعرف على الاسباب التي ادت لحدوث الظاهرة، وعقد المقارنات مع الدراسات السابقة لاستخراج العلاقات بين الظواهر بالاضافه لاستراتيجيه فلاديمير بروب في علم سرد الحكاية الخرافية.
ويناقش الرسالة كل من الاستاذ الدكتور أحمد عبد اللاه بدوي والاستاذ الدكتور حسن عطيه والاستاذ الدكتور حسن يوسف طه ودكتور مساعد حسام نايل.
وحضر المناقشة عدد كبير من الصحفيين والمثقفين والنقاد.