محمد آيت علو يكتب..كورونا عقلانية جريئة وسقوط القناع
هل يكون حقا فايروس كورونا المستجد قد كشف القناع والزيف لقوة وجبروت بعض الدول العظمى وسيطرتها على العالم؟ وهل يمكن اعتبار كورونا المستجد وجها حقيقيا للعولمة، ولصناعة جغرافيا سياسية جديدة لصالح نظام أحادية القطب المسيطر والمستغل؟ أتراه يكون قد كشف حجم الشر في هذا العالم من خلال السباق المحموم نحو التسلح والغزو الاقتصادي لمقدرات العالم كبداية لحرب ثالثه ناجمة عن نوازع الإنسان وحروبه الشريرة وكراهيته للحياة والتعايش والسلام والحرية؟ أم تراه حصر كل تيارات التفاؤل البشرية التي تفاخرت حتى اليقين بانتصار الإنسان على الطبيعة والبيئة بالعلم والتطور التكنولوجي؟
لم يكن مسموحاً قبل اليوم البوح بما هوعليه العالم، لكنه يباغت على حين غرة ومن دون تمييز لتقلب الحياة رأساً على عقب، لقد نبهت منظمة الصحة العالمية بعد حين وبعبارات صادمة ما يمكن أن يحدثه أو يسببه هذا الوباء على الصعيد الدولي، وكان القطع المبرمج للحدود وللصلات بين الدول والمجتمعات يُنبئنا هذا وكأن أمراً كبيراً ما سيحدث لا حقاً حتماً.
ثم ها هي الحقيقة الصادمة بادية للعيان، ولا أحد يتجرأ على إنكارها، إنه العجز العالمي المنقطع النظير، فيروس لا يُرى، يستيقظ وينبعثُ من رماد الأنقاض ليبعثر كل الأوراق، وليستيقظ الجميع على ضعف وهشاشة دول كنا نعول عليها في إنقاذ العالم إن هو تعرض إلى غزو فضائي، فإذا بها عاجزة كليا تسقط أمام هذا الفيروس المستجد من أول وهلة، بل ويكاد يهزمها على الرغم من كون عائلته معروفة لديهم، وسبق التعامل معه أكثر من مرة،ثم يتجاوز تأثيره حواجز عالم الطب بكل أحواله، لتتعطلالمجتمعات والمصالح، وتغلق الحدود بين الدول، وتشل الحركة في جميع القطاعات والمجالات...
إن الإستخدام للفايروسات والجراثيم وغيرها من الكائنات الدقيقه وسمومها التي تسبب إنتشار الأوبئة بين البشر والحيوانات،لايمكن فهمه إلا في إطار السباق المحموم نحو التسلح والغزوالاقتصادي لمقدرات العالم، على أن بعض الخبراء يعتبره بداية الحرب الثالثه الناتجه عن نوازع الإنسان وحروبه الشريرة وكراهيته للحياة والسلام، مما يبعث المخاوف والرعب من مستقبل مجهول للبشريه...ولا نستغرب تصريح رئيس وزراء بريطانيا العظمى حينما قال " استعدو للخسارة أيها الأحبة والأقارب"ويبدو أن هذه العبارة لم تكن من فراغ عندما يقولها مسؤول دولة عظمى، وهو الخبير بالكواليس وعلى علم بأسرارالأبحاث في الحرب الجرثومية، كما كشفت بعض التقارير المتسربة سابقا عن بعض المقاربات المعتمدة في بعض الدول العظمى والذينلهم علم بما يجري في مختبراتهم التي تستهدف تدمير البشر كحقول تجارب لأسلحة حروبهم القادمة، ولعدة أجيال قادمة...لقد تحول العالم فعلا إلى مرتع يفعل به ما يشاء أشرار السياسة، طغاة العالم أمام فيروس صنعته مختبراتهم عابراً للحدود والقارات، كما أن التجارب السرية مستمرة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وكل الدول العظمى على الإنسان، وإخفاء الحكومة الأمريكية برامج حروبها البيولوجية عن بقية العالم والتي استخدمتها فعلا في حروبها...
هذا وشواهد التاريخ كثيره باستخدام أمريكا للأسلحة الجرثومية ..فقد اتهمت كوريا وبكين في عام 1952م بأن الولايات المتحدة استخدمت أسلحة بكتيرية في الحرب الكورية مستندة على صور ضحايا الحرب، وتحاليل مختبرية وعلى بقايا قنابل جرثومية، ودون نسيان التلوث الإشعاعي الذي أصاب كثيرا من بقاع العالم ولاسيما في الشرق الأوسط...
من هنا جاز لنا التساؤل الذي يفرضه واقع الحالإلى أين يريد هؤلاء المضي بهذا العالم - قادة الدول العظمى وشركاتهم المستفيدة مما يحدث وسباقهم في صناعة التسلح البكتيري والجرثومي والدمار الشامل في غابات الإنسان الشرير - والذهاب بالبشرية والإنسانية.
كما يتضح كذلك أن فايروس كورونا جاء ليكشف سياسات الدول الغنية على حقيقتها، ويرفعها إلى قمّة المفارقات، وكما كان متوقعا، في اختلاطات الوباء بالمرض، أن تتعالى أيضا اتهامات "الحرب البيولوجية" ضد الخصوم المفترضين، ففايروس كورونا بدا عند الكثيرين "سياسيّا" بدرجة قصوى، فأغلب الخبراء يعلقون على السياسة التي انتهجتها سياسة إدارة ترامب حيث قللت التمويل لأبحاث الأوبئة، وساهمت في وقف المبادرات لحماية الأمريكيين من إمكانية الإنتشار الكبير للأوبئة، وقد أغلقت برنامج بحث يدعى "بريديكت" عام 2019، وهو برنامج مختص بتتبع وبحث أكثر من ألف شكل من الفايروسات، وسياسة الإدارة الأمريكية المتجاهلة للاحتباس الحراري للمناخ ، ويمكن تتبع هذا الاتجاه السياسي أيضاعبر المنظومة العالمية التي تقوم في جوهرها، على حرببيولوجية. بناء على صراعات سياسية أو اقتصادية، وقد وجدنا اللغط وأصابع الاتهام قد ازدادت حدة في الأيام الأولى لانتشار الفايروس...
كما أن كورونا المستجد فيما يبدو هي الوجه الحقيقي للعولمة، وعبر إعلامها المضلل، امتد جسر عولمة الخوف والتهويل، ليساوي بين الدول الغنية والفقيرة، بمن تمتلك الثروات وبمن يجتاحها الفقر، وهذا ليس غريبا على من ابتدع مفهوم العولمة وعمل في سبيله ومن أجله، في تدمير الهويات والخصوصيات المحلية للدول، وسلب القرار الأممي للمؤسسات الدولية السياسية منها والاقتصادية، من خلال سيطرته المطلقة.
مما سبق تتبدى حقيقتنا عارية من كل زيف أو تحريف، كما يتضح غباء الإنسان فوق هذا الكوكب في ظروف هذا الوباء، ولنفقه بالملموس حقيقتنا بعد سقوط القناع، ليسقط جبروت الإنسان المتغطرس المتكبر الجشع، المشبع بالأحقاد والظلم والجحود والتعالي والادعاء وعدم محبة الإنسانية أمام جرثومة صغيرة، فينكشف زيف وعجز الإنسانية وحقارتها، وينكشف الغطاء عن أصلنا وحقيقتنا برمتها، ويتضح بالملموس أن لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم، عدا أنّ سيناريوهات الذعر والخوف التي لا تنتهي لتستمر...وذلك بأن لا شيء يضمن لنا بأن الفيروس لن يطور نفسه فلقد دب الرعب في وسط العلماء لأن الفيروس بات قادراً على الانتقال والعودة.
من هنا الدعوة التليدة للقيم الإنسانية التي طالما نادينا بها في كتاباتنا وعبر هذا المنبر المتميز، ويبقى من أهم ما يُمكن استِخلاصه من هذه الجائحة، هوأنّ قيما عديدة مثل السلم والعدالة والتّعايش، الحوار والتكافل الدّولي، ومراعاة الحقوق المشروعة في العيش الكريم وعلى قدمِ المُساواة، بعيدًا عن أشكال الاستِغلال والتّمييز العُنصري، والدّيني...، كلّها تُشَكِّل أقصر الطّرق للسّلام والتعايش والاستِقرار في العالم، فهل تصل الرّسالة؟ بمعنى آخر مختزل جدا ضرورة مراعاة الإنسانية، لأنه أن تكون إنسانا حقا فلا بد من توافر العضوية، والحياة والتفكير في المبادرات الإيجابية،ولنستبشر خيراً ولا يهمنا الآخر الآن، بقدر ما يهمنا وسطنا الذي بدت فيه مبادرات أصيلة جد إيجابية، وهي فرصة للانطلاق بتفاؤل مع الحفاظ على هويتنا وأصالتنا التي ميزتنا وتميزنا على الدوام، كما أن الحياة هي قيم ومسؤوليات ورعاية، ونحن كمن استهموا الآن على سفينة واحدة في خضم متلاطم الأمواج وسط البحر، تشق طريقها بين الأمواج والأعاصير، وكوننا نروم النجاة جميعا، من هنا التقيد بالتدابير الاحترازية المتخذة لتجاوز الأزمة كاستراتيجية فعالة وإجراء احترازي مجرب والذي أثبت نجاعته وذلك من أجل مقاومة انتشار الفيروس في غياب اللقاح...