تبرعات المغرب العربي لفلسطين..أين تذهب؟
شهدت الأيام القليلة الماضية حالة من الجدال داخل أوساط المجتمع المدني بدول المغرب العربي الثلاث "المغرب والجزائر وتونس " عما أثير عن عدم وجود شفافية مالية فيما يخص التبرعات التي تجمعها الجمعيات والهيئات التابعة لحركة الاخوان المسلمين بهذه الدول ، خاصة وان هذه الجمعيات تذرعت مؤخرا أن التبرعات تذهب لصالح دعم القضية الفلسطينية وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ سنوات، خاصة وان هذه الجمعيات مرتبطة ارتباطا وثيقا بحركة حماس.
فمثلا الجمعيات التابعة للإخوان وحماس في الجزائر وعلى رأسها حركة مجتمع السلم "حمس" قامت خلال العامين الماضيين بجمع تبرعات كبيرة للغاية تحت مسمى دعم فلسطين وهو ما كشفه السفير الفلسطيني السابق لدى الجزائر "لؤي عيسى" حينما تمسك بضرورة ان ترسل التبرعات بالطريقة الشرعية مادامت تحصل من الشعب الجزائري لدعم الفلسطينيين .
ما كشفه السفير السابق بالجزائر الذي انتقل منذ ايام ليكون سفيرا لفلسطين في طاجيكستان يحمل الكثير بين سطوره فوفقا وثيقة مسربة سابقا حمّل السفير الطلبة المبعوثين من حركة فتح إلى الجزائر بارتكاب تجاوزات خطيرة تسببت في توتر العلاقات الفلسطينية - الجزائرية، من بينها التواصل مع خلايا مشبوهة وجمعيات نصب واحتيال بقطاع غزة، تتلقى الدعم والتبرعات من حركة مجتمع السلم التي تتبنى في الغالب مواقف حركة حماس الفلسطينية.
وعلى الرغم من ان عمر هذه الوثيقة التي نشرتها الصحف الجزائرية يتخطى العامين الا ان صداها مازال يدوي داخل الجزائر مع تأكيد بعض المصادر أن هذه الوثيقة كانت السبب في الاطاحة بعيسى من الجزائر بطلب رسمي من حركة مجتمع السلم الموالية لحماس والاخوان.
العلاقة بين حماس وحركة مجتمع السلم واضحة للغاية لا تحتاج لكثير من الشرح، ويعتبر مراقبون ان الجزائر قبلة مهمة لحركة حماس وقادتها فقد زارها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي السابق لحماس وفتحي حماد وزير داخلية حماس والناطق السابق باسم حكومة "حماس" طاهر النونو، وعضو المجلس التشريعيّ عن "حماس" صلاح البردويل.
وجاء موقف الجزائر داعماً لـ"حماس" خلال حرب إسرائيل على غزّة 2008-2009، حين رفضت في يناير من عام 2009 اعتبارها حركة إرهابيّة، فيما طالب المتحدّث باسم "حماس" سامي أبو زهري في مايو من عام 2013، بفتح مكتب رسميّ للحركة في الجزائر، استكمالاً لدعم الجزائر للقضيّة الفلسطينيّة.
أمّا حكومة "حماس" بغزّة فأنشأت في عام 2013 مدرسة باسم الشيخ محفوظ نحناح، وهو مؤسّس حركة مجتمع السلم الجزائريّة.
ورغم ذلك الا ان التبرعات التي تجمعها حركة مجتمع السلم "حمس" لفلسطين دوما ما تكون سببا في جدال في اوساط الجزائريين استنادا لتسريبات تنشرها وسائل الاعلام الجزائرية عن قيادات العمل العام وعن بعض قيادات حركة مجتمع السلم نفسها، فمؤخرا نقلت وسائل الاعلام الجزائرية استياء بعض قادة حركة مجتمع السلم من مصير بعض تبرعات الجزائريين وكل دول المعمورة للشعب الفلسطيني ، متسائلة عن مصير أموال التبرعات وقوافل الإغاثة في غياب مشاريع إنسانية تنموية لمساعدة الفلسطينيين على تخطي أوضاعهم الصعبة.
ونقلت وسائل الاعلام الجزائرية عن مصادر من حركة مجتمع السلم عن تذمرها صراحة من استغلال أموال المساعدات الإنسانية في أمور أخرى، بعضها في شراء القصور والفيلات في بعض دول العالم، خاصة العربية منها.
حركة مجتمع السلم لا تقف وحدها في شأن جمع التبرعات لفلسطين فهناك ايضا جبهة التغيير و حركة تجمع أمل الجزائر، وهناك مؤسسة القدس ، وجمعية العلماء المسلمين “والأمانة الوطنية لفلسطين والقضايا العادلة، و رابطة رجال الأعمال من أجل القدس
ووفقا لمصاد مطلعة فقد تخطت التبرعات التي قدمتها الجمعيات والحركات الجزائرية لفلسطين منذ عام 2017 حتى اللحظة حاجز الـ 45 مليون دولار أمريكي، اضافة الى 7 مليون دولار جمعتها هذه الهيئات من الجزائريين من ابناء المهجر.
ورغم ذلك لا تزال قضية اختفاء 32 مليارا من أموال دعم الجزائريين لغزة سنتي 2010 و2012 ، تثير الكثير من التساؤلات والجدل، وسط صمت السلطات الرسمية عن هذه القضية، وتبادل التهم بين وزارة الشؤون الدينية والهلال الأحمر الجزائري، ما شكل صدمة عنيفة لدى الجزائريين بعدما اكتشفوا أن أموالهم لم تصل إلى غزة، ما عمق الهوة بين المواطنين والسلطات الرسمية فيما يتعلق بكل ما له علاقة بالتبرعات.
وستتفرق أموال الجزائريين على 200 جمعية، منها 150 جمعية تحالفت لجمع التبرعات تحت شعار التحالف الجمعوي لدعم غزة، و50 جمعية وطنية وتنظيمات مستقلة ورسمية على غرار جمعية العلماء المسلمين، خاصة وان هذه التبرعات موزعة على 60 حسابا بنكيا.
الأمر بالنسبة للمغرب لا يختلف كثيرا عن الجزائر فبين الحين والآخر تخرج الجمعيات المغربية بدعوات مكثفة للتبرع لفلسطين والتبرع من أجل دعم القضية الفلسطينية.
ولحماس علاقات وطيدة بحركة التوحيد والاصلاح المغربية "فرع الاخوان بالمغرب" والتي يمثلها سياسيا حزب العدالة والتنمية، والتي يعمل تحت لوائها مئات الجمعيات الصغيرة التي تجمع التبرعات باسم فلسطين.
ويعتبر 29 نوفمبر من كل عام بمثابة اليوم الأبرز التي تجمع في هذه الجمعيات والهيئات أموالا طائلة خاصة وانه يوافق اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وفي هذا اليوم تنشط الجمعيات الخيرية والهيئات المختلفة في دعوة المغاربة للتبرع من اجل فلسطين.
المثير أن هذه الجمعيات تربطها علاقات مباشرة مع حركة حماس، وعلى رأس هذه الجمعيات تأتي الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، وهناك أيضا الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب، و المبادرة المغربية للدعم والنصرة.
وفي تونس مع سيطرة حركة النهضة الاخوانية التي تدين بالولاء للاخوان وحركة حماس على مقاليد الامور بعد الثورة التونسية ، أطلقت حركة النهضة العديد من الجمعيات والهيئات التي تعمل على جمع التبرعات لدعم الشعب الفلسطيني.
ويأتي على رأس هذه الجمعيات "الإسلام يجمعنا" و"صفاقس الخيرية" و"رابطة العمل الخيري"، و"الإنصاف والعدالة "، وجمعية قطر الخيرية
ووفقا لمعلومات من مصادر مقربة من النهضة في تونس ففي آخر عام استطاعت الجمعيات التابعة للنهضة من جمع تبرعات تبلغ 75 مليون دينار تونسي وهو ما يقرب من 25 مليون دولار أمريكي لصالح القضية الفلسطينية.
من جانبه يؤكد ابراهيم ربيع القيادي الاخواني السابق واحد اهم المسؤولين عن عمليات التجنيد أن لجنة الاغاثة باتحاد الاطباء العرب في تعمل في معظم بلدان المغرب العربي والشمال الافريقي على جمع الملايين سنويا تحت لافتة التبرع لفلسطين.
واشار ربيع الى ان الاشكالية الكبرى في مسالة التبرع لفلسطين من جانب الجمعيات والهيئات التابعة لحماس تكمن في عدم قدرة اي نظام تتبع هذه التبرعات وحجمها خاصة وان هذه الهيئات والجمعيات تقوم بالتصرف في هذه التبرعات وفقا لاهوائها ووفقا للتوجيهات التي يصدرها التنظيم الدولي في الاخوان.
واكد ربيع ان جزء كبير من هذه التبرعات يذهب لدعم اقتصاد الاخوان وتقويته فبعضه يتم المضاربة به في البورصات العالمية ، اضافة الى االنفاق على 32 شركة اقامتها الجماعة لاستثمار اموال التبرعات والاشتراكات الشهرية التي يدفعها اعضاء الجماعة.
وقال ربيع في تصريحات خاصة ان حماس كونها جزء لا يتجزأ من تنظيم الاخوان تتبع نفس النهج ايضا فيما يخص اقتصادياتها بل ان التبرعات التي تقدمها الشعوب العربية للشعب الفلسطيني جزا كبير منها لا يذهب للفلسطينيين بل يتم السيطرة عليه واستثماره من جانب القادة.