حماس في لبنان .. رفاق هنية يسيطرون على القرار اللبناني
مازال التواجد الحمساوي داخل لبنان يسبب قلقا كبيرا من جانب بعض اللبنانيين الذين يرون أن قيادات حماس لا تكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للبنان ومحاولة التأثير على قراراتها وتوجهاتها، بل زاد الامر عن ذلك الحد عندما اشتعلت الاحتجاجات اللبنانية أواخر العام الماضي واشارت اصابع الاتهام الى دور حركة حماس بلبنان في زيادة اشعال فتيل الازمة.
ومع بداية العام الجاري بدأت قيادات حركة حماس في تكثيف زياراتها إلى المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان وهو ما ربطه البعض بالتجهيز للانتخابات الداخلية للحركة، رغم ان هذه الزيارات على ما يبدو كان لها اغراض أخرى.
وكان ابرز قادة حماس الذين زاروا لبنان ماهر صلاح رئيس الحركة في الخارج ، اضافة الى محمود الزهار رئيس كتلة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني.
ووفقا للمصادر فان زيارة صلاح والزهار كان الهدف المعلن لها الاطمئنان على الاحوال المعيشية للفلسطينيين بمخيمات لبنان، الا انها اشتملت على لقاءات اجراها الثنائي مع قادة حزب الله وبعض الفاعلين في المشهد السياسي اللبناني.
جاءت كذلك هذه الزيارات وسط تاكيدات على قيام حماس بتعزيز التعاون العسكري بينها وبين حزب الله اللبناني وأنها تحولت إلى جزء من العمليات الدولية العابرة للحدود والتي تمر عبر تركيا مرورا بلبنان وسوريا وتنتهي في ايران.
وكانت وسائل اعلام عالمية عديدة افردت مساحات واسعة في اواخر عام 2018 عما اسمته بالخطة الاستراتيجية التي بلورتها حركة حماس في السنوات الاخيرة في لبنان والتي تهدف الى بناء قدرات عسكرية بامكانها اطلاق الاف الصواريخ وربما ارسال طائرات مسيرة من لبنان لضرب اهداف اسرائيلية.
وقتها تخوف مسؤولون لبنانيون من ان تنفيذ هذه الخطة من شأنه أن يجر لبنان وحتى “حزب الله” الى حرب مع اسرائيل لا يرغب أي من الاطراف بدخولها في هذا الوقت.
وفقا للمصادر فالنشاط العسكري الحمساوي خارج الاراضي الفلسطينية ليس بالجديد، حيث أنه بدأ مع انشاء الحركة وهدف الى توفير الدعم العسكري لمقاتليها في قطاع غزة من خبرات واحتياحات عسكرية وأسلحة، لافتة الى أنه ظهر الى الملأ وللمرة الأولى حجم النشاط السري لما يسمى مكتب الأشغال التابعة لحركة “حماس” وطريقة بناء منظومة صناعة الصواريخ التابعة لـ”حماس” في لبنان وحجم المواد الأولية والمعدات التي تم اقتناؤها في السنوات الأخيرة مثل الخلاطات الكوكبية وكميات هائلة من مادة بيركلورات الامونيوم، ما يؤكد التقدم الهائل الذي أحرزته الحركة في المجال الكيماوي الذي يمكنها من انتاج مركبات مثل الوقود والرؤوس المتفجرة للصواريخ، كما تبين أن منظومة الانتاج وتطوير الصواريخ تعمل في ورشات ومعامل اقامتها الحركة في لبنان من دون علم السلطات اللبنانية او “حزب الله.
ادارة مكتب الأشغال تمثل الذراع العسكري لكتائب “عز الدين القسام” في الخارج، حيث ينشط العاملون في اطارها بشكل سري في عدد من الدول ويتعاملون مع المواضيع الحساسة التي ترغب قيادة “حماس” بإخفاءها عن عيون واذان الدول التي تستضيفها، وأغلب عناصر مكتب الاشغال هم من نشطاء “حماس” الفلسطينيين الذين يمتلكون جنسيات أخرى وكذلك مواطني دول أخرى ونشطاء متفرغين في الحركة بعضهم من أصل عراقي، وأنشئت ادارة مكتب الأشغال في العقد الماضي في سوريا إلى حين بدأت الثورة التي أجبرت الحركة على مغادرة سورية الى دول أخرى حيث أقام كبار مدراء المكتب بينهم ماجد خضر في تركيا وأعادوا بناء ادارة مكتب الأشغال هناك بينما توزع باقي عناصر المكتب في دول الشرق الأوسط.
وتم وقتها الكشف عن هوية وصور عدد من كبار عناصر مكتب الأشغال وهم رئيس المكتب المقيم في تركيا ماجد خضر ورئيس المكتب السابق المقيم في تركيا ناصر ملوح، وحمد الطموني مساعد ماجد خضر ومقيم هو الاخر في تركيا، ووليم ابو شنب المقيم في لبنان.
الخطة السرية لتنفيذ هجوم نوعي ضد أهداف اسرائيلية انطلاقا من لبنان تم بلورتها من قبل ماجد خضر وعناصره قبل سنوات عدة بتوجيهات من قيادة “حماس” وهذه الخطة تنبع من فكرة اقامة قوة عسكرية فلسطينية في لبنان تسعى “حماس” الى تجنيدها من بين صفوف سكان المخيمات الفلسطينية وعناصر بعض الفصائل الفلسطينية العاملة فيها حيث يقدر أن هذه القوة سوف تشتمل على بضعة الاف من المقاتلين الموالين للحركة.
وفي ديسمبر عام 2018 نشر موقع "مونيتور" الأميركي تقريراً عن "انشغال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، بتعزيز وجود الحركة في لبنان وتوطيد العلاقات مع "حزب الله"، منطلقاً من اتهام وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الحركة بالعمل على تطوير بنية تحتية في جنوب لبنان"، ومحذّراً من قدرة "حماس" على جر لبنان إلى مواجهة مع إسرائيل.
واجرى"العاروري" تغييرات في مفاهيم قيادة "حماس" الاستراتيجية، وذلك بعد لقائه بكبير مستشاري رئيس البرلمان الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ورئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علي لاريجاني، ومسؤول العلاقات الدولية في الحركة أسامة حمدان، وممثلها السابق في لبنان علي بركة.
وحذّر الموقع من "قدرة "حماس" على جر لبنان إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، وذلك إذا ما اضطر قادتها إلى خوض مواجهة مع تل أبيب أو شعروا أنّ سيطرتهم على غزة مهددة.
زيارة العاروري للبنان ومحاولته تنفيذ مخططه جاءت بعد محاولة اغتيال القيادي الحمساوي محمد حمدان "أبو حمزة"، في لبنان بسبب محاولة الحركة إقامة قاعدة عسكرية، جنوبي لبنان، وتسببت خطة حماس في تحريك جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، كما أغضبت "حزب الله" الذي لم يكن على علم بهذا المخطط.
وذكرت صحفية "معاريف"، في تقرير موسع لها، أن محاولة اغتيال محمد حمدان "أبو حمزة"، شقيق القيادي في حركة "حماس" أسامه حمدان بتفجير سيارته في صيدا كشف عن المخطط.
ووفقا للخبراء فالمخطط الحمساوي كان يقضي لدفع حزب الله للدخول في حرب مع اسرائيل.
وبالعودة الى شهر مايو الماضي عادت الاحتجاجات في الشوارع اللبنانية من جديد في مناطق متفرقة من البلاد لكنّ التركيز الأكبر للمحتجّين هذه المرّة عُرف في طرابلس الشمالية، حيث خرج آلاف للتظاهر تعبيراً عن غضبهم من إجراءات الحكومة الأخيرة، وأصيب العشرات أثناء المواجهات الأخيرة بين قوّات الجيش والمحتجّين الغاضبين أدّت لوفاة شاب يُدعى فواز السمان، ولم تكن الاحتجاجات هذه المرّة سلميّة، فقد سُجّلت حالات تخريب لمنشآت عامّة أهمّها البنوك وخاصّة المصارف الآلية وفروع المصارف المركزية في مناطق مختلفة من صيدا وبيروت.
وقتها نقلت وسائل اعلام لبنانية عديدة عن شهود عيان ومتابعين للوضع المستجدّ في لبنان، انتشار كبير للفلسطينيين خاصة التابعين لحركة حماس في صفوف المتظاهرين.
الباحث عزيز المصري أكد أنه يمكن اعتبار التواجد الحمساوي في المخيمات الفلسطينية في لبنان حديث العهد، وهو مرتبط بشكل أساسي بعلاقاتها مع دول ما تُعرف بمحور المقاومة والممانعة متمثلة في سوريا وحزب الله في لبنان وإيران، وقد تعزز التواجد السياسي والعسكري لحماس في لبنان في 2005، بعد سيطرة حزب الله على الدولة اللبنانية، وساعد في هذا التواجد رغبة سوريا ولبنان في استخدام ورقة حماس كحركة مقاومة في علاقاتهم السياسية وكورقة مناورة مع الإدارة الأمريكية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.
ووفقا للمصري فحماس بدأت اللعب على التناقضات في المخيمات الفلسطينية بدعمها ومساندتها لجماعة بلال بدر الإرهابية، والتي عاثت في المخيمات فساداً، وتحديداً في مخيم عين الحلوة، كما أن الهدف الحمساوي من محاولة السيطرة على مخيمات الفلسطينيين في لبنان، هو السيطرة على ساحة إرث ياسر عرفات، فكسب معركة المخيمات لصالح حماس، يعزز حضورها المعنوي في نفوس اللاجئين التوّاقين إلى من يتبناهم سياسياً، وهذا ما عجزت حماس عن تطبيقه.
ويؤكد المصري أن حماس أصبحت تنفذ أجندة حزب الله وإيران في لبنان، وإن كان بشكل قليل وتحت أعين حزب الله.
أما عن أزمة “سلاح حماس” في لبنان فتسبب في وجود الكثير من لعل أبرزها وأدقها تداعيات استخدام هذا السلاح على الساحة الداخلية اللبنانية اثناء الاحتجاجات.
وتشير عدد من التقارير الصحفية إلى أن عدد من القيادات السياسية اللبنانية متوجسة ومستاءة من تضاعف حدة الأزمات التي يسببها هذا السلاح ، سواء للبنان أو قيادته السياسية ، خاصة وأن الأزمة لم تتوقف فقط عند حد التلويح باستخدام هذا السلاح في تحقيق ما أسموه بالكثير من الأهداف الاستراتيجية الخاصة بهم ، ولكن أيضا وصل الأمر إلى التهديد باستخدام هذا السلاح لحماية منظمات وأهداف داخلية في لبنان ، الأمر الذي يعكس خطورة هذا التهديد على الاستقرار اللبناني.
المفكر البارز أكرم عطالله تحدث عن السلاح الحمساوي في لبنان واشار الى انه كان هناك طرح من الدولة اللبنانية حول نزع سلاح حماس ولكن وجود حزب الله في أروقة الدولة اللبنانية حال دون إتمام هذه الفكرة.
وبعيدا عن السلاح الحمساوي في لبنان ، فبعد استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من منصبه في أواخر العام الماضي بدأ الاقتصاد اللبناني في الانهيار واشارت اصابع الاتهام وقتها الى ضلوع حماس في هذا الانهيار ومشاركتها فيه
ومع متابعة التصريحات التي اطلقها مسؤولي حركة حماس فيما يتعلق بشكل أو صورة العلاقة مع المسؤولين اللبنانيين ، يتضح حجم التباين والخلاف السياسي بين الفريقين ، حيث قال الدكتور احمد عبد الهادي مسؤول حركة حماس في لبنان في حوار مع صحيفة الديار اللبنانية أن الموقف الفلسطيني من وزير العمل هو موقف سلبي، لأنه ما زال عملياً يتحدى الشعب الفلسطيني وما زال في كل تصريحاته منذ اللحظة الأولى حتى الآن يعلن أنه ماضٍ في تطبيق قانون العمل رغم دعوة رئيس المجلس النيابي له أن يتوقف عن الإعلان أنه ماضٍ في تنفيذ القانون، وأن يعلن بأنه توقف عن الإجراءات المتعلقة بملاحقة العامل الفلسطيني.
واشارت تقارير صحفية وقتها ان حماس تعمل على استنزاف الاقتصاد اللبناني
ومنذ استقالة الحريري وتصاعد الاوضاع بدأ قادة حماس في لبنان وعلى راسهم الدكتور احمد عبدالهادي في الضغط على المسؤولين اللبنانيين لتحقيق اكبر مكاسب ممكنة لاعضاء الجماعة المقيمين في المخيمات بغض النظر عن الوضع اللبناني الاقتصادي المتازم ، وكل هذه الضغوط تتم تحت نظر حزب الله اللبناني.
باختصار شديد يمكن القول أن الوجود الحمساوي في لبنان اصبح يمثل قنبلة موقوتة ، خاصة في ظل الازمات التي يعاني منها لبنان.