عزف وراء راقصة وهذه نقطة التحول الكبرى في حياته.. تفاصيل صادمة عن حياة مصطفى محمود | صور
كان صوتا ينتظره المصريون في برنامجه الشهير “العلم والإيمان” ليأخذهم في رحلة نحو عظمة الكون وإبداع الخالق، يسرح بهم في رحلة نورانية وروحانية نحو الصفاء والنقاء والتأمل والتدبر والتفكير في الله وملكوته.
كانوا يعتبرونه صوفيا زاهدا وعالما مستنيرا وفيلسوفا مبدعا وطبيبا يأسر القلوب ومفكرا يستلب العقول بشرحه السليم ومنطقه القوي وحجته الدامغة وغزارة علمه ومعلوماته.
ولد مصطفى محمود في 27 ديسمبر 1921 في شبين الكوم بمحافظة المنوفية بدلتا مصر وكان له شقيق توأم توفي وبقي مصطفى على قيد الحياة ورحل عن دنيانا في مثل هذا اليوم 31 أكتوبر عام 2009. بعد رحلة علاج استمرت عدة شهور عن عمر ناهز 88 عاما.
اسمه بالكامل مصطفى كمال محمود حسين محفوظ درس الطب وتخرج في الجامعة عام 1953 ويحكي في مذكراته التي نشرت صحف مصرية بعضا منها أنه أثناء دراسته الجامعية عشق العزف على الناي ويقول “لقد شاء القدر أن أتعرف على عبدالعزيز الكمنجاتي والراقصة فتحية سوست، وكانا أصحاب فرقة لإحياء الأفراح والطهور واتفقا معي أن أنضم لفرقتهما ووافقت دون مقابل مادي وهذا ما أثار دهشتهما، لكني قلت لهما أنا أهوى العزف فقط ولا أنوي احترافه”.
ويضيف قائلاً “لقد انزعجت والدتي من عشق ابنها للناي خاصة بعد تكرار مجيء الأسطى عبدالعزيز لمنزل العائلة ولسانه يردد لها عبارة واحدة يختلف فيها اسم المكان الذي يشير إليه لحضور مصطفي للحفل سواء في درب البغالة أو في الأنفوشي أو في السيدة، ولذلك كانت الوالدة تعنفه بشده وتغضب لما يقوم به ابنها”.
اعترف المفكر الراحل في مذكراته أيضا بتناوله للخمر قائلا إنه فعل ذلك مع أصدقائه على سبيل التجربة، لأنه كان فى ذلك الوقت فى مرحلة الشك، وتجربة الأشياء، وشعر بعد تناول الخمر أنها ليس لها طعم أو مذاق بل كانت تثقل جسده ومن هنا كره الخمور ولم يذقها بعد ذلك مطلقا.
عاش مصطفى محمود في قريته بالمنوفية بجوار مسجد المحطة الذي يعد أحد مزارات الصوفية الشهيرة في مصر مما ترك أثره الواضح على أفكاره وتوجهاته وكان متفوقا في دراسته ويجادل أساتذته حتى ضربه مدرس اللغة العربية فغضب وانقطع عن الدراسة لمدة ثلاث سنوات إلى أن ترك المدرس المدرسة فعاد مصطفى محمود لمواصلة الدراسة.
منذ كان طالبا فى المرحلة الثانوية كانت هوايته عشق الفن وعزف العود والناى ،وبالرغم من دراسته للطب إلا أنه اعتزله وتفرغ للتأمل والادب والفكر والفلسفة هو الدكتور العلامة والفيلسوف الصوفى الزاهد مصطفى محمود الذى رحل فى مثل هذا اليوم 31 أكتوبر عام 2009 .
وكان يقول (أنا أهوى الفن ولا أنوى احترافه ) وكانت أول تجربة له خلف راقصة من شارع محمد على اسمها فتحية سوست وتقابل هناك مع الموسيقار محمد عبد الوهاب لأول مرة ، إلا أن شقيقه الاكبر رأه يعزف خلف الراقصة فمنعه من العزف والغناء واختار له دخول كلية الطب .
فرح مصطفى محمود بدراسة الطب وسعد بها لتحقيق حلمه فى دراسة الكون والعلوم ووقع فى غرام علم التشريح فى أول سنتين فى الكلية فكان اول من يدخل المشرحة وآخر من يخرج منها حتى اطلق عليه زملاؤه المشرحجى .
غرق فى التأملات منذ صغره وكانت الجثث حشرات او حيوانات او انسان محل تأمله فى الكلية فبحث عن الانسان بداخلها وكان يحتفظ بعدد منها فى منزله يسهر على دراستها يحفظها فى مادة الفورمالين التى اثرت على صدره فأصيب بمرض صدرى لازمه طوال حياته .
ترك الطب نهائيا لكنه كان عضوا بنقابة الاطباء الى ان اصدر عبد الناصر قرارا بمنع الجمع بين وظيفتين فاختار الكتابة فى الصحافة وترك الطب نهائيا .
وعن علاقته بعبد الوهاب يقول :توطدت علاقتى بعبد الوهاب عندما كتبت عدة مقالات فى مجلة صباح الخير عن تحليل الاصوات الموسيقية فاتصل بى ثم استمرت علاقتنا.
ويتابع: كان يقول لى (لو لم تكن فيلسوفا لكنت مطربا عظيما فتمتلك حنجرة ذهبية ) وأصبح بعدها يأخذ رأيى فى الاصوات التى يقدمها حيث يجمعنى به حب الفن والعود، وهو كان غير مصدق عندما حدث هذا التغيير فى حياتى عندما اتجهت الى الله وكان يقول لى (انت مش كنت الراجل بتاعنا تركتنا ليه فى جهنم ودخلت انت الجنة ) وأنا اعتبر ما قدمه عبدالوهاب للفن شئ عظيم .
كانت علاقة الدكتور مصطفى محمود قوية بالوسط الفنى والصحفى والادبى وكان صديقا لإحسان عبد القدوس وكامل الشناوى وأحمد رجب ومصطفى حسين وكان يرى فى الاديب نجيب محفوظ عاصمة الادب الذى تفوح من رواياته عبق مصر القديمة وشوارعها وازقتها فالقارئ يشم رائحة العطارة وهو يقرا رواياته المستوحاة من احياء الجمالية والحسين والعباسية القديمة .
له ميدان باسمه في محافظة الجيزة حيث يضم مسجدا أسسه عام 1979 تحت اسم مسجد مصطفى محمود، بالإضافة لمركز طبي لعلاج غير القادرين ومرصد فلكي، ومتحف للجيولوجيا.
ومن المعلومات التي ربما لا يعرفها إلا القليلون أن الرئيس السادات عرض على الدكتور مصطفى محمود تشكيل الوزارة ولكنه رفض وقال للرئيس لقد فشلت في إدارة أصغر مؤسسة وهي الأسرة وقمت بتطليق زوجتي فكيف أنجح في إدارة وزارة كاملة.
تعود شهرة المفكر الراحل إلى برنامجه العلم والإيمان، الذي قدم منه على شاشة التلفزيون المصري 400 حلقة، وأصبح أشهر البرامج التلفزيونية وأوسعها انتشارا.