«بس ده ابني يا عمر!».. حكاية غضب جمال من عمر سليمان وتدخل مبارك بمكالمة حاسمة
قبل يوم من التنحي، ظهر مبارك ليقول كلمته الأخيرة، حينها قال إنه سيُحاسب الذين أجرموا في حق شباب ثورة 25 يناير، وأنه مقتنع بصدق نوايا المتظاهرين، ولن يترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، غير أن ذلك الحديث لم يكُن كافيًا لمن قضوا 18 ليلة في ميدان التحرير مطالبين بالرحيل، وكان رد فعلهم هو رفض ما جاء في حديث رئيس الجمهورية حينها.
بعد ذلك بيوم واحد ظهر عمر سليمان، والذي شغل نائب لرئيس الجمهورية في 29 يناير 2011، ليُعلن تخلي مبارك عن سدة الحكم. بضع كلمات على لسانه غيرت مجرى التاريخ المصري الحديث، ولمعت من نجمه حين خرج ليعلن بأسف: "قرر الرئيس محمد حسني مبارك، تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بإدارة شؤون البلاد".
اللواء عمر سليمان اسم حفر في ذاكرة المصريين وتعلقت به القلوب رغم انخراطه في العمل السياسي لأيام معدودة، بعدما خرج من دور رجل الظل كرئيس لجهاز المخابرات العامة إلى نائب لرئيس الجمهورية محمد حسني مباك خلال ثورة 25 يناير.
وفي كتابه «الصندوق الأسود عمر سليمان»، يروي الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، قصة جديدة عن رفض سليمان لتوريث السلطة لجمال مبارك، وكواليس حدثت بينها وبينه.
يقول بكري: "فى عام 2009، طلب جمال مبارك من والده أن يتصل باللواء عمر سليمان ويطلب منه أن يطلعه على عمل جهاز المخابرات العامة، وأقسامه المختلفة، ودوره المعلن، ودوره الخفى.. رحب «مبارك» بالفكرة، واتصل بعمر سليمان لاستقبال جمال مبارك".
وأضاف أنه عندما وصل جمال مبارك إلى مبنى المخابرات العامة بحدائق القبة، استرعى انتباهه أن عمر سليمان لم يهبط من مكتبه ليكون فى استقباله، كان هناك ضابط برتبة عميد هو الذى اصطحب جمال إلى مكتب اللواء عمر سليمان فى الدور الثانى.
جلس عمر سليمان مع جمال مبارك، ثم استدعى عددًا من ضباط الجهاز، تحدثوا معه حول دور الجهاز، وتاريخ نشأته، ودوره الذى يحدده القانون والدستور، وبعد أن انتهى اللقاء ودعه عمر سليمان عند باب الأسانسير، بحسب بكري.
وقال: "كتم جمال مبارك غيظه، وعندما وصل إلى القصر الرئاسى، اشتكى لوالده من أنه عومل بطريقة سيئة، وأن المعلومات التى عرفها عن الجهاز كان يمكن أن يحصل عليها من الإنترنت، وأنه نادم على هذه الزيارة، وأنه يطلب حقه من عمر سليمان".
وأضاف: "وعلى الفور قام الرئيس مبارك بالاتصال بعمر سليمان فى وجود نجله جمال وقال له: «ليه مزعل جمال يا عمر؟!»".
ـ رد عمر سليمان: «خير يا فندم».
قال مبارك: «جاى زعلان وبيقول إنه لم يستفد شيئًا، وأن كل المعلومات اللى عرفها موجودة على الإنترنت».
قال عمر سليمان: سيادة الرئيس، أنت تعرف أن عمل الجهاز يتميز بالسرية الكاملة، وأن هذه أمانة أقسمنا عليها، وجمال ليس من أفراد الجهاز.
قال مبارك: «أيوه بس ده ابنى يا عمر».
قال عمر سليمان: يا فندم، أنا تحت أمرك، حضرتك تستطيع أن ترسل إلىّ خطابًا من الرئاسة، وأنا أقوم بذلك.
قال مبارك: «لا.. لا.. خطاب إيه، أنا مش ممكن أخرق سرية الجهاز، ده أمن قومى للبلد، شوف أنا حتكلم مع جمال وأفهمه الموضوع».
وجه عمر سليمان شكره إلى الرئيس، إلا أن جمال لم ينس هذا الموقف، وسعى إلى عزل عمر سليمان عن كثير من القرارات، خاصة أن جمال كان فى هذا الوقت يتولى عمليًا موقع مدير مكتب الرئيس، بعد أن استطاع تهميش دور اللواء جمال عبدالعزيز الذى رافق الرئيس مبارك على مدى سنوات طوال.
لواء أركان حرب عمر محمود سليمان من مواليد محافظة قنا. ظل يشغل منصب رئيس المخابرات العامة حتى تم تعيينه نائباً لرئيس الجمهورية في 29 يناير 2011 وحتى 11 فبراير 2011 خلال أحداث ثورة 25 يناير.