سر السيارة المصفحة.. حكاية الموقف الذي لم ينساه مبارك لعمر سليمان
طوال سنوات تولي اللواء عمر سليمان رئاسة جهاز المخابرات العامة، ثم الأيام القليلة التي أصبح فيها نائبًا لرئيس الجمهورية أبان ثورة 25 يناير 2011 ظل الغموض يحيط بشخصه، فاقتصر ظهوره الإعلامي على مجموعة من الصور يظهر فيها بوجه جامد نادرًا ما ارتسمت عليه ابتسامة، وله الكثير من المواقف التي لا تنسى مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
ومن هذه المواقف ما تحدث عنه الإعلامي مصطفى بكري في كتابه الصندوق الأسود، وكشف عن سر السيارة المصفحة التي اصطحبها عمر سليمان معه من القاهرة إلى أديس أبابا عاصمة إثيوبيا لتأمين الرئيس مبارك أثناء زيارته إلى هناك.
وتناولت إحدى الرسائل الإلكترونية التي نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية للوزيرة السابقة هيلاري كلينتون، رؤية الاستخبارات الأمريكية للوضع في مصر إبان الأيام الأولى لثورة 25 يناير، وتحليل الوضع الذي كان ساخنًا للغاية، لتكشف عن جانب من كواليس العلاقة بين الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ومدير المخابرات العامة عمر سليمان.
وأضافت الرسالة أن عمر سليمان، مدير الاستخبارات العامة المصرية الأسبق، سقط من حسابات مبارك في خريف 2010 "لسبب غير معروف، ربما بسبب طموح (ابنه) جمال".
وفي كتاب «الصندوق الأسود عمر سليمان»، للكاتب الصحفى مصطفى بكرى، يتحدث عن علاقة الرجلين، وقال إنه عندما اختار مبارك سليمان مديرًا للمخابرات العامة فى 4 مارس 1991، جاء الرجل محملاً بتاريخ طويل فى المؤسسة العسكرية، كان آخر حلقاته رئاسة جهاز المخابرات الحربية.
وروى قصة عنه قائلا: "نشرت صورة فى فترة التسعينيات، فاتصل بى مسؤول كبير فى جهاز المخابرات، وقال لى: "الوزير عمر يترجاك ألا تنشر له أي صور شخصية".
وتابع: "كان صامتًا فى أغلب الأحيان، ملامحه الصعيدية الجامدة كانت تمنحه هيبة كبيرة فى جميع الأوساط، كان ملمًا بالأوضاع ومحللاً عميقًا للأحداث".
وكان «مبارك» يثق كثيرًا فى عمر سليمان، ويقدر صراحته ووضوحه، وهو لم ينس له دوره فى إنقاذه من محاولة الاغتيال فى أديس أبابا، عندما أصر على إرسال سيارة الرئيس المدرعة إلى أديس أبابا لحضور القمة الأفريقية، وأن يبقى الحرس الرئاسى بسلاحه كاملاً، وأن يظل طاقم الرئاسة داخل الطائرة على أهبة الاستعداد.
وبعد محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، صعد نجم عمر سليمان الذي كان معه في السيارة أثناء إطلاق الرصاص على الموكب الرئاسي.
وفي منتصف 2017، أصدر الدبلوماسي المُخضرم عمرو موسى مذكراته الشخصية (الجزء الأول) تحت عنوان "كتابيه"، وهو عنوان مأخوذ من الآية القرآنية 19 من سورة الحاقة "فأَمّا من أُوتِىَ كِتابَهُ بيَمينهِ فَيقولُ هَاؤمُ اقرَءُوا كِتَابيَه"، وصدرت عن دار الشروق في القاهرة، وتأتي المذكرات في جزئها الأول لتشمل الفترة منذ مولده سنة 1936 إلى نهاية عمله وزيراً للخارجية المصرية في 2001، وهي الفترة التي تشمل النظام الملكي والجمهوري، أيّ أنه شاهِد على عصور ملك وثلاثة رؤساء عبد الناصر والسادات وحسني مبارك، والمفترض في الجزءين الثاني والثالث أن يسرد موقفه كأمين عام للجامعة العربية، وموقفه من الثورات العربية.
لم تخل المذكرات من تسجيل رواية عمرو موسى عن محاولة اغتيال مبارك فى أديس أبابا؛ حيث تحدث عنها قائلا: كان اغتيال الرئيس أنور السادات منطلقا لتقرير الأمن بوصفه سياسة قبل أن يكون ممارسة وإجراءات، ولا شك أن مبارك فى هذه الظروف لم تغب عنه التهديدات المحتملة لشخصه وبدأ وربما بناء على نصيحة من حوله يضع أمنه الشخصى فوق كل اعتبار، لاسيما فى التسعينيات التى عرفت فيها مصر موجة من الإرهاب.
ويمضى مفصلا ما جرى: من ضمن القمم (الإفريقية) التى جاء الدور على مبارك لحضورها، تلك القمة التى انعقدت فى العاصمة الإثيوبية «أديس أبابا» يوم 25 يونيو سنة 1995م. تقرر أن يصل إلى القمة فى نفس يوم انعقادها، على أن يغادر فى نفس اليوم أيضا، سافرت بصفتى وزيرا للخارجية لحضور الاجتماعات التحضيرية للقمة قبل وصوله بعدة أيام.
تحرك الموكب من المطار إلى مقر انعقاد القمة و كانت سيارة للحرس فى مقدمة الموكب، ثم سيارة الرئيس (التى حرص مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان على اصطحابها مصفحة من القاهرة)، وخلفها سيارتى التى خصصتها لى السلطات الإثيوبية، وكانت سيارة «مرسيدس» ذات صالون كبير، وخصصت المخابرات الإثيوبية سيارة للواء سليمان وكانت خلف سيارتى بحكم البروتوكول، وباقى الوفد المصرى استقلوا أتوبيسات عادية، وهو ما تسبب فى امتعاضهم