دراسة تكشف دلالات هامة ونجاحات لزيارة الرئيس السيسي إلى جنوب السودان
زيارة هامة أجراها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى دولة جنوب السودان يوم السبت 28 نوفمبر 2020،والتي تعد هذه الزيارة هي الأولى من نوعها لرئيس مصري يزور جنوب السودان بعد الاستقلال عام 2011.
دراسة أعدها مركز فاروس للدراسات الإفريقية، أن زيارة الرئيس السيسي تأتي في سياق مختلف قد يعاني من اضطراب سياسي معين، إلا أن السياق عموما يغلبه اتساع الأفق لتحقيق التمنية والنمو والاستقرار سواء في جنوب السودان أو السودان، فالزيارة تأتي بعد أيام قليلة من اختتام مناروات نسور النيل الجوية بين مصر والسودان، وشهر تقريبا من رفع اسم السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب الأمر الذي أدى إلى انفتاح دولي كبير على الخرطوم وكسر حالة العزلة السياسية عن البلاد.
وأضافت الدراسة : تأتي الزيارة الأخيرة في سياق داعم وراغب في تحقيق الاستقرار السياسي والأمني في منطقة عانت لعقود طويلة من الاقتتال والحروب الدموية خاصة بعد التوقيع على اتفاق السلام المنشط (خريف 2019) الـمُنهي لحالة الاقتتال الأهلي بين مكونات مجتمع جنوب السودان، وكان لمصر دور ملحوظ في دعم هذا الاتفاق، كما تأتي الاتفاقية بعد شهر تقريبًا من توقيع اتفاق جوبا للسلام بين الحكومة الانتقالية في الخرطوم وبين الفصائل المسلحة «الجبهة الثورية» لتمهد الطريق أمام مرحلة انتقالية ناجحة في السودان.
وتحمل الزيارة الأخيرة طموحات اقتصادية وآفاق استثمارية واسعة بين البلدين، فحجم التعاون الاقتصادي والفني بين البلدين يبشر بتنامٍ مطرد في العلاقات بين الجانبين خلال الفترة القادمة، وأن جنوب السودان ستكون بوابة مصر للانفتاح على القارة الأفريقية، وفيما يلي سيتم إبراز دلالات زيارة السيسي لجوبا في هذا التوقيت:
وتابعت الدراسة انه غلب الجانب الاقتصادي والتنموي على زيارة الرئيس السيسي لجوبا؛ إذ سعى الطرفان إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والتجارية والاقتصادية، فالزيارة تأتي بعد التوقيع على مذكرة تفاهم مشترك بين الطرفين في مجال الطيران المدني، وذلك يوم 5 نوفمبر 2020، وذلك لتفعيل النقل الجوي بين البلدين ونقل الخبرات المصرية في مجال الطيران إلى جنوب السودان.
ونجحت القاهرة وجوبا في التوصل إلى رؤية مشتركة في مسألة الاستفادة من موارد مياه النيل، إذ يجب أن يكون النيل مصدرًا للتعاون والتنمية بين شعوب دول حوض النيل، كما أكد الرئيسان السيسي وسيلفا كير على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة.
وفي سبيل الوصول إلى توافق مصري جنوب سوداني في مسألة ملء وتشغيل سد النهضة، لجأت مصر خلال السنوات الماضية في دعم المشاريع المائية في جنوب السودان وتحقيق أكبر استفادة لشعب جنوب السودان من موارد مياه النيل، فعلى سبيل المثال لا الحصر إنشاء المزارع النموذجية بولاية غرب بحر الغزال، وإنشاء السدود الخاصة بتجميع مياه الأمطار وتطهير المجاري المائية بنهري السوباط وبحر الغزال ومنع تراكم الطمي والحشائش بهما مما يؤهل المجاري المائية لجنوب السودان لتكون قادرة على إفادة شعب جنوب السودان، فضلا عن تطوير محطات قياس المناسيب وغيرها.
كما وقع البلدين على اتفاقيات تدريبية لتأهيل العاملين في المنشآت المائية، وفي عام 2013 تم التوقيع على اتفاقيات مشتركة لإنشاء مرسى نهري في ولاية الوحدة لربطها بولاية غرب بحر الغزال ملاحيا بقيمة 7.2 مليون دولار، فضلا عن إنشاء العديد من محطات تنقية المياه.
وأوضحت الدراسة ان الوجود المصري الملموس في جنوب السودان من شأنه تعزيز الأمن القومي المصري، خاصة أن جنوب السودان ضمن دول حضو النيل وأحد دول المنابع، كما أنها قريبة للغاية سواء من بحيرة فيكتوريا المصدر الثانوي لمياه النيل، وقريبة للغاية من سد النهضة مثار الأزمة بين مصر وإثيوبيا.
ونتيجة الموقع الجغرافي لجنوب السودان تناثرت العديد من الأقاويل خلال الفترة الماضية وتحديدا في مايو 2020 عن احتمالية إقامة قواعد مصرية في جنوب السودان، وخلال الزيارة الأخيرة أيضا تصاعدت تلك الأقاويل خاصة أنها أتت بعد أيام من اختتام مناورات نسور النيل بين مصر والسودان.