30 آية أوصى بها النبي..السورة المنجية من عذاب القبر
السورة المنجية من عذاب القبر .. سورة الملك لها العديد من الفضائل التي تعود بالخير على المسلم ومنها: أولًا أنها مانعة لعذاب القبر ومنجّية لمَن يحافظ ويداوم على قرائتها في ليلته قبلَ نومه، وعن عبد الله بن مسعود قال: «مَن قرأ تبارك الذي بيده الملك كلَّ ليلة منعَه اللهُ بها من عذاب القبر، وكنّا في عهد رسولِ الله -صلّى الله عليه وسلّم- نسمّيها المانعة؛ لِما تمنعُ عن صاحبها من شرٍّ وتنجيه من العذاب والألم في القبر ويومِ القيامة».
وتعد سورة الملك ثانيًا: مجادِلةٌ عن صاحبها يوم القيامة، فهذه السورة تأتي يوم القيامة وتجادلُ عن صاحبها لتدخلَه إلى جنان النعيم، وتبعدُ عنه عذابَ جهنّم، ثالثًا: مسبّبةٌ للحسنات والثواب لصاحبها، فمن يحافظ على قراءتها يوميًّا قبل نومه يحصلْ على الكثير من الحسنات والثواب، فبكلِّ حرفٍ من القرآن حسنة، والحسنةُ بعشرةِ أمثالها والله يضاعفُ لمن يشاء، حيث يحصلُ المسلم على الكثيرِ الوارفِ من الثواب والحسنات إذا داومَ عليها، رابعًا: شافعةٌ لصاحبها حتّى يُغفر له يومَ القيامة.
وأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعوَّذ من عذاب القبر و روى مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "عُوذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ اللهِ، عُوذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، عُوذُوا بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، عُوذُوا بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ".
وذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عدَّة طُرق تحمينا من هذا العذاب، وكان منها قراءة سورة الملك كل ليلة قبل النوم، فقد روى الحاكم -وقال الذهبي: صحيح. وقال الألباني: حسن- عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: "يُؤْتَى الرَّجُلُ فِي قَبْرِهِ فَتُؤْتَى رِجْلاَهُ فَتَقُولُ رِجْلاَهُ: لَيْسَ لَكُمْ عَلَى مَا قِبَلِي سَبِيلٌ؛ كَانَ يَقُومُ يَقْرَأُ بِي سُورَةَ الْمُلْكِ. ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ صَدْرِهِ -أَوْ قَالَ: بَطْنِهِ- فَيَقُولُ: لَيْسَ لَكُمْ عَلَى مَا قِبَلِي سَبِيلٌ كَانَ يَقْرَأُ بِي سُورَةَ الْمُلْكِ. ثُمَّ يُؤْتَى رَأْسُهُ فَيَقُولُ: لَيْسَ لَكُمْ عَلَى مَا قِبَلِي سَبِيلٌ كَانَ يَقْرَأُ بِي سُورَةَ الْمُلْكِ. قَالَ: فَهِيَ الْمَانِعَةُ تَمْنَعُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَهِيَ فِي التَّوْرَاةِ سُورَةُ الْمُلْكِ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَةٍ فَقَدْ أَكْثَرَ وَأَطْنَبَ".
والحديث وإن كان موقوفًا على ابن مسعود رضي الله عنه فإن له حكم المرفوع؛ لأنه لا سبيل لمعرفة ما في القبر إلا عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأهمية هذه الحماية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُواظب على قراءة سورة الملك قبل نومه؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لاَ يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ: الم تَنْزِيلُ، وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ". أي سورتي السجدة والملك.
وروى الترمذي عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ سُورَةً مِنَ القُرْآنِ ثَلاَثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ».
كيفيّة الاستفادة من سورة الملك
1) العمل بالأحكام الموجودة فيها، حيث إنّه يجب على المسلم دراسة أحكام هذه السورة، والعمل ممّا جاء فيها من أحكام، والاتعاظ من قصصها وعبرها، والأخذ بأوامرها في حياته اليوميّة، وتجنّب نواهيها.
2) الإيمان بما جاء فيها من أخبارٍ، وعبر، وحِكَم، والتصديق بهذه الأخبار.
3) قراءة الإنسان لها في كلّ ليلة، حيث إنّها تمنحُه الثوابَ والفضل العظيم، وتحفظُه من الشرور.
الأسماء المختلفة لـ سورة الملك
ذكر أهل العلم لهذه السورة العظيمة ثمانية أسماء في كتب التفسير والسنة وعلوم القرآن، وهي (تبارك الذي بيده الملك)، وذلك أخذًا من حديث رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:“سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي: تبارك الذي بيده الملك”.
(المُلك) وهو الاسم الشائع في كتب التفسير والسنة والمصاحف، وبه عنونها البخاري في كتاب التفسير وكذلك الترمذي.
(المانعة) لما أخرجه الطبراني عن ابن مسعود: كنا نسميها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: المانعة.
(تبارك الملك) لما رواه الترمذي أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
(المنجية)، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم سماها المنجية، كما في حديث الترمذي.
(الواقية) كما في الإتقان للسيوطي.
(المنّاعة) وتسمى المناعة كما في الإتقان بصيغة المبالغة.
سبب تسمية سورة الملك بهذا الاسم
سميت سورة الملك بهذا الاسم لأنها تحدثت عن مُلك الله في الكون، وخلقه له، كما ذكرَ الله تعالى فيها أحوال الإنسان، وعَجائب خَلقه، وأنَّ كل ما في هذا الكون الواسع هو مُلكٌ لله سبحانه وتعالى.
الأوقات المستحبة لقراءة سورة الملك
أجمع العلماء على عدم وجود وقت محدد لقراءة سورة الملك، ولكن من السنة قراءتها كل ليلة، وأسندوا ذلك لما رواه أحمد والترمذي عن جابر ـ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لا ينام حتى يقرأ: الم تنزيل، وتبارك الذي بيده الملك، وهو حديث صحيح صححه غير واحد من أئمة أهل العلم منهم الألباني في صحيح الجامع، ولذلك يستحب قراءتهما قبل النوم كل ليلة لفعله صلى الله عليه وسلم.
وأما قراءتها في الصباح، فالأصل فيه الجواز، وأما المداومة عليه، فقد ذكر أهل العلم أن تخصيص وقت معين لقراءة بعض السور بغير دليل صحيح من البدع الإضافية، ذلك لأن العبادة مبناها على التوقيف فلا يعبد الله إلا بما شرعه في كتابه أو على لسان رسوله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد». رواه مسلم.
فوائد قراءة القرآن الكريم
- تشفي الإنسان من الحيرة التي تصيبه، كما أنّ قراءته تبعد عن اليأس والإحباط.
- يبين المساواة بين الرجل والمرأة في التكليف، والتشريف، والمسؤولية.
- يبعد الإنسان عن الخوف، والخرافات، والأوهام.
- يقدم تفسيرًا دقيقًا للحياة، والكون، والإنسان.
- يبعد الإنسان عن جميع انواع الشبهات.
- يلقي في قلب القارئ الطمأنينة والسكينة.
آثار هجر القرآن الكريم
- كثرة الهمّ والحزن في الحياة، فالحياة مليئة بالمشاكل والهموم، ومن فقد نور القرآن لن يتمكن من الوقوف في وجه هموم الحياة.
- إظلام النفس، ووحشة القلب، حيث يشعر المسلم الهاجر لكتاب الله بظلمة في نفسه، تنعكس على سلوكه اليومي، وعلى مزاجه العام.
- قلَّة بركة الرزق، فيشعر أنَّ الرزق رغم وفرته باستمرار لا بركة فيه أبدًا، وأنَّه لا يكفي حتى معاشه اليومي.
- نفور في العلاقات الاجتماعيَّة.
- اضطراب النفس، والشعور بالتوتر.
- حرمان العبد من فضل التلاوة والتعبد بها: فقد فوت العبد على نفسه بهجرانه للقرآن أجرًا عظيمًا، وفضلًا كبيرًا.
- الحرمان من شفاعته له يوم القيامة: فقد جاء في الحديث: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه»
- تغلب الشيطان وأعوانه من شياطين الجن والإنس: فذكر الله تعالى خير حافظ للعبد، فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.
أسباب هجر القرآن الكريم:
أولًا: الانشغال بغير القرآن عن القرآن: فقد أصبح جل اهتمامنا وشغلنا بغير القرآن الكريم مما أدى إلى التشاغل عنه وهجره.
ثانيًا: عدم التهيئة الذهنية والقلبية عند قراءة القرآن الكريم: فعند قراءتنا للقرآن الكريم لا نختار المكان الهادئ، البعيد عن الضوضاء، إذ إن المكان الهادئ يعين على التركيز وحسن الفهم وسرعة التجاوب مع القراءة، ويسمح لنا كذلك بالتعبير عن مشاعرنا إذا ما استُثيرت بالبكاء والدعاء، وعدم لقائنا بالقرآن في وقت النشاط والتركيز بل في وقت التعب والرغبة في النوم.
ثالثًا: عدم القراءة المتأنية والتركيز معها: فعلينا ونحن نقرأ القرآن أن تكون قراءتُنا متأنيةً، هادئةً، مرسلةً، وهذا يستدعي منا سلامة النطق وحسن الترتيل، كما قال تعالى: «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا».
رابعًا: عدم التجاوب مع القراءة: فالقراءة خطاب مباشر من الله عز وجل لجميع البشر، وهو خطاب يشمل أسئلةً وإجاباتٍ ووعدًا ووعيدًا، وأوامرَ ونواهي، فالتجاوب مع تلك العناصر يساعدنا على زيادة التركيز عند القراءة وعدم السرحان.
فضل قراءة القرآن الكريم يوميا
- صفاء الذهن، حيث يسترسل المسلم بشكل يومي مع القرآن الكريم، فيتتبع آياته وأحكامه، وعظمة الله في خلقه.
- قوَّة الذاكرة؛ فخير ما تنتظم به ذاكرة المسلم هو آيات القرآن الكريم، تأملًا، وحفظًا، وتدبرًا.
- طمأنينة القلب، حيث يعيش من يحافظ على تلاوة القرآن الكريم وحفظ آياته بطمأنينة عجيبة، يقوى من خلالها على مواجهة الصعاب التي تواجهه، فقد قال– تعالى-:«الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»، ( سورة الرعد: الآية 28).
- الشعور بالفرح والسعادة، وهي ثمرة أصيلة لتعلُّق قلب المسلم بخالقه، بترديده لآياته وتعظيمه له.
- الشعور بالشجاعة وقوَّة النفس، والتخلُّص من الخوف والحزن والتوتر والقلق.
- قراءة القران الكريم قوة في اللغة، فالذي يعيش مع آيات القرآن، وما فيها من بلاغة محكمة، وبيان عذب، ولغة قوية، تقوى بذلك لغته، وتثرى مفرداته، ولا سيَّما متى عاش مع القرآن متدبرًا لمعانيه.
- انتظام علاقات قارئ القرآن الاجتماعيَّة مع النَّاس من حوله، حيث ينعكس نور القرآن على سلوكه، قولًا وعملًا فيحبب الناس به ويشجعهم على بناء علاقات تواصليَّة معه، فيألف بهم، ويألفون به.
- التخلُّص من الأمراض المزمنة، حيث ثبت علميًا أنَّ المحافظة على تلاوة القرآن الكريم والاستماع لآياته، يقوي المناعة لدى الإنسان بما يمكِّنه من مواجهة الكثير من الأمراض المزمنة.
- رفع القدرة الإنسان الإدراكيَّة في مجال الفهم والاستيعاب، فالمسلم المنتظم بعلاقته مع كتاب الله دائم البحث والتدبر في معانيه، مقلبًا لكتب التفسير يتعلم كل ما هو جديد من معاني القرآن العظيمة.
- نيل رضى الله وتوفيقه له في شؤون الدنيا، يجده بركة في الرزق، ونجاة من المكروه.
- الفوز بالجنَّة يوم القيامة، حيث يأتي القرآن الكريم يوم القيامة يحاجّ عن صاحبه الذي كان يقرؤه، شفيعًا له.
أجر تلاوة القرآن الكريم يوميًا
- استحقاق شفاعة القرآن لصاحبه يوم القيامة: لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «اقْرَؤوا القرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه»، صحيح مسلم.
- قارئ القرآن له بكل حرف عشر حسنات: لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (الـم) حرفٌ ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ»، حديثُ حسن.
- يستحق صاحبه علو الدرجات في الجنة: قال - صلى الله عليه وسلم-: «يقالُ لصاحبِ القرآنِ: اقرأْ وارتقِ، ورتِّلْ كما كنتَ ترتِّلُ في الدنيا، فإنَّ منزلَكَ عند آخرِ آيةٍ تقرؤُها»، إسناده حسن.
آداب قراءة القرآن الكريم
- إخلاص النية لله -عزّ وجل- عند قراءة القرآن الكريم.
- التسوك؛ كما ورد في السنة النبوية، بحيث يبدأ من الجانب الأيمن من فمه.
- الطهارة؛ فإذا قرأ القرآن محدثًا جاز له ذلك، وإن كان القارىء بفعله هذا قد ارتكب المكروه، وترك الأفضل.
- قراءة القرآن الكريم في مكان نظيف؛ ولذلك يُستحب القراءة في المسجد؛ لكونه نظيفًا، بالإضافة إلى أنه محصل لفضيلة أخرى هي الاعتكاف؛ ولكن لا بدّ من الإشارة إلى أنه قبل دخول المسجد يُفضل أن ينوي المسلم الاعتكاف.
- استقبال القبلة عند قراءة القرآن الكريم، والجلوس بخشوع ووقار، ولا بدّ من الإشارة إلى جواز القراءة في حالة الوقوف، أو الاستلقاء، ولكن أجر قراءة الجلوس أفضل.
- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قبل الشروع بالقراءة، وذلك بقوله: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم»، أو يزيد عليها بقوله: «من همزه ونفخه ونفثه».
- البسملة بقول:«بسم الله الرحمن الرحيم» في بداية كل سورة من سور القرآن الكريم، باستثناء سورة البراءة.
- ترديد الآيات القرآنية للتدبر، فإذا مرّ بآية من آيات العذاب، استعاذ بالله من شر العذاب؛ فيقول: «اللهم أني أسألك العافية»، وإذا مرّ بآية تنزيه نزه الله؛ فيقول: «سبحان الله، أو تبارك الله وتعالى».
- تعظيم القرآن الكريم بتجنب الحديث أثناء تلاوته، وتجنب النظر إلى ما يشتت الذهن.
- قراءة القرآن الكريم من المصحف أفضل من قراءته غيبًا؛ لأن النظر في المصحف عبادة يؤجر عليها القارئ؛ حيث تجتمع القراءة والنظر.
- تجنب ترقيق الصوت أثناء القراءة.
- التوقف عن القراءة عند التثاؤب حتى يزول.
سورة الملك كاملة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
«تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6)
إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20)
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30).