خسائر الإرهاب .. دراسة جديدة تكشف هزائم تنظيم داعش في العراق
بعد الانتصارات الحاسمة التي تقوم بها العراق على تنظيم داعش الإرهابي والتي نجم عنها انهاء معظم قدراته التسليحية والقتالية ، التي عمل على بنائها منذ عام 2014 ولغاية هزيمته الكبرى في معركة تحرير الموصل نهاية عام 2017 ، حاول التنظيم اعادة تنظيم صفوفه وبذل جهود كبيرة لإحياء عناصر قوته من خلال اعادة ترتيب هياكله التنظيمية وتغيير نظام معركته بما يتفق مع معطيات واقع المعركة مع القوات المسلحة العراقية من النواحي الجغرافية والاجتماعية .
وكشفت دراسة أعدها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب ، قد حاول تنظيم داعش الارهابي بناء انفتاح عملياتي تراكمي جديد في مناطق اهتمامه في العراق تمثلت بمضافات وأكداس عتاد ونقاط رصد ومراقبة ومقرات قيادة وسيطرة مراكز دعم لوجستي وبعض معسكرات التدريب وحفر الانفاق والخنادق واستغلال الكهوف والطيات الارضية خصوصا” في جنوب كركوك وشمال شرق ديالى وشرق صلاح الدين ، في مناطق جنوب سامراء وشمال بغداد ، وجلولاء والشورى جنوب الموصل، وفي جنوب تكريت ،مستفيدا من التضاريس الجغرافية الصعبة في جبال حمرين ومكحول وصحراء بادية الجزيرة وصحراء الانبار مثل وادي حوران والقذف وكذلك وديان جنوب غربي كركوك مثل وادي زغيتون والكرحة وابو الخناجر وكذلك بساتين شرق ديالى ومنطقة العظيم.
وأضافت الدراسة أنه حاول تنظيم داعش الارهابي بعد هزيمته في الموصل في عام 2017 ومن ثم هزيمته في معارك الباغوز القيام بإعداد جديد لساحة عملياته من خلال بناء انفتاح عملياتي تراكمي في المناطق المستهدفة والتي يعتقد قادة التنظيم أنه يمكن اعادة بناء وترتيب حواضن اجتماعية فيها تساعده على ترتيب صفوفه، مستغلا” عدم الانسجام بين الحشد العشائري المناطقي وقوات الحشد الشعبي القادمة من خارج مناطقهم، بما يجعل من ترحيب الأهالي الذين يتعرضون لمشاكل كبيرة مع تلك القوات مرجحا ، لكن التنظيم الارهابي واجه رفضا” واضحا” من العشائر العربية السنية والكردية التي ذاقت الامرين من جرائم التنظيم بعد عام 2014.
وتابعت الدراسة أنه قد دأب تنظيم داعش على السعي الى استثمار تواجد خلايا التنظيم قرب مناطق الحقول النفطية وطرق المواصلات الرئيسة التي تربط العراق بسوريا وإيران والاردن، للحصول على التمويل لعملياته وانشطته الإرهابية، وحيث تشير التقارير الاستخبارية الى أن التنظيم يجني من الاتاوات وتهريب السلاح والادوية والنفط والمخدرات ومواد اخرى مبالغ تبلغ( 3 – 4) مليون دولار امريكي شهريا” . بالإضافة الى أموال تصله من استثمارات داخلية وخارجية ، مما يساعد التنظيم في تأمين التمويل اللازم لرواتب عناصر خلاياه في الداخل العراقي . واثر مقتل ابو بكر البغدادي بايع تنظيم داعش القائد الجديد للتنظيم ، الذي عرّفه التنظيم باسم أبي إبراهيم الهاشمي القرشي، واسمه الحقيقي هو أمير محمد سعيد المولى من تلعفر شمالي العراق.
وأوضحت الدراسة إنه في ضوء مقتل معظم قيادات التنظيم والمتغيرات الميدانية اثر هزائم التنظيم في العراق وسوريا عمدت قيادة تنظيم داعش الجديدة الى تغيير الهيكلية التنظيمية في العراق وسوريا تحت قيادة “الخليفة” الجديد ألذي يطلق عليه (أبو إبراهيم الهاشمي القرشي ).
ولفتت الدراسة يثير عدم اليقين الكبير المحيط بمستقبل عمليات مكافحة تنظيم داعش الإرهابي في العراق بسبب التوترات السياسية والعسكرية بين الفصائل المسلحة العراقية وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، وانتشار وباء كوفيد – 19 ، بالإضافة الى إعادة تموضع وانسحاب قوات التحالف الدولي ومن ضمنها القوات الامريكية العاملة في العراق ، مخاوف مفهومة حول عودة تنظيم داعش في العراق. ويبدو أن عودة التنظيم في العراق مجدداً أمر لا مفر منه – فالبلاد عرضة لعوامل محركة داخلية مختلفة، في وقت تبدو فيه الولايات المتحدة في وضع غير مريح يؤهلها لقيادة دعم دولي جديد لجهود بغداد لمكافحة الإرهاب و قمع أنشطة تنظيم داعش فعلياً في هذه البقعة الساخنة .
وأشارت الدراسة أن القوات المسلحة العراقية تحاول اتخاذ إجراءات جديدة لمواجهة تصاعد هجمات التنظيم الارهابي ، من خلال تفعيل آلية التعاون مع السكان المحليين في الجانب الاستخباراتي، وتنفيذ عمليات دهم وتفتيش مباغتة، والإبقاء على عمليات التفتيش والتشديد الأمني في المناطق الصحراوية والجبلية، خصوصاً تلك القريبة من المدن والقرى التي شهدت هجمات واعتداءات إرهابية في الفترة الماضية، أما بالنسبة لتفشي وانتشار وباء كوفيد – 19 في العراق والمنطقة ، فمن السابق لأوانه التنبؤ بكيفية (ومدى) تأثيره على القدرات العسكرية العراقية ، وكذلك بالمقابل ايضا” على قدرات تنظيم داعش الارهابي خصوصا”. الا أنه من الواضح أن وباء كوفيد – 19 ، أدى بشكل أو بآخر إلى إعاقة العمل الدولي والمحلي ضد تنظيم داعش بسبب تغيّر الأولويات.