يقودها طرف ثالث.. تفاصيل ترتيبات المصالحة بين مصر وتركيا
لمحت الوكالة الرسمية التركية، إلى جهود يقودها طرف ثالث بهدف عقد مصالحة بين مصر والإمارات وتركيا بذات الطريقة التي حدثت في الأزمة الخليجية، بهدف تذويب الخلافات وتبريد سخونة التوتر شريطة تراجع أنقرة عن دعم جماعة الإخوان الإرهابية.
وكشفت وكالة "الأناضول" التركية في تقرير لها اليوم، عن المصالحة المحتملة بين مصر وتركيا، معتبرة أن الأردن يقوم بمهمة الطرف الثالث في تقريب وجهات النظر تمهيدا للوصول إلى طي صفحة الخلافات على غرار سيناريو الأزمة الخليجية.
وقالت الوكالة التركية، إنه بفضل دبلوماسية الأردن وعلاقاته المتزنة مع دول المنطقة، يمكنه لعب ذلك الدور، لا سيما وأن الملك عبد الله الثاني، أكد في مقابلة مع وكالة الأنباء الرسمية "بترا"، أواخر يناير الماضي، حرص بلاده على تجاوز أي خلافات من شأنها التأثير في استقرار المنطقة.
وقال العاهل الأردني وقتها: "تستهدف سياساتنا بناء وتعزيز علاقات إقليمية ودولية قائمة على التعاون ومبدأ حسن الجوار، ولا نتدخل بشؤون الآخرين ولا نسمح بالتدخل في شؤوننا".
وأضاف ملك الأردن: "نقوم بدورنا كاملا في جهود حل الأزمات الإقليمية والدولية أحيانا، وتجاوز التحديات المشتركة وتحقيق السلام العادل خيارا استراتيجيا".
وتابع: "نقدم الأفكار والطروحات والمبادرات التي تتفق مع ثوابتنا ومصالحنا، ونتفاعل مع طروحات الآخرين، فنقبل ما ينسجم مع ثوابتنا ونرفض ما يتناقض معها".
واعتبرت الوكالة الرسمية التركية، أن الزيارات المتبادلة لوفود رفيعة المستوى، تربط الأردن بالدول الثلاث يؤهل المملكة، بحسب محللين، للعب دور الوسيط في تحقيق المصالحة بين مصر والإمارات من جهة وتركيا من جهة أخرى.
وللتعليق على هذا الحراك الدبلوماسي، قال الوزير الأردني الأسبق عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأعيان "الغرفة الثانية للبرلمان" محمد المومني، لـ"الأناضول" إن "الدبلوماسية الأردنية بقيادة الملك عبد الله، تسعى دائما لتحقيق المصالحة والتوفيق في مختلف القضايا، إيمانا برؤية المملكة في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، بعيدا عن أي خلافات".
وتابع المومني: "الأردن تجمعه علاقات مميزة مع مختلف دول العالم، بما فيها الأشقاء في الإمارات ومصر، وأصدقاؤنا الأتراك، وقد أكد الملك في مقابلته الأخيرة مع وكالة بترا أننا لا نتدخل بشؤون الآخرين، ولا نسمح بالتدخل في شؤوننا".
وشدد المومني على أن مواقف الأردن ودعوته الدائمة للحلول السلمية تجاه مختلف القضايا، يؤهله بالتأكيد لأن يكون وسيطا مقبولا لدى جميع الأطراف، فنحن حريصون على وحدة الصف وتوافق الجميع؛ للوصول إلى منطقة خالية من الأزمات والخلافات.
من جهته قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأردني، ميرزا بولاد، إن دبلوماسية الأردن حاضرة للعب دور الوساطة في حل المنازعات والمخالفات بين الأشقاء والأصدقاء.
وتابع بولاد: "الملك قال إننا لا نتدخل في شؤون غيرنا، لكنه يسعى بالتأكيد إلى تحقيق المصالحة؛ لحفظ الاستقرار العربي والإقليمي".
وشدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية، على أن ما يؤهل الأردن لدور الوساطة في مصالحة الصديقة تركيا مع الأشقاء في الإمارات ومصر، هو المكانة الاجتماعية والدولية للملك عبد الله في كل المحافل، وعلاقاتنا المميزة مع الدول الثلاث.
في ذات السياق، أعتبر السياسي الأردني، خالد شنيكات، أن متغيرات البيئة الخارجية تساهم إلى حد كبير مع متغيرات البيئة الداخلية في الدفع بالدبلوماسية الأردنية لإعادة العلاقات بين الإمارات ومصر وتركيا.
ومن أبرز تلك المتغيرات، حسب شنيكات، هو مجيء الرئيس الأمريكي جو بايدن للسلطة منذ 20 يناير الماضي، ووجود العديد من الملفات العالقة بين أنقرة وواشنطن، رغم ما يجمعهما من مصالح إستراتيجية.
وأضاف أن الأزمة الخليجية هي متغير آخر، وقد انتهت بالتسوية في القمة الخليجية الـ41 التي انعقدت في 5 يناير الماضي، بين قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وأردف شنيكات أن تسوية هذه الأزمة تعني أن الأزمات القائمة بين الإمارات ومصر وتركيا يمكن حلها على طريقة الأزمة الخليجية، من خلال تدخل طرف ثالث في الحل، أي الدبلوماسية الأردنية.
وتابع أن الأردن يتمتع بعلاقات وثيقة مع الإمارات ومصر وتركيا والولايات المتحدة، وهذا الوضع يؤهله لإدارة دبلوماسية ناجحة في إعادة العلاقات.
وتشهد العلاقات المصرية التركية حالة من التوتر منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، نظرا لدعم أنقرة بشكل معلنة لجماعة الإخوان الإرهابية، وعمدت إلى فتح أبواب أسطنبول أمام العناصر الإرهابية الهاربة، وتستضيف على أراضيها منابر إعلامية موالية ناطقة باسم التنظيم الإرهابي بهدف بث الشائعات والأكاذيب ضد الدولة المصرية.
وعلى ما يبدو، إن النظام التركي وجد نفسه غارقا في دوامة مشاكل إقليمية سواء في سوريا أو ليبيا وحتى العراق، علاوة على مشكلاته في شرق المتوسط والتي سببت توترات بين بلاده ودول الأوروبية أدت إلى حرمان أنقرة من تحقيق حلم العضوية في الاتحاد الأوروبي.
وبالرغم من زيادة منسوب الحديث حول المصالحة مع المحتملة مع القاهرة، لم يصدر عن مصر ما يشير إلى سعيها لهذا الأمر في ظل تمسكها بثوابت السياسية الخارجية المتعلقة برفض التعاون مع أي طرف إقليمي متورط في دعم الإرهاب ويهرول بصورة دائمة للتدخل في شؤون الداخلية للدول العربية.