مناورة الإخوان.. لماذا تراجع راشد الغنوشى أمام قرارات الرئيس التونسي؟
يبدو أن إصرار الرئيس التونسي قيس سعيد على تنفيذ الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها يوم 25 يوليو الماضي تدفع رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي إلى الانحناء والتراجع حتى تهدأ العاصفة.
وكشف تقرير لمؤسسة "رؤية " أنه أبدى الغنوشي تصلبا مع بداية اتخاذ تلك الإجراءات حيث اعتبرها انقلابا على الدستور وتجاوزا للفصل 80 منه ووصل الأمر برئيس حركة النهضة إلى الحضور مع حلفائه السياسيين أمام البرلمان والعمل على الدخول إليه رغم رفض ضباط الجيش لدعوات فتح الباب والتزامهم بقرار سعيد، وقام الغنوشي بتأليب الرأي الدولي والأمريكي ضد الرئيس قيس سعيد وأنفق المليارات للتأثير في جماعات الضغط عبر عقود “اللوبيينغ” لكنه فشل في تحقيق غاياته بل انعكس الأمر سلبا عليه واتهم بالسعي للحصول على دعم أجنبي في مسائل وطنية وهو ما يهدد سيادة البلاد.
وتابع التقرير أنه مع التأييد الشعبي والسياسي المتواصل لقيس سعيد بدأ الغنوشي يخفف من حدة خطابه داعيا للحوار والإصلاح في مرحلة أولى ليؤكد مؤخرا عن دعم حركته للرئيس، وغلف الغنوشي خطابه بالحديث عن الدفاع عن الديمقراطية قائلا “سندعم الرئيس قيس سعيد ونعمل على إنجاحه بما يقتضي ذلك من استعداد للتضحيات من أجل الحفاظ على استقرار البلاد واستمرار الديمقراطية”.
تاريخ من المناورات
ولفت التقرير لكن خطاب الغنوشي يدخل في باب المناورة السياسية فالرجل عرف عنه تلاعبه السياسي وعقد تحالفات متناقضة من أجل البقاء في السلطة مهما كلفه ذلك، وسياسة الغنوشي ليست بالجديدة فهو دخل في صراع مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ووصفه بأنه أخطر من السلفيين ليدخل معه بعد ذلك في تحالف تحت يافطة ” التوافق"، واتهم الغنوشي بالتغاضي عن الفساد والتجاوزات القانونية التي صبغت فترة التوافق بين حزبه وحزب نداء تونس الذي أسسه قائد السبسي.
وأوضح التقرير أنه في الانتخابات الفارطة شن الغنوشي انتقادات كبيرة ضد حزب قلب تونس وزعيمه نبيل القروي حيث اتهمه بالفساد ورفض التحالف معه داعيا إلى دعم قيس سعيد في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، ولكن الغنوشي تنكر كعادته لمواقفه من أجل المصلحة الحزبية الضيقة حيث قرر التحالف مع القروي ودعم حكومة هشام المشيشي التي فشلت في كل الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والصحية.
سعيد يقطع الطريق على النهضة
وحاول الغنوشي ممارسة نفس الأساليب مع الرئيس الحالي قيس سعيد لكن قيس سعيد قطع كل الطرق أمام رئيس حركة النهضة، وتقول أطراف قريبة من الرئيس التونسي إنه لا يمكن القبول بتوافقات على حساب مصالح الشعب التونسي أو توافقات تؤدي إلى تكريس الفساد واستهداف أجهزة الدولة، ويبدو أن مواقف قيس سعيد المبدئية لم تعجب راشد الغنوشي الذي دخل في سجال سياسي مع الرئيس دائم قرابة السنتين ليقوم الرئيس التونسي بإنهاء المنظومة السياسية الحالية وسط تأييد شعبي منقطع النظير، وبعد اتخاذ الإجراءات حاول راشد الغنوشي استمالة سعيد عبر الحديث عن الحوار الوطني لكن الرئيس التونسي اجابه بشكل قطعي أنه لا حوار مع الفاسدين واللصوص، ويرى مراقبون أن الغنوشي سيضطر في النهاية للاستسلام لقرارات قيس سعيد المبنية أساسا على محاسبة من تورطوا في جر تونس إلى مستنقع طيلة 10 سنوات.