الإفتاء ترد.. هل تخلع مرتكبة المعاصي والكبائر الحجاب لعدم جدارتها به؟
منذ عدة أشهر، وأنا أشعر أنني لم أعد جديرة بارتداء الحجاب، شعور بالذنب يتضخم بين الليلة والأخرى، لم أُبرر الأمر بأنه عدم ارتياح أو محاولة للظهور بمظهر أجمل، لكن الحقيقة هو شعور بالخجل، أشعر وكأني لم أصبح على قدر المسؤولية بهذا الفرض، فالذنوب وارتكاب المعاصي، أصبحت تفوق ضعفي وقلة حيلتي، حتى باتت عادة دائمة، وأصبحت لا تليق مع مظهري بالحجاب، هل أنزعه؟ فلم أعد أشعر أن مظهري متوافق مع أفعالي؟ أم أن هناك فرصة للتوبة؟
أسئلة ضمن كثير من التساؤلات التي تدور بأذهان العديد من الفتيات، خلال جلساتهن السرية، أو ربما قبل الخلود في النوم بلحظات، تسيطر عليهن فيها حالة من جلد الذات والحيرة بحثا عن إجابات حاسمة، قبل أن تهديهن تيهة الذات إلى اللجوء لأهل الدين والعلم، عاملين بقوله تعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون».
الحجاب وارتكاب المعاصي والكبائر
تدور في أذهان العديد من الفتيات، تساؤلات كثيرة لا نهاية لها، عن الشعور بعدم الجدارة بارتداء الحجاب، بعد ارتكاب المعاصي والكبائر، وللوصول إلى إجابات قاطعة حول تلك الشكوك الشائعة، تواصلت «هُن» مع دار الإفتاء المصرية، وطرحت عليها السؤال المحير، ليأتي الرد التفصيلي عن طريق أمين الفتوى، الذي افتتح جوابه، قائلا: «مهما فعلتِ، فلا تيأسي من رحمة الله، وعليكِ بمواصلة الطاعات، وعدم اليأس من رحمة الله، فمهما تكرر الذنب قرري التوبة».
أضاف أمين الفتوى في رده على الحالة التي طرحها «هُن»: «يحرم عليكِ إظهار شيء من عورتك أمام من لايحل له النظر إلى تلك العورة، من الرجال الأجانب عنكِ، وعورة المرأة أمام الرجال الأجانب عنها، جميع بدنها، عدا الوجه والكفين، فقد قال الله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)».
كيف تكون التوبة من الذنب؟
أوضحت دار الإفتاء، أن التوبة هي الندم على المعصية والإقلاع عنها، من حيث هي معصية، لا لأن فيها ضررًا لبدنه وماله، والعزم على عدم العودة إليها إذا قدر، والتوبة من المعصية واجبة شرعًا على الفور، وتأخير التوبة ذنب آخر يستوجب التوبة.
ما شروط التوبة من الذنب؟
- الإقلاع عن المعصية حالًا.
- الندم على فعلها في الماضي.
- العزم عزمًا جازمًا أن لا يعود إلى مثلها أبدًا.
- في حال ربط المعصية بحق آدمي، فيشترط فيها رد المظالم إلى أهلها، وتحصيل البراءة منهم.
كيف أبتعد عن الذنب بعد التوبة؟
أكد أمين الفتوى بدار الإفتاء، أنه «على المسلم بعد ذلك الابتعاد عن أسباب المعصية، وذلك بالتزامه بشرع الله، فإن كانت المعصية، بسبب النساء الأجنبيات أو الرجال الأجانب، التزم المسلم والمسلمة بعدم الاختلاط المحرم، والتزمت المسلمة بالحجاب الشرعي، والتزما جميعًا عدم الخلوة».
وتابع: «فإن عاود الوقوع في الذنب بعد ذلك كله، صار كمن ابتدأ المعصية، ولم تبطل توبته المتقدمة، ولا يعود إليه إثم الذنب الذي ارتفع بالتوبة، وصار كأن لم يكن، استنادًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)».
وشددت دار الإفتاء المصرية، على أنه يجب على المسلم العاصي، أن يستر نفسه في معصيته، ولا يفضح نفسه، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام بعد أن رَجَمَ الْأَسْلَمِيَّ فقال: «اجْتَنِبُوا هذه الْقَاذُورَةَ التي نهى الله عنها فمن أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ الله وَلِيَتُبْ إلى الله فإنه من يُبْدِ لْنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عليه كتاب الله -عز وجل-».