لإعطاء فرصة لاستمرار الحمل.. الإفتاء توضح مشروعية إجهاض عدد من الأجنة
وجه عدد من الأطباء بأحد المستشفيات، تساؤلًا لدار الإفتاء المصرية، عبر بوابتها الإلكترونية الرسمية، حول مشروعية إجهاض عدد من الأجنة لإعطاء فرصة لاستمرار الحمل.
وجاء مضمون السؤال كالتالي: «نحن أطباء نعمل في مجال علاج العقم وتأخر الحمل وأطفال الأنابيب، وقد يحدث أن تحمل المرأة أكثر من جنين، وذلك أحيانًا بدون أن يكون لنا تدخل في عدد الأجنة مثل التلقيح الصناعي بوضع نطفة الزوج داخل الرحم، وأحيانًا بأن نضع داخل الرحم عددًا كبيرًا من الأجنة مثل أربع أو خمس أجنة وذلك لزيادة فرص الحمل، حيث إننا لا نعلم أيّها سوف يَعلَق في الرحم، وإذا قلَّلنا عددَ الأجنة قلَّت بالتالي فرص الحمل».
وتابعوا استفسارهم: «والسؤال هو: إذا حملت المرأة في أكثر من جنين، فهل يجوز شرعًا شفط عدد من الأجنة لتقليل العدد إلى واحد أو اثنين في الخمسين يومًا الأولى من حدوث الحمل، أو حقن مادة كيميائية في صدر عدد من الأجنة ليوقف النبض في المدة من الخمسين إلى المائة اليوم الأولى في الحمل؟ مما يعطي فرصة للأجنة المتبقية لتواصل الحمل إلى نهايته».
الإفتاء ترد
وردت دار الأفتاء على التساؤل كالتالي: اتفق الفقهاء على أنه إذا بلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا وهي مدة نفخ الروح فيه، فإنه لا يجوز إسقاط الجنين ويحرم الإجهاض قطعًا في هذه الحالة؛ لأنه يعتبر قتلًا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰقٍ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡ﴾، ولقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ﴾.
رأي الفقهاء
أما إذا لم يبلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا فقد اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض: فبعضهم قال بالحرمة، وهو المعتمد عند المالكية والظاهرية وبعض الشافعية، وبعضهم قال بالكراهة مطلقًا، وهو رأي بعض الحنفية والمالكية، وقول محتمل عند الشافعية، وبعضهم قال بالإباحة لعذر فقط، وهو حقيقة مذهب الحنفية، وبعضهم قال بالإباحة مطلقًا وهو رأي بعض الأحناف وقول عند الحنابلة والرملي والشافعي إذا كانت النطفة من زنا، وقال به اللخمي من المالكية وأبو إسحاق المروزي من الشافعية قبل الأربعين يومًا.
والراجح والمختار للفتوى أن الإجهاض لا يجوز قبل نفخ الروح إلا إذا كانت النطفة من زنا، أو كان ذلك لعذرٍ كما هو حقيقة مذهب الحنفية، ونقل ابن عابدين عن ابن وهبان أن من الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر -أي المرضع- ويخاف هلاكه؛ قال: «فإباحة الإسقاط محمولةٌ على حالة العذر».
وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز لكم شرعًا شفط عدد من الأجنة في الخمسين يومًا الأولى من الحمل لتقليل المتبقي إلى واحدٍ أو اثنين إذا كان عدمُ التدخل بذلك يترتب عليه غلبةُ الظن بتعرض حياة الأم للخطر، أو حصول إجهاضٍ لجميع الأجنة، أو حدوث تشويه خِلقي لها أو لبعضها، أو غير ذلك من ضررٍ محققٍ أو غالبٍ للأم أو لجميع الأجنة، فيجب حينئذ التدخل بشفط بعضها إبقاءً على حياة الأم المستقرة وحياة بقيتها، أو حتى بشفط جميعها؛ إبقاءً لحياة الأم المستقرة، وإيثارًا لارتكاب أخف الضررين بدفع أشدهما في الحالتين.
وفي حال شفط بعض الأجنة دون بعضٍ يجب تحري القيام بذلك على أساسٍ علميٍّ ينبني على الإبقاء على الأرجى منها حياةً من الناحية النظرية العلمية، والتنازل عن الأقل رجاءً منها في ذلك.