قل للمليحة.. قصة الناسك المتعبد مع تاجر اشتكى إليه من تعثر بيع الخمار الأسود | فيديو
وصلة من العزف المنفرد الأنيق خاضها عازفي الناي والقانون من فرقة المنشد «علي الهلباوي» الذي اشتهر بأغنية «قل للمليحة»، جعلته يجلس بجاورهما ليستمتع بادئهما الاستثنائي وكأنه أصبح في هذه اللحظات فردًا من الجمهور الذي جاء ليستمع إليه.
3 دقائق ونصف ذهبا فيها العازفين إلي نوعًا فريدًا من الإبداع في العزف، أعطت «الهلباوي» مزاجًا خاصًا في تلك الحفل التي كان على مسرح «ساقية الصاوي» منذ 4 أعوام.
«يا ليل».. صدح الهلباوي منشدًا بعد أن أعطى له القانون والعود نوعًا خاصًا من الكافيين، ليبدأ بدوره في إبهار الحضور بعد أن تدلل على الـ«ليل» وطلب منه المجئ إلي قاعة الحفل للاستماع إلي ما سيشدو به.
«قل للمليحة في الخمار الأسود ماذا فعلتٍ بناسكِ متعبد».. شكى الهلباوي لجمهوره حال الناسك المتعبد «ربيعة بن عامر التميمي» الشاعر العربي الذي كان يعيش في «العصر الأموي»، والذي كتب هذه الأبيات بعد أن شكى إليه تاجرًا عراقيًا ما جرى له في المدينة المنورة.
كان ربيعة في هذا الوقت يتعبد لله، زاهدًا غير مبال بأحوال العباد، حتى أتي إليه تاجرًا عراقيًا شكى إليه أنه أتي من «بلاد الرادفين» حاملًا للكثير من الخُمر، مختلفة الألوان، فباعها كلها، وما بقي معه سوى اللون الأسود.
لذا بدأ «ربيعة» قصيدته بالحديث عن نفسه «الناسك المتعبد» الذي خرج عن زهده ليلبي حاجة إنسان شكى له أمره، ثم أكمل «قد كان شمر للصلاة إزاره، حتى قعدتِ بباب المسجد، فسلبتِ منه دينه ويقينه، وتركته في حيرة لا يهتدي».
«ردي عليه صلاته وصيامه لا تقتليه بحق دين محمدِ».. صدح الهلباوي بكامل قوة صوته مناديًا «مليحة» المدينة المنورة، من قاهرة المعز، طالبًا إياها أن تستجيب لـ«ربيعة» في طلبه وتقوم بشراء خُمر العراقي المسكين.
يقول كل من ابن «حجّة الحموي» في كتابه «ثمرات الأوراق»، و«أبو الفرج الأصفهاني» في كتابه الشهير «الأغاني» أن «ربيعة» طلب ممن يملك صوتًا رائعًا أن يقوم بغناء هذه الكلمات، وبالفعل غنى العديد منهم هذه الكلمات في الشوارع، حتى شاعت الأخبار في المدينة أن «ربيعة» عاد من زهده وعشق صاحبة «الخمار الأسود».
حينها انهالت السيدات والفتيات على التاجر العراقي لشراء منه الخُمر الأسود حبًا في أن يكن جميعًا مثل «المليحة»، ولم يبق مع التاجر أي خُمر بعد هذه القصيدة، فعاد التاجر إلي «ربيعة» مرة أخرى وأعطى له ثياب نسكها له خصيصًا شكرًا منه على كلمات القصيدة التي جعلته يبيع كل الخُمر الأسود.