جسد دور واحد ميت.. ماذا حدث لفيلسوف الكوميديا الضيف أحمد في لحظاته الأخيرة؟
رقد داخل تابوت وقال: «انا لما أموت الناس هتبتدى تتكلم عنى.. أنا نكرة دلوقتى.. لكن بكرة تعرفوا لما أموت الناس هتقول إيه».. اخر كلمات نطقها الفيلسوف الكوميدي الضيف أحمد قبل ساعات قليلة من وفاته اثناء أدائه دور شخص ميت في مسرحية من إخراجه ولاقت كلماته حينها غضبا كبيرا من أصدقائه خاصة جورج سيدهم.
كان أفضل من مر على عالم الكوميديا ضلع أساسي ومهم في ثلاثي أضواء المسرح.. ممثل ومخرج ومؤلف أو كما يقال فنان شامل.. بعد وفاته انفرط عقد الفرقة التي امتعت جماهيرها سنوات طويلة، عمره الفني كان قصيرا لكن أعماله ظلت خالدة وافيهاته تتداول حتى الآن، ومرت يوم 12 ديسمبر ذكرى ميلاد الضيف أحمد.
دور واحد ميت
حين أدى الضيف أحمد، بروفة لآخر مسرحياته، قام بالنوم في تابوت ثم تحدث عن الموت، ورفض جورج سيدهم الكلام الذى أضيف للشخصية، واعترض على الضيف قائلا: لا يا ضيف الكلام تقيل قوى، ليرد الضيف: ليه بتخافوا من الموت ده الموت علينا حق؟، ليقول جورج: آه علينا حق.. بس مش بنقدمه للناس إحنا عايزين الناس تضحك، وقال الضيف: أنا هاخلى الناس تشوف الضحك اللى في الموت، وأصر الضيف على وجهة نظره وانتهت البروفة وصافح زملاءه وانصرف، وعندما وصل إلى منزله اتجه إلى الفراش متعبا، بعد قليل بدأ يشكو من ضيق في التنفس، ازداد الألم فطلب من زوجته ان تتصل بالطبيب، ومر وقت طويل دون أن يصل، كان الألم يزيد، فطلب الضيف من زوجته ان تنقله في سيارة إسعاف إلى اقرب مستشفى، وفي الطريق إلى مستشفى العجوزة كان قد فارق الحياة.
قصيدة من صديق عمره
بعد وفاة الضيف أحمد قام الفنان سمير غانم بإلقاء قصيدة "عزيزي الضيف أحمد"، والتي يقول فيها سمير غانم: "عزيزي الضيف احمد بسأل عنك كل ما بضحك، بس ما بيجيش الرد، كل ما بلمح حد واصلك، اجري له ألقاه يتشد، بيني وبينك عندك أحسن، أروق، أنظف، لولا الرب علينا بيلطف، كنا زمانا بناكل بعض، بس بنضحك، نزعل نضحك، نفرح برضه نضحك.. عزيزي الضيف أحمد ما أعرفش إذا كنت سامعني ولا ما عدتش تسمع حد، فاكر لما كنا نغني كنا نضحك طوب الأرض، بيني وبينك كل ما أدقق، أفكر، أمعن، بشعر إني خلاص ح اتجنن، بس مافيش م المكتوب بد، وآهي أيام بتعدي يا ضيف، وح نتقابل بلا تكليف، ونقعد نضحك".
القصيدة من كلمات الشاعر الرائع الراحل عصام عبدالله، ولحن العبقري محمد هلال، وقال سمير غانم إن عصام عبد الله كتب القصيدة وعرضها عليه فقرر تسجيلها فورًا، مشيرًا إلى أن وفاة الضيف أحمد قصمت ظهره.
اكتشاف فؤاد المهندس
جسد نحيل وبشرة سمراء، وملامح طفولية تجمع بين البراءة والشقاوة وخفة الظل، جعلت من الضيف أحمد، فنانًا ذو طبيعة خاصة، ليس وسيمًا ولكن يملك حضورًا جاذبًا، ليس دنجوانًا ولكن أحد الوجوه الفنية التي يشار إليها بالبنان، عشق ابن قرية "تمى الأمديد" بمحافظة الدقهلية الذي ولد يوم 12 فبراير من عام 1936، الفن منذ نعومة أظافره، وعلى مسرح الجامعة، كانت له صولاته وجولاته، وأخرج عددًا من الأعمال المسرحية التي حصل من خلالها على عدد الميداليات.
كان لأستاذ الكوميديا فؤاد المهندس، نظرة لا تخيب تجاه الشاب الصغير الضيف أحمد، ولذلك قدمه في "أنا وهو وهي"، سواء على خشبة المسرح، أو على شاشة السينما، ونجح هذا النحيل في مشاهده القليلة التي جسّد من خلالها خادمًا للأستاذ أن يسرق الكاميرا في اللحظات التي يظهر فيها وينتزع ضحكات المشاهدين.
ومع فرقة "ثلاثي أضواء المسرح"، لمع الضيف أحمد بجوار صديقيه جورج سيدهم، وسمير غانم، وكان يعد أكثرهم موهبة لأنّه لم يكن ممثلًا فقط بل كان مؤلفًا أيضًا، وكان يعد العقل المدبر للثلاثي