الإفتاء تجيب..هل يجوز التيمم من الجنابة بدلا من الغسل بسبب البرد ؟
هل يجوز التيمم من الجنابة بدلا من الغسل بسبب البرد، لعله من أكثر ما يبحث عنه الكثيرون في هذا الوقت خاصة في ظل موجة البرد القارس هذه الأيام، وذكر الفقهاء أنه لا يجوز للإنسان التيمم بدلا من غسل الحنابة؛ حتى لو كان الماء باردًا، إلا إذا كان هناك عذر لمرض ونحوه وأمره الطبيب بالتيمم وعدم استخدام الماء، فيجوز ذلك من أجل عذر المرض.
ويصعب الغسل بالماء وقد يتعذر على البعض تسخينه، بما يجعلهم يتساءلون عن هل يجوز التيمم من الجنابة بدلا من الغسل بسبب البرد ؟، وإن كان هذا جائز فكيف يكون التيمم من الجنابة؟، وماذا عن الوضوء ؟، وما نحوها من الأسئلة التي فرضتها أجواء البرد الشديد الذي صعب على البعض استخدام الماء، ولعل أبرزها بعد الوضوء، الاستفهام عن هل يجوز التيمم من الجنابة بسبب البرد الشديد؟.
قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن التيمم رخصة يجوز استخدامها عند فقد الماء فقدًا حقيقيًا أو حكمًيا أي لا يوجد ماء.
وأوضح «وسام»عبر فيديو البث المباشر لدار الإفتاء على صفحتها الرسمية على فيس بوك ردًا على سؤال: هل يجوز التيمم وترك الوضوء بسبب البرد وخصوصًا في الفجر ؟ أن فقد الماء الحقيقي يعني عدم وجود الماء في المكان الذي يريد العبد أن يصلي فيه، أن فقد الماء حكميًا يعني وجود الماء مع العجز على استعماله بسبب مرض أو حالة يعجز فيها الإنسان عن استعمال الماء.
وأكد أن الأصل أنه لا يجوز للإنسان التيمم بدلا من الوضوء بسبب أن الماء بارد، لافتًا إلى أنه في حال حذر الطبيب المختص من استعمال الماء البارد للوضوء ولم يجد هذا الشخص المريض ما يسخن به الماء؛ يجوز له التيمم وإدراك الصلاة حتى لا تخرج عن وقتها.
هل يجزئ التيمم عن الغسل والوضوء
ذكرت دار الإفتاء، أنه لا يشترط في التيمم أن يكون بالتراب على الأرض، بل يجوز التيمم بالغبار الموجود على الملابس أو الفراش أو الإسفنج أو الحائط أو غيرها؛ أخذًا بقول جماهير العلماء في ذلك.
وأضافت دار الإفتاء في بيان لها، أنه يجوز التيمم أيضًا بالرخام أو الحجارة التي لا تراب عليها؛ أخذًا بقول الحنفية والمالكية الذين اكتفَوْا باشتراط كون الشيء المتيمَّم به من جنس الأرض أو أجزائها المتولدة عنها، مشيرة إلى أنهم لم يشترطوا في صحة ذلك الغبار ولا التراب.
واستشهدت بقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: 6]، لافتةً إلى أنه العلماء أجمعوا على جواز التيمم بكل تراب طاهرٍ له غبارٌ.
هل يقضي من تيمم خوف البرد الشديد وصلى ثم أمكنه الغسل
نوهت دار الإفتاء بأنه إذا كنت تتضرر باستعمال الماء في وقت البرد مثلا، فإن عليك أن تتخذ الوسائل التي تستطيع من خلالها أن تغتسل ولا تتضرر، وذلك مثل تسخين الماء، والاغتسال في مكان دافئ ونحو ذلك، ولا يجوز التيمم ما دمت تستطيع استعمال الماء على نحو ما ذكرنا.
وورد أنه قال ابن قدامة في المغني: وإن خاف من شدة البرد وأمكنه أن يسخن الماء، أو يستعمله على وجه يأمن الضرر مثل أن يغسل عضوا عضوا، وكلما غسل شيئا ستره لزمه ذلك، وإن لم يقدر تيمم، وصلى في قول أكثر أهل العلم، وإن كنت تتضرر باستعمال الماء مهما عملت، ثم تيممت وصليت، ثم بعد ذلك قدرت على استعمال الماء، فلا قضاء عليك، ولا تلزمك الإعادة، كما هو الراجح من أقوال أهل العلم.
هل يقضي من تيمم خوف البرد الشديد وصلى ثم أمكنه الغسل، ورد أنه إذا عجزت عن استعمال الماء، فكان الواجب أن تتيمم، وتصلي قبل خروج الوقت. أما وقد حصل ما حصل، فالواجب عليك قضاء هذه الصلاة بالتيمم إذا استمر عجزك عن استعمال الماء، وإذا قدرت على استعمال الماء، وجب أن تغتسل وتقضي تلك الفائتة، ولا تأثم في هذه الحالة إذا كنت جاهلا أو ناسيا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
حكم التيمم بدلًا عن الغسل لشدة البرد
حكم التيمم بدلًا عن الغسل لشدة البرد، ورد فيه أن ذا كان في محل لا يستطيع فيه تدفئة الماء وليس هناك كن يستكن به للغسل بالماء الدافي وخاف على نفسه فإنه يصلي بالتيمم، ولا حرج عليه لقول الله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وقد ثبت أن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- كان في غزوة السلاسل أصابته جنابة وكان في ليلة باردة شديدة البرد فلم يغتسل بل توضأ وتيمم وصلى بالناس وسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدما قدم من الغزوة فقال: يا رسول الله! فإني خفت على نفسي وتأولت قوله سبحانه: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29] فتبسم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل له شيء ولم يأمره بالإعادة عليه الصلاة والسلام. فدل ذلك على أنه عذر شرعي.
حكم التيمم من الجنابة في البرد
حكم التيمم من الجنابة في البرد، ورد أنه يجب على المسلم إذا أصابته جنابةً وأراد الصلاة أن يغتسل بالماء، فإن عجز عن استخدام الماء إمّا لفقدانه أو لكون استعماله يُسبّب ضررًا له، أو للبرودة الشديدة مع عدم وجود ما يُمكّنه أن يسخن الماء به، فإنّه يعدل حينها عن الاغتسال بالماء إلى التيمّم بالتراب.
حكم التيمم من الجنابة في البرد، ورد أنه قد دلّت آيات القرآن الكريم على جواز التيمّم لمن خشي أن يُؤدّي اغتساله بالماء إلى موته أو زيادة مرضٍ عنده أو تأخر شفائه منه، وقد أخبر الإمام ابن حجر -رحمه الله- عن جواز التيمّم لمن خشي على نفسه الهلاك إذا استخدم الماء للاغتسال بسبب البرد أو غيره، فيظهر من ذلك أنّه إن كان بإمكان المسلم أن يجد ماءً دافئًا أو يُسخّن ما لديه منه أو يشتري ماءً ساخنًا من جيرانه أو غيرهم، فالواجب عليه فعل ذلك، وإلّا فهو معذورٌ بالتيمّم في حال البرد الشديد الذي يترتب عليه خطرًا باستخدامه.
حكم التيمّم مع وجود الماء
حكم التيمّم مع وجود الماء، لا يجوز للمسلم أن يتيمّم مع وجود الماء وهو قادرٌ على استخدامه، بل الواجب عليه أن يستخدمه للوضوء والاغتسال من الجنابة، ولا يُعذر بتركه والاكتفاء بالتيمّم، ولو تيمّم مع وجود الماء فصلّى، لم تصحّ صلاته؛ لأنّ شرط الطهارة فيها مفقودٌ، أي الطهارة بالماء عند القدرة على ذلك، فيظهر من ذلك أن التيمّم مع وجود الماء تساهلٌ كبيرٌ وفعلٌ قبيحٌ، لا يجوز من المسلم لكونه مُخالفٌ للأدلة الشرعيّة.
كيفية الغسل من الجنابة بدون ماء
كيفية الغسل من الجنابة بدون ماء، ورد فيه أنه قال-تعالى-: (وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا).
كيفية الغسل من الجنابة بدون ماء، ورد أنه أجمعت الأمَّة على جواز التيمّم بدلًا عن الماء في الوضوء والغسل؛ حال تعذُّر استخدام الماء أو انقطاعه وفقده، ودليل مشروعيته من السنَّة: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ في القَوْمِ، فَقالَ: يا فُلَانُ ما مَنَعَكَ أنْ تُصَلِّيَ في القَوْمِ؟ فَقالَ يا رَسولَ اللَّهِ: أصَابَتْنِي جَنَابَةٌ ولَا مَاءَ، قالَ: عَلَيْكَ بالصَّعِيدِ فإنَّه يَكْفِيكَ)، والصَّعيد: ما صعد عن الأرض وهو التراب.
كيفية الغسل من الجنابة بدون ماء، ورد أن التيمُّم: هو بديل الوضوء، ويكون بضرب التراب الطّيب باليدين بنيّة استباحة الصلاة وغيرها، وكيفيّته أن ينوي المُتيمّم ثمَّ يضرب الأرض بباطن يديه، ثمَّ ينفخهما لتخفيف الغبار عنهما، ثمَّ يمسح وجهه، ثمَّ يمسح يده اليمنى بباطن اليسرى، ثمَّ يمسح اليسرى بباطن اليمنى، ودليله ما ثبت عن كيفية تيمّم النبي- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّما كانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَفَّيْهِ الأرْضَ، ونَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بهِما وجْهَهُ وكَفَّيْهِ).
كيفية الغسل من الجنابة بدون ماء، ورد أنه قيل: يُقدّم اليدين على الوجه، والأكمل ضربتان، ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، ويجوز التيمم بكلِّ طاهر على الأرض؛ من حجر ورمل أو تراب وطين.
متى يجوز التيمم للغسل من الجنابة
متى يجوز التيمم للغسل من الجنابة، هناك سببٌ واحدٌ يُبيح التيمم؛ وهو عدم قدرة المسلم على استخدام الماء، ويكون ذلك في: فقد الماء بعدم توفر الماء أصلًا، أو وجود ما لا يكفي لطهارة المسلم، وإن استطاع استعمال ما تيسّر من الماء ثمَّ تيمّم عن الباقي جاز ذلك، وإن وجد الماء بعد أدائه للصلاة؛ فذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه لا يُعيدها، أمّا عند الشافعية فعليه أن يُعيد الصلاة عند توفر الماء.
متى يجوز التيمم للغسل من الجنابة، في المرض للمريض أن يتيمَّم إذا خاف على نفسه من زيادة المرض، أو تأخر الشفاء، أو تلف العضو، وذلك باتّفاق الفقهاء. العجز عن استخدام الماء وذلك للمُكرَه، أو المحبوس، أو الخائف من حيوان أو إنسان. الحاجة إلى الماء وهنا يتيمم ولا يُعيد صلاته، وإن ظنَّ أنَّه سيحتاجه مستقبلًا. وجوب الاغتسال بالماء عند وجوده لمن تيمم يُنقَض التيمم بكلّ ما يُنقِض الوضوء، ويُنقَض أيضًا بوجود الماء لمن فقده، أو القدرة على استعماله لمن عجز عنه، فإذا وَجد الماء وقدر على استعماله بَطُلَ التيمم، لذا فإن وضوءه ينتقض، ويجب عليه التّطهر بالماء، ويكون الغسل بالماء على وجهين إمّا بصفته الكاملة الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو بالوجه المجزئ.
متى يجوز التيمم للغسل من الجنابة، صفة الغُسل الكامل والمجزئ فيما يأتي: الغسل الكامل أن ينوي رفع الحدث، ثمّ يغسل يديه ثلاثًا، ثم يغسل ذكره، ثمَّ يتمضمض ويستنشق مرَّة واحدة، ثمَّ يتوضأ وضوءه للصلاة دون إعادة للمضمضة أو الاستنشاق، ثمَّ يخلِّل شعره بالماء ويغسل رأسه، ويفيض الماء على جسده مبتدئًا بشقِّه الأيمن ثمَّ الأيسر، ويراعي في ذلك تدليك جسده، مع وصول الماء لسائر البدن. الغسل المجزئ ينوي المسلم الغسل، ثم يعُمِّم بدنه كلّه بالماء مرَّة واحدة.