هل يخاف الميت من الدفن ليلا ؟ أسرار البرزخ 3 ساعات لاتدفن فيها أحدا
هل يخاف الميت من الدفن ليلا ؟ الدفن ليلا من الأمور المنتشرة في بعض البلاد، ولا يوجد أحد من العلماء حرم الدفن ليلا، ولم يرد دليل على أن الميت يخاف من الدفن ليلا، وعن حكم الدفن في الليل أفاد الفقهاء بأنه يجوز الدفن ليلًا بلا حرج، وإن رأى أهل الميت الانتظار حتى النهار لتكثير عدد المصلين على الميت والمشيِّعين له فذلك أفضل.
هل يخاف الميت إذا دفن ليلا ؟
لا مانع شرعا من دفن الميت ليلا، والميت لا يخاف إذا دفن ليلًا، وعلى أهل المتوفى الإكثار له من الأدعية والصدقات له أي ميت يحتاج إلى ذلك، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».
هل يجوز دفن الميت ليلا
قالت دار الإفتاء، إنه يجوز الدفن ليلا بإجماع أهل العلم؛ مستدلة بقول الشيخ الحطاب المالكي في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (2/ 221، ط. دار الفكر): [الدفن ليلًا جائز؛ نقله في "النوادر"، وقول النووي: في دفن فاطمة ليلًا جواز الدفن بالليل، وهو مجمعٌ عليه، لكن النهار أفضل إذا لم يكن هناك عذر.
وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «ما حكم الدفن ليلًا؟»، أن الدفن ليلا كرهه بعض العلماء مع الإباحة؛ لما أخرجه مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَليحسن كَفَنَهُ».
ونقلت قول الإمام النووي في إباحة الدفن ليلًا حيث قال في "شرحه على مسلم" (7/ 11، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال جماهير العلماء من السلف والخلف: لا يكره؛ واستدلوا بأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وجماعة من السلف دُفِنوا ليلًا من غير إنكار، وبحديث المرأة السوداء، والرجل الذي كان يقم المسجد فتوفي بالليل فدفنوه ليلًا، وسألهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه، فقالوا: توفي ليلًا فدفنَّاه في الليل، فقال: «أَلَا آذَنْتُمُونِي؟» قالوا: كانت ظلمةً، ولم ينكِر عليهم. وأجابوا عن هذا الحديث: أن النهي كان لترك الصلاة، ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل؛ وإنما نهى لترك الصلاة، أو لقلة المصلين، أو عن إساءة الكفن، أو عن المجموع كما سبق].
أوقات الدفن المنهي عنها
أكدت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة ودفن الميت قبل المغرب جائز شرعًا، مشددة على أن يكره تعمد تأخير الدفن إلى هذا الوقت، منوهة بأن عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه قال: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّى فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ -أى تميل- الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ" رواه مسلم.
وعرضت قول الإمام النووى قال فى "شرح صحيح مسلم: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا"، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تُكْرَهُ فِى هَذَا الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِمَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الدَّفْنِ إِلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، ويُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ بِلَا عُذْرٍ، وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ الدَّفْنُ فِى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِلَا تَعَمُّدٍ، فَلَا يُكْرَهُ".
طريقة دفن الميت عند ازدحام القبر
طريقة دفن الميت عند ازدحام القبر، أفادت دار الإفتاء المصرية، بأنه مِن المُقَرَّرِ شرعًا أنَّ دَفنَ الميت فيه تكريمٌ للإنسان؛ لقول الله – تعالى- في مَعرِض الِامتِنان: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا»، ( سورة المرسلات: الآيات 25-26).
ونوهت « الإفتاء» فى إجابتها عن سؤال: «هل دفن الموتى فوق بعضهم عند الاذدحام فيه أثم؟»، بأن الإسلامُ حَثَّ على تكريم الميت، وأَجمَعَ المسلمون على أنَّ دَفن الميت ومُوَارَاةَ بَدَنِهِ فرضُ كِفَايَةٍ؛ إذا قام به بَعضٌ مِنهم أو مِن غيرهم سَقَط عن الباقين.
وأوضحت أنه في حال امتلاء القبور يجب الدفن في قبور أخرى؛ لأنه لا يجوز الجمع بين أكثر من ميت في القبر الواحد إلا للضرورة، ويجب الفصل بين الأموات بحاجز حتى ولو كانوا من جنس واحد.
ولفتت إلى أنه إذا حصلت الضرورة فيمكن عمل أدوار داخل القبر الواحد إن أمكن، أو تغطية الميت القديم بقَبْوٍ مِن طوب أو حجارة لا تَمَسّ جسمه ثم يوضع على القَبْو الترابُ ويدفن فوقه الميت الجديد، وذلك كله بشرط التعامل بإكرام واحترام مع الموتى أو ما تبقى منهم؛ لأن حُرمة المسلم ميتًا كحُرمته حيًّا.
كيفية دفن الميت
دفن الميت واجب شرعًا للميت المسلم وللذمي، وللسقط -وهو الجنين الذي يسقط من بطن أمه قبل تمام أشهر الولادة- إذا ظهر فيه مبدأ خلق الآدمي، ويسنّ للسقط إذا لم يظهر فيه مبدأ خلق آدمي.
جاء في [بشرى الكريم 1/ 469]: "ويغسل [السقط] ويكفن ويدفن وجوبًا إن بلغ أربعة أشهر أي: مئة وعشرون يومًا، وهي حدّ نفخ الروح غالبًا، وتحرم الصلاة عليه؛ إذ الغسل أوسع بابًا منها، إذ الذمي يغسل ولا يصلى عليه، فإن لم يبلغ الأربعة الأشهر لم يجب له شيء، وندب لفه بخرقة ودفنه، فإن ظهر خلقه قبل الأربعة على خلاف الغالب وجب له ما عدا الصلاة، ولم يظهر خلقه بعد الأربعة لم يجب له شيء".
وأقل قدر واجب للدفن حفرة تستر رائحة الميت وتمنعه من السباع، وأكمله حفرة قدر قامة وبسطة، أي قامة الرجل المعتدل قائمًا مع بسط يديه إلى الأعلى، وتقدر بأربعة أذرع ونصف، أي مترين تقريبًا بالقياسات الحالية، ويستحبّ أن يوسع قدر ذراع وشبر؛ لما روى الترمذي في [سننه] عن هشام بن عامر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قتلى أحد: «احْفِرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا».
وأما كيفية الدفن: إذا كانت الأرض صلبة استحب أن يكون القبر لحدًا، وهو أن يحفر حفرة قدر قامة الميت، ومن ثم يحفر بجانب القبر باتجاه القبلة قدر ما يسع الميت ثم يصف عليه اللبن.
وأما إذا كانت الأرض رخوة استحب أن يكون القبر شقًا، وهو أن يحفر شقًا في وسط القبر يوضع فيه الميت ثم ينصب عليه اللبن.
والأولى عدم استعمال أي مادة مسّتها النار في مكونات القبر، كالإسمنت والحديد، واستعمال الحجارة والطين ونحوها من المواد.
جاء في [مغني المحتاج 3/ 37]: "واللحد... والمراد أن يحفر في أسفل جانب القبر القبلي مائلًا عن الاستواء قدر ما يسع الميت، ويستره أفضل من الشق بفتح المعجمة بخط المصنف، وهو أن يحفر قعر القبر كالنهر أو يبنى جانباه بلبن أو غيره غير ما مسته النار، ويجعل بينهما شق يوضع فيه الميت، ويسقف عليه بلبن أو خشب أو حجارة وهي أولى، ويرفع السقف قليلًا بحيث لا يمس الميت إن صلبت الأرض؛ لقول سعد بن أبي وقاص في مرض موته: «الْحَدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه مسلم".
وذهب الحنفية والحنابلة إلى كراهة استعمال ما مسّته النار، إلا أنّ الحنفية قد استثنوا حالة كون الأرض رخوة، أو إذا استعمل فوق الميت لا حوله، فلا كراهة في استعمال ما مسته النار كالآجر ونحوه.
جاء في [حاشية ابن عابدين على الدر المختار 2/ 236]: "ويسوى اللبن عليه، أي على اللحد بأن يسد من جهة القبر ويقام اللبن فيه... لا الآجر بمد الهمزة والتشديد أشهر من التخفيف مصباح، وقوله: المطبوخ صفة كاشفة، قال في البدائع: لأنه يستعمل للزينة ولا حاجة للميت إليها؛ ولأنه مما مسته النار، فيكره أن يجعل على الميت تفاؤلًا، كما يكره أن يتبع قبره بنار تفاؤلًا، قوله: لو حوله إلخ، قال في الحلية: وكرهوا الآجر وألواح الخشب، وقال الإمام التمرتاشي: هذا إذا كان حول الميت، فلو فوقه لا يكره، لأنه يكون عصمة من السبع، وقال مشايخ بخارى: لا يكره الآجر في بلدتنا للحاجة إليه لضعف الأراضي".
وجاء في [شرح منتهى الإرادات 1/ 373]: "يكره أن يجعل فيه، أي القبر حديد ونحوه، ولو أن الأرض رخوة تفاؤلًا بأنْ لا يصيبه عذاب؛ لأنه آلته".
ويكره دفن الميت في تابوت، وإنْ أوصى بذلك فلا تنفذ وصيته، إلا إذا كانت الأرض رخوة أو ندية يخاف انهيار التراب على الميت، أو كان جسد الميت مهترئًا، أو خيف عليه من نبش السباع، فيجوز دفنه بالتابوت بلا كراهة.
جاء في [مغني المحتاج 2/ 53]: "ويكره دفنه في تابوت بالإجماع؛ لأنه بدعة إلا في أرض ندية بسكون الدال وتخفيف التحتية أو رخوة وهي بكسر الراء أفصح من فتحها: ضدّ الشديدة فلا يكره للمصلحة، ولا تنفذ وصيته به إلا في هذه الحالة، ومثل ذلك ما إذا كان في الميت تهرية بحريق أو لذع بحيث لا يضبطه إلا التابوت أو كانت امرأة لا محرم لها كما قاله المتولي؛ لئلا يمسّها الأجانب عند الدفن أو غيره، وألحق في المتوسط بذلك دفنه في أرض مسبعة، بحيث لا يصونه من نبشها إلا التابوت".
كيفية إدخال الميت في قبره
1. يوضع الميت على جهة مؤخر القبر، ثمّ يستحب أن يسلّ من جهة رأسه.
2. يوضع الميت على جنبه الأيمن، ويجب جعله مستقبلًا القبلة بصدره، ويحرم جعل ظهره للقبلة أو وضعه على بطنه أو ظهره.
3. يكون وجه الميت جهة جدار القبر، ويستحب أن تثنى قدماه ليكون على هيئة الراكع.
4. ويسن أن يتولى إدخال الميت في القبر أقرب الناس إليه من الذكور، وأن يذكر الدافن الدعاء: (بسم الله وعلى ملة رسول الله وعلى آله وسلم).
5. وتحلّ العصائب عن الكفن، ويسنّ أن ينحى الكفن عن خده الأيمن ويوضع على التراب، ويسند بلبنة إن احتيج لذلك.
6. يوضع نحو لبن أو خشب على القبر، ويسنّ لمن حضر عند الدفن أن يحثو حثيات على القبر، ثم يهال التراب، ويحرم إهالة التراب على الميت مباشرة من غير حائل.
جاء في [مغني المحتاج 2/ 39]: "ويحثو ندبًا بيديه جميعًا من دنا من القبر ثلاث حثيات تراب من تراب القبر، ويكون الحثي من قبل رأس الميت؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «حثا من قبل رأس الميت ثلاثًا» رواه البيهقي وغيره بإسناد جيد، ولما فيه من المشاركة في هذا الفرض...، ويندب أن يقول مع الأولى {منها خلقناكم} [طه: 55]، ومع الثانية: {وفيها نعيدكم} [طه: 55]، ومع الثالثة: {ومنها نخرجكم تارة أخرى} [طه: 55]، ولم يبين الدنوّ وكأنه راجع إلى العرف، وعبارة الشافعي في الأم: من على شفير القبر، وعبارة الروضة: وأصلها كلّ من دنا، وقال في الكفاية: إنه يستحب ذلك لكل من حضر الدفن وهو شامل العبد أيضًا، وهو كما قال الولي العراقي ظاهر، ثم يهال من الإهالة وهي الصب: أي يصبّ التراب على الميت بالمساحي؛ لأنه أسرع إلى تكميل الدفن، والمساحي بفتح الميم جمع مسحاة بكسرها، وهي آلة تمسح الأرض بها، ولا تكون إلا من حديد بخلاف المجرفة، قاله الجوهري... وظاهر أنّ المراد هنا هي أو ما في معناها، وإنما كانت الإهالة بعد الحثي؛ لأنه أبعد عن وقوع اللبنات وعن تأذي الحاضرين بالغبار".
7. يسنّ وضع جريد أخضر على القبر.
8. يسنّ أن يمكث جماعة بعد دفن الميت مدة من الزمن يسألون الله تعالى له التثبيت ويستغفرون الله له.
9. يسنّ تلقين الميت بعد دفنه، والدعاء له بالتثبيت والرحمة، سواء كان الدعاء سرًا أو جهرًا.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله تعالى: "يسنّ تلقين الميت المكلف بعد الدفن، فيقال له: يا عبد الله، ابن أمة الله، اذكر ما خرجت عليه من دار الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأنّ الجنة حق، وأنّ النار حقّ، وأنّ البعث حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، وأنك رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا، وبالقرآن إمامًا، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخوانًا. لحديثٍ ورد فيه، قال في الروضة: والحديث وإن كان ضعيفًا، لكنه اعتضد بشواهد من الأحاديث الصحيحة، ولم تزل الناس على العمل به من العصر الأول في زمن من يقتدى به، وقد قال الله تعالى: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}، وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير في هذه الحالة، ويقعد الملقن عند رأس القبر، أما غير المكلف وهو الطفل ونحوه ممن لم يتقدم له تكليف فلا يسنّ تلقينه؛ لأنه لا يفتن في قبره" انتهى من [مغني المحتاج].
10. لا مانع شرعًا من تمييز القبر بصف اللبن على حدوده ووضع الشاهد عليه. والله تعالى أعلم.
دعاء للميت
دعاء للميت مكتوب يعد من جملة ادعية المتوفي التي يحتاجها الميت في قبره، لأن دعاء للميت وغيرها من ادعية المتوفي هتعد من جملة الأعمال التي تخفف عن الميت عذاب القبر بل وقد تبدل قبره تمامًا من حفرة من نار إلى روضة من رياض الجنة، لذا على الأحياء إدارك قيمة وأهمية الدعاء للميت وادعية المتوفي عامة والحرص عليها، ومن دعاء للميت هذه عشرة ادعية للمتوفي تخفف عنه عذاب القبر:
• اللهم ارحمه واغفرله وآنس وحشته ووسع قبره اللهم اجعل عيده في الجنة أجمل، اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة، ولا تجعله حفرةً من حفر النّار.
• اللهم ارحمه رحمةً تسع السماوات والارض اللهم اجعل قبره في نور دائم لا ينقطع واجعله في جنتك آمنًا مطمئنًا يارب العالمين.
• اللهمّ افسح له في قبره مدّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنّة، اللهم ارحمه ولا تطفئ نور قبره.
• يا قيوم أقمه على نور في قبره، ومستبشرا بحسن إجابته وتثبيتك إياه عند السؤال، اللهمّ أعذه من عذاب القبر، وجفاف الأرض عن جنبيها.
• اللهم اغفر واصفح عن ميتنا وباعد بينه وبين فتنة القبر واجعله روضة عليه مستبشرا بلقائك لا إله إلا أنت الغني عن التعذيب الغفور لمن ينيب.
• اللهم اغفر لميتنا، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وأفسح له في قبره ونور له فيه.
• اللَّهُمَّ إنَّ فُلانَ ابْنَ فُلان في ذِمَّتِكَ وحَلَّ بجوارك، فَقِهِ فِتْنَةَ القَبْر، وَعَذَابَ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الوَفاءِ والحَمْدِ، اللَّهُمَّ فاغفِرْ لهُ وَارْحَمْهُ، إنكَ أَنْتَ الغَفُور الرَّحيمُ
• اللهم ! اغفرله وارحمه، واعف عنه وعافه،وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بماء وثلج وبرد،ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس،وأبدله دارا خيرامن داره، وأهلا خيرا من أهله،وزوجا خيرا من زوجه، وقه فتنة القبر وعذاب النار.
• يامن تجير المستجير ومنجي الغريق والمكروب، ومنقذ البائس من الضيق والهموم نسألك إجارته ونجدته في قبره ورحمته وتسلية اهله وسلوانهم.
• يا الله أنت المحيي وأنت كذلك المميت، اللهم إنا لا نعترض على قضائك ونسألك أن تجعله نورا وضياء على ميتنا ومن يسكنون قبره من قبله، اللهم أره منزله بجنتك، وأكرمه بحسن الصحبة والعمل الصالح الذي ارتضيته منه في حياته وسره وعلنه.
هل يخاف الميت في القبر؟
القبر هو أولى منازل الآخرة، حيث إنَّ الإنسان فيه يُبشَّر بمكانه في الجنة أو منزله من النار، فإن كان العبد مُؤمنًا لقي في قبره الراحة والفسحة والسّعادة، وإن كان كافرًا عاصيًا فاسقًا لقي نتيجة بعده عن الله في قبره وتكذيبه بما أرسله الله وجاء به الأنبياء، وإن كان المسلم الذي دخل القبر قد اقترف ذنوبًا يسيرةً فإن له في هذه الحالة مُعاملةً أخرى، وكلُّ ذلك سيجري بيانه خلال هذه المقالة.
تبدأ حياة الميت الثانية بعد دخوله القبر، فلا تنتهي الحياة بموت الإنسان في حقيقة الأمر، بل إنّه ينتقل من حكم عن الحياة الدنيا بطريق الموت إلى الحياة الآخرة التي أولها القبر، والقبر ليس إلا طريق عبورٍ بين الدنيا والآخرة، فإن جاء أمر الله وقامت الساعة، فحينها ينتقل أهل القبور إلى مرحلةٍ أخرى هي مرحلة العرض والحساب، وتوزيع الجوائز والمنازل بين الجنة والنار.
حياة الميت في البرزخ
حياة الميت البرزخية هي التي تكون بعد موت الإنسان إلى بعثه، وسواء قُبِر أو لم يُقبر أو احترق أو أكلته السباع، والذي يدل على هذه الحياة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت بعدما يوضع في قبره يسمع قرع نعال أهله، كما جاء في الحديث.
وهذه الحياة إما أن تكون نعيمًا وإما أن تكون جحيمًا، والقبر فيها إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران، والذي يدل على النعيم والعذاب فيها، قول الله تعالى عن قوم فرعون: «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ» (سورة غافر:46)، قال ابن مسعود: إن أرواح آل فرعون ومن كان مثلهم من الكفار تحشر عن النار بالغداة والعشي فيقال هذه داركم.
وجاءت العديد من النصوص القرآنيّة في إثبات ما يمرُّ به العبد بعد دخوله القبر من مراحل بين السؤال والحساب والنعيم والعذاب، فمن كان في حياته قريبًا من الله -سبحانه وتعالى- مُتعلّقًا فيه، مرّت عليه تلك المراحل سلسةً يسيرةً، ومن كان فيها غافلًا عن الله عاصيًا له مُطيعًا لهواه ورغباته فإنّه سيلقى أقسى أنواع العذاب والحساب والسؤال من قِبَل ملائكة الله، وفيما يأتي بيان بعض النصوص التي تُثبت شيئًا ممّا يمرُّ به الميت في القبر حسب ترتيبها المنطقي:
من آمن بالله حق الإيمان فإنه سيدخل قبره آمنًا مُطمئنًا، فإذا ما سأله الملكان أجابهما بثباتٍ وسكينةٍ واطمئنان، وذلك لما كان منه من الإيمان والتقوى والعمل الصالح وحسن الاستعداد للآخرة، قال الله تعالى: «ثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ» (سورة إبراهيم: 27).
إذا أُنزِل الميّت إلى القبر ثم انصرف عنه أهله أتاه ملكان مبعوثات من الله -سبحانه وتعالى- ليسألاه بعض الأسئلة، وبناءً على إجابته على أسئلتهم يكون مصيره في القبر الذي سيوصله إلى مصيره المحتوم في الآخرة، فإذا أتى الملكان للميت بعد انصراف الناس عنه أقعداه في موضعه في القبر ثم سألاه عن ربه من هو؛ فإن كان مؤمنًا أجاب بثباتٍ وثقة: ربي الله، فيسألانه عن نبيه، فيجيب: نبيّي محمد، فيسألانه عن دينه، فيقول: ديني الإسلام، حتى إذا انتهيا من الأسئلة رأى منزله من الجنة جزاء ما كان منه من الصلاح والتقوى، أما الكافر فإنه يُجيب بعد كل سؤال من تلك الأسئلة بقوله: هاه هاه لا أدري، فيُرى مقعده ومكانه من النار جزاء اتّباعه لهواه وكفره بما جاء به الله على لسان أنبيائه.