بدأ مناوراته.. ما هو «الثالوث النووي الرادع» الذي أمر بوتن بوضعه في حالة تأهب؟
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية يومها الخامس، وبينما تشهد مناطق احتدام المعارك تطورات ميدانية، أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويجو الإثنين، أن قوات «الثالوث النووي» الروسي بدأت المناوبات القتالية بطواقم معززة، امتثالًا لأوامر الرئيس، فلاديمير بوتين، ما اعتبره الغرب «ابتزازا نوويا».
ونستعرض القدرات العسكرية لـ«الثالوث النووي» الروسي، ولماذا يلوح بوتين باستخدامه، وآخر التطورات الميدانية.
أبلغ وزير الدفاع الرورسي، الرئيس فلاديمير بوتين، بأنه «تنفيذا لأمره»، بدأت مراكز التحكم التابعة لقوات الصواريخ الاستراتيجية والأسطول الشمالي وأسطول المحيط الهادئ وقيادة الطيران بعيد المدى، بـ«المناوبات القتالية بطواقم معززة»، حسبما أفادت وزارة الدفاع الروسية.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، وضع «قوة الردع» في الجيش الروسي، في حالة تأهب، وهي قوة تشمل «عنصرا نوويا» ما أثار تنديدًا غربيًا كبيرًا.
ردًا على العقوبات
وأمر بوتين، بوضع الردع النووي الروسي في حالة تأهب، أمس، خلال اجتماعه مع وزير الدفاع سيرجي شويجو، ورئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف، مشددا على أن هذه الخطوة تأتي ردا على مسؤولي الغرب الذين «لم يكتفوا باتخاذ خطوات عدائية اقتصادية وحسب.. بل أدلى مسؤولوهم في حلف الناتو بتصريحات عدوانية ضد روسيا».
وأثار قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحد، وضع «قوة الردع» في الجيش الروسي، في حالة تأهب وهي قوة تشمل «عنصرا نوويا» تنديدًا دوليًا كبيرًا.
«ابتزاز» أم «عداء مشترك»؟
وبينما تشمل «قوة الردع» الروسية التي ذكرها بوتين أسلحة ردع تقليدي كصواريخ «كروز» بعيدة المدى ذات القدرة الهجومية الدقيقة المستخدمة بالفعل في معاركه في أوكرانيا، إلا أن بوتين تعمد الحديث عن «الثالوث النووي الروسي» أمس، ردًا على العقوبات الغربية الموجعة بحسب صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية؛ إذ اعتبرت الصحيفة الفرنسية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يواصل «ابتزازه النووي» للغرب.
وفي السياق ذاته، اعتبر إيجوور ديلانوي، نائب مدير المرصد الفرنسي الروسي في موسكو، أن هذا «الاستنفار» يمكن أن يكون ردا على حدثين، «العقوبات القاسية التي اتخذها الغرب ضد بوتين»، و«مساعدة الغرب العسكرية لأوكرانيا»، معتبرا أنها شكل من أشكال «العداء المشترك».
بوتين يذكر الغرب بـ«أكبر ترسانة نووية في العالم»
وطرح ديلانوي الخبير المتخصص في الجغرافيا السياسية الروسية، حسب الصحيفة، فرضية ثالثة، وهي أن «بوتين، من خلال هذه التصريحات، يسعى للقيام بعمليات عسكرية واسعة النطاق في الساعات القادمة، تتضمن هجوما على كييف، ولذلك فهو يذكّر بلغة التهديد الواضح، بأنه يمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم ويؤكد أنه مستعد لاستخدامها إذا كان الغرب سيحبط خططه.
ما هو الثالوث النووي؟
وبحسب صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية فإن «القوة الرادعة» الروسية هائلة ويتضمن «الثالوث النووي» نحو 2565 رأسا نوويا هجوميا، من بينها 1185 رأسا نوويا يمكن إطلاقها بواسطة 306 صواريخ باليستية عابرة للقارات، وذلك بالاستناد إلى التقرير السنوي الصادر في فبراير عن «اتحاد العلميين الأمريكيين»، وهو مركز أبحاث متخصص في الأمن الإستراتيجي.
وتضيف الصحيفة الفرنسية، أن روسيا تمتلك حوالي 800 رأس نووي مثبتة على عشرات الصواريخ الباليستية الإستراتيجية التي يمكن إطلاقها من البحر إلى الأرض، بواسطة 3 غواصات للصواريخ الباليستية النووية، إضافة إلى أن الجيش الروسي قادر على إسقاط 580 رأسا حربيا من طائرات توبوليف القاذفة.
ومن الناحية الدفاعية تعتمد روسيا على 387 رأسا نوويا «قابلة للتركيب» فضلًا عن حوالي 900 صاروخ مضاد للصواريخ الباليستية، و500 رأس يتم إطلاقها من طائرات مقاتلة من طراز «توبوليف» و«سوخوي» و«ميج»، كما تشمل الدفاعات الروسية درعا صاروخيا وأنظمة تحكم في الفضاء، ودفاعا جويا ومضادات للأقمار الصناعية، كذلك تمتلك روسيا حوالي 1912 رأسا نوويا جاهزة للنشر في حالة وقوع هجوم.
وتمتلك روسيا ما يقرب من 6 آلاف رأس نووي، ما يجعلها القوة الرائدة في العالم في هذا المجال قبل الولايات المتحدة، إلا أن هذه الأسلحة ليست جميعها جاهزة للعمل، إذ يزعم الباحثان هانز كريستنسن ومات كوردا، في جردهما للترسانة النووية الروسية، أن ما هو منتشر حاليا وجاهز للاستخدام لا يتجاوز 1600 رأس نووي.
تطورات ميدانية.. روسيا تدعو المدنيين لمغادرة كييف
وعلى الأرض تتصاعد وتيرة المعارك الدائرة على الأراضي الأوكرانية؛ إذ تركزت الاشتباكات التي اندلعت فجر الإثنين في شارع «شيرباكوفا»، الذي يقع على بعد 11 كيلومترا من وسط العاصمة الأوكرانية.
وأظهرت صور التقطتها أقمار صناعية صباح الأحد انتشارا كبيرا لقوات برية روسية، تضم مئات المركبات العسكرية في قافلة شمال شرق مدينة إيفانكيف الأوكرانية وتتحرك باتجاه كييف على بعد 40 ميلا تقريبا.
وتحمل القافلة -التي تمتد لأكثر من 3 أميال- الوقود والأدوات اللوجستية والمركبات المدرعة.
كما كشفت الصور الضربات الجوية الأخيرة التي تعرض لها مطار أنتونوف في هوستوميل، والأضرار الناجمة عن هذه الضربات، والقتال العنيف في المطار وبالقرب منه.
وأكد الجيش الروسي الاثنين أن بإمكان المدنيين مغادرة كييف «بحرية»، متهما في الوقت ذاته السلطات الأوكرانية باستخدامهم دروعا بشرية.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف -في تصريح تلفزيوني- «كل المدنيين في المدينة يمكنهم مغادرة العاصمة الأوكرانية بحرية عبر الطريق السريع كييف- فاسيلكيف» جنوبي غربي العاصمة الأوكرانية، مؤكدا كذلك «التفوق الجوي» الروسي في كل أنحاء أوكرانيا.
من جانبها، قالت الخدمة الحكومية للاتصالات الخاصة وحماية المعلومات في أوكرانيا إنه تم سماع انفجارات في مدينة خاركيف صباح الاثنين.
وفي التطورات الميدانية أيضا، شهد إقليم دونباس «شرقي أوكرانيا»، أمس الأحد معارك عنيفة، وقال الانفصاليون الموالون لروسيا في مدينة لوجانسك بالإقليم إنهم شرعوا في تغيير الأنظمة والقوانين في المناطق التي سيطروا عليها.
وبث الانفصاليون صورا لما قالوا إنها عودة مظاهر الحياة إلى طبيعتها في مدينة ستانيتسا لوغانسكايا، التي سيطروا عليها قبل يومين.
وأضافوا أنهم ألغوا كافة التعاملات بالعملة الأوكرانية «هريفنا»، واعتمدوا التعامل بالروبل الروسي، وغيروا كافة القوانين والأنظمة ضمن ما قالوا إنها «إجراءات فرض نظام جمهورية لوغانسك» في المناطق التي استعيدت من الجيش الأوكراني، حسب تعبيرهم.
إطلاق سراح السجناء في المناطق «الأكثر سخونة»
وقال الرئيس الأوكراني، إنه بموجب الأحكام العرفية السائدة في البلاد، سيتم إطلاق سراح عدد من السجناء الأوكرانيين من ذوي الخبرة في العمليات القتالية، في المناطق الأكثر سخونة في البلاد.
وذكر زيلينسكي، في كلمته الموجهة للجمهورالأوكراني، الإثنين، أنه سيتم خلال ذلك رفع جميع العقوبات عنهم، لكي يشاركوا في القتال.
وأضاف «تم اتخاذ قرار صعب من وجهة نظر أخلاقية، وبموجب الأحكام العرفية، سيتم إطلاق سراح الأوكرانيين الذين لديهم خبرة قتالية حقيقية وسيخرجون من السجون ليتمكنوا من التكفير عن ذنبهم.. وسيتم رفع جميع العقوبات عنهم، ليتمكنوا من القتال في عمليات الجيش الأوكراني في دونباس».
من يدفع ثمن الحرب؟
وقبل يومين وقبل أن تشهد الأراضي الأوكرانية هذه التصعيدات المضطردة، أفادت الأمم المتحدة، الخميس، بأن نحو مائة ألف شخص نزحوا من منازلهم داخل أوكرانيا فيما غادرها آلاف آخرون إلى الخارج، بسبب الهجوم العسكري الروسي وقالت شابيا مانتو، متحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين في المنظمة الدولية، لفرانس برس: «نعتقد أن نحو مائة ألف شخص اضطروا إلى مغادرة منازلهم والنزوح داخل البلاد، وأن آلافًا عدة عبروا الحدود الدولية، لكن هذه الأرقام في تصاعد مستمر».