تفاصيل زيارة رئيس إسرائيل لتركيا
توجه الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ يوم الأربعاء إلى أنقرة في زيارة استثنائية، حيث سيلتقي نظيره التركي رجب طيب أردوغان. زيارة تعني الكثير للعلاقات التركية الإسرائيلية، ففي ظل المحاولات المبذولة من الطرفين لتحسين العلاقات بعد سنوات من التوتر السائد بينهما، عادت مياه العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في الشهور الأخيرة بعد سلسلة من التصريحات الدافئة.
تعد زيارة الرئيس هرتسوغ الأولى لرئيس إسرائيلي إلى تركيا منذ عام 2007، بعد سلسلة من المحاولات التركية لخطب ود إسرائيل كان آخرها إفراج السلطات التركية عن زوجين إسرائيليين احتجزتهما لمدة أسبوع تقريبًا للاشتباه في تجسسهما لصالح إسرائيل.
أجرى بعدها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت اتصالًا بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس، شكره فيه على الإفراج عن الزوجين، في أول اتصال على هذا المستوى بين الدولتين منذ عام 2013.وقد جائت تصريحات مستشار للرئيس التركي بأن إذا خطت تل أبيب خطوة فإن أنقرة ستخطو ألف تجاه تحسين العلاقات بين البلدين.
محاولات تركيا الحثيثة أخيرًا أتت بثمارها حيث أن القطيعة التركية مع إسرائيل كلفت تركيا الكثير؛ لسببين أولهما أن تل أبيب هي جسر ما بين أنقرة والعالم الغربي وتحديدا الولايات المتحدة، ومن ثم فأي توتر في العلاقات التركية الإسرائيلية سينعكس سلبًا على علاقات تركيا بالعالم الغربي وخاصة واشنطن وبروكسل.
زيارة الرئيس الإسرائيلي لتركيا سبقها عدد من المحاولات لإصلاح العلاقات ففي لقاء للرئيس التركي مع أعضاء الجالية اليهودية التركية ديسمبر الماضي، قال إنه يولي اهتماما للحوار الذي تم إحياؤه مجددا، سواء مع الرئيس الإسرائيلي أو رئيس الوزراء نفتالي بينيت.
كما أن خسائر التعاون التجاري والاستخباراتي والعسكري ما بين تركيا وإسرائيل،كلف أنقرة الكثير،فعلى الرغم من عدم تأثر التعاون الاستخباراتي خلال فترة اضطراب العلاقات، لكن على المستوى العسكري هناك صناعات دفاعية تركية تحتاج لتكنولوجيا ودعم تقني إسرائيلي لكنها تعثرت بسبب العلاقات المتوترة.العديد من الثمار ستجنيها أنقرة مما سيعطي تعطي دفعة لاقتصادها من خلال إعادة الزخم للعلاقات الاقتصادية والتجارية، ويضاف إلى ذلك قضية شرق المتوسط فتركيا بحاجة لمن يقرب المسافات بينها وبين بعض الدول.كما أن قضية الطاقة أيضا على رأس الأولويات، فتركيا بحاجة إلى تنسيق إسرائيلي فيما يخص مد خطوط الأنابيب إلى أوروبا.
هل تتخلى تركيا عن حماس من أجل مصالحها الاقتصادية ؟
لأنقرة التي تنصب نفسها مدافعًا عن حق الشعب الفلسطيني، كانت القضية الفلسطينية أحد أهم أسباب توتر علاقتها مع إسرائيل ؛فلقد توترت العلاقات بين البلدين بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ٢٠٠٨، ثم زاد التوتر بعد مشادة كلامية بين أردوغان وبيريز في منتدى دافوس ٢٠٠٩ انسحب على إثرها أردوغان من المنتدى.
بلغ هذا التوتر ذروته بعد اعتراض البحرية الإسرائيلية السفينة التركية " مافي مرمرة " التي كانت تحمل مساعدات لقطاع غزة وقُتل وقتها ١٠ نشطاء أتراك في عملية الإنذال التي نفذتها البحرية الإسرائيلية للسيطرة على السفينة، تلى هذه الحادثة سحب السفراء بين البلدين وطرد الدبلوماسيين.لكن ما عانته عانت تركيا في الفترة الأخيرة من تقلبات اقتصادية وهزات مفاجئة تسببت في انهيار سعر صرف الليرة التركية وخسائر كبيرة بالبورصة التركية مما أكد لتركيا ضرورة الحفاظ على حلفائها وعلى رأسهم إسرائيل.
ضغوط عديدة أبرزها الضغوطات الاقتصادية التي تعرضت لها تركيا مؤخرًا دفعت الساسة في تركيا إلى مغازلة إسرائيل والسعي وراء إعادة العلاقات إلى سابق عهدها، خاصة وأن تركيا كانت الخاسر الأكبر من هذه التوترات في العلاقات.
فالاستثمارات الدولية تربط إمكانية حضورها وفاعليتها في تركيا بعلاقاتها مع إسرائيل، لأن الشركات الصناعية الكُبرى في العالم، بالذات في مجال التقنيات الحديثة، لا تستطيع أن تُغامر في بلد ذي علاقات متوترة مع إسرائيل، التي تُعتبر قطبًا في هذه المجالات الصناعية.كما جاء التراجع التركي الملحوظ عن دعم حركة حماس وقياداتها في الفترة الأخيرة، واستقبال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في تركيا كممثل للفلسطينيين، خطوة حاولت بها تركيا إرضاء إسرائيل.كما أن مكانة إسرائيل لدى الإدارات الأميركية المتعاقبة تعد من أهم الدوافع لتركيا، فالعلاقة الحميمية مع الولايات المُتحدة تمر حتمًا عبر إسرائيل.
الأزمة الروسية الأوكرانية حاضرة في الزيارة
دخلت تركيا وإسرائيل في الأيام الأخيرة بقوة على خط الوساطة بين كييف وموسكو في محاولة لوقف الحرب المستمرة منذ نحو أسبوعين لأن كلا الجانبين متأثر بشدة، إذ إن تركيا تعتمد على روسيا في الحصول على الكثير من احتياجاتها من الغاز، بخلاف الملفات الأخرى من تعاون عسكري واقتصادي، لذلك من المنتظر أن يحاول الطرفين إيجاد فرصة لتقريب المسافات ما بين كييف وموسكو.
ومن المنتظر أن تستقبل تركيا وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا في أول لقاء بينهما منذ اندلاع الأزمة.
فالافتصاد والطاقة والتبادل التجاري أهم الملفات التي ستتناولها المباحثات خاصة في ظل أزمة أقتصادية حلت على أوربا، فزيادة أسعار البترول، وأحتمال توقف الغاز الروسي لأوربا في أي وقت، كما أن إنشاء خط أنابيب لإيصال الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا يعتبر الشغل الشاغل للسلطات في تركيا منذ فترة، وتزيد أهميته بعد الأزمة الأخيرة.