ليس له علاج أو لقاح.. ما هو جدري القرود الذي أثار رعب العالم؟
أثار تزايد انتشار مرض جدري القرود في عدد من الدول، قلقًا واسعًا بعدما وصل إلى أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي يركز العلماء جهودهم لكشف كل المعلومات المتعلقة بالفيروس، لتسهيل عملية مواجهته.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن فيروس جدري القرود يُنقل إلى البشر من طائفة متنوعة من الحيوانات البرية، ولكن انتشاره على المستوى الثانوي محدود من خلال انتقاله من إنسان إلى آخر.
وأوضحت المنظمة في أحدث تقاريرها بشأن المرض، أنه مرض نادر يحدث أساسًا في المناطق النائية من وسط أفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية الماطرة، لكن لا يوجد أيّ علاج أو لقاح متاح لمكافحته رغم أنّ التطعيم السابق ضدّ الجدري أثبت نجاعة عالية في الوقاية أيضًا من جدري القردة.
وجدري القردة مرض فيروسي نادر وحيواني المنشأ يُنقل فيروسه من الحيوان إلى الإنسان، وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنه أقل شدّة.
ومع أن الجدري كان قد استؤصل في عام 1980، فإن جدري القردة لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء أفريقيا، حيث ينتمي إلى جنس الفيروسة الجدرية التابعة لفصيلة فيروسات الجدري.
واكتشف لأول مرة عام 1985 بالمعهد الحكومي للأمصال الكائن في كوبنهاجن، أثناء التحري عن أحد الأمراض الشبيهة بالجدري فيما بين القردة.
أول إصابة
ووفق بيانات الصحة العالمية، كُشف لأول مرة عن جدري القردة بين البشر في عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية لدى طفل عمره 9 سنوات كان يعيش في منطقة استُؤصل منها الجدري في عام 1968.
وأُبلغ منذ ذلك الحين عن حدوث معظم الحالات في المناطق الريفية من الغابات الماطرة الواقعة بحوض نهر الكونغو وغرب أفريقيا، وخصوصًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي أصبحت موطونة به، والتي تفشى فيها المرض بصورة كبيرة بين عامي 1996 و1997.
كما أُبلغ في خريف عام 2003 عن وقوع حالات مؤكّدة من جدري القردة في المنطقة الغربية الوسطى من الولايات المتحدة الأمريكية، مما يشير إلى أنها أولى الحالات المُبلّغ عنها للإصابة بالمرض خارج نطاق القارة الأفريقية، وتبيّن أن معظم المرضى المصابين به كانوا قد خالطوا كلاب البراري الأليفة مخالطة حميمة.
واندلعت في عام 2005 فاشية لجدري القردة في ولاية الوحدة بالسودان وأُبلِغ عن وقوع حالات متفرقة في أجزاء أخرى من أفريقيا.
وفي عام 2009، قامت حملة توعية في أوساط اللاجئين الوافدين من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى جمهورية الكونغو بتحديد وتأكيد حالتين للإصابة بجدري القردة، فيما جرى احتواء 26 حالة ووفاتين في إطار اندلاع فاشية أخرى للمرض بجمهورية أفريقيا الوسطى في الفترة الواقعة بين أغسطس وأكتوبر 2016.
انتقال العدوى
تنجم العدوى بالمرض من الحالات الدالة عن مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة بعدواه أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية، وقد وُثِّقت في أفريقيا حالات عدوى نجمت عن مناولة القردة أو الجرذان الغامبية الضخمة أو السناجب المصابة بعدوى المرض، علمًا بأن القوارض هي المستودع الرئيسي للفيروس، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وذكرت المنظمة أنه من المُحتمل أن يكون تناول اللحوم غير المطهية جيدًا من الحيوانات المصابة بعدوى المرض عامل خطر يرتبط بالإصابة به.
ويمكن أن ينجم انتقال المرض على المستوى الثانوي أو من إنسان إلى آخر عن المخالطة الحميمة لإفرازات السبيل التنفسي لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية أو عن ملامسة أشياء لُوِّثت مؤخرًا بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات.
أعراض جدري القرود
تتراوح فترة حضانة جدري القردة (وهي الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بعدواه ومرحلة ظهور أعراضها) بين 6 أيام و16 يومًا، بيد أنها يمكن أن تتراوح بين 5 أيام و21 يومًا.
ويمكن تقسيم مرحلة العدوى إلى فترتين كالتالي:
• فترة الغزو (يوم و5 أيام)، ومن سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد (فقدان الطاقة)
• فترة ظهور الطفح الجلدي (في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى) والتي تتبلور فيها مختلف مراحل ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
ويكون وقع الطفح أشدّ ما يكون على الوجه (في 95% من الحالات) وعلى راحتي اليدين والقدمين (75%).
ويُصاب بعض المرضى بتضخّم وخيم في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح، وهي سمة تميّز جدري القردة عن سائر الأمراض المماثلة.
وعادةً ما يكون جدري القردة مرض محدود ذاتيًا وتدوم أعراضه لفترة تتراوح بين 14 و21 يومًا، ويُصاب الأطفال بحالاته الشديدة على نحو أكثر شيوعًا بحسب مدى التعرض لفيروسه والوضع الصحي للمريض وشدة المضاعفات الناجمة عنه.