تدخل في صناعات استراتيجية.. ما هي الرمال السوداء وأهميتها الاقتصادية واستخداماتها؟
تمتلك مصر ثروة طبيعية ضخمة من بينها الرمال السوداء والتي كانت حلما طوال عقود مضت، واليوم افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي مجمع الرمال السوداء في البرلس بمحافظة كفر الشيخ، وهو المصنع الأحدث من نوعه على مستوى العالم باستخدام تكنولوجيا التعدين المتطورة.
وتستخدم الرمال السوداء في العديد من الصناعات الدقيقة، ويعد المصنع الجديد في البرلس إضافة جديدة لسلسلة المشروعات القومية الهادفة إلى تعظيم الاستفادة والاستغلال الامثل لموارد مصر الطبيعية، وكذلك تحقيق القيمة المضافة للمعادن المستخلصة من الرمال السوداء.
الرمال السوداء
والرمال السوداء هي رمال تحتوي على نسبة عالية من المعادن الثقيلة تكتسب أهمية اقتصادية حيث في صناعات استراتيجية هامة، وأطلق عليها هذا الاسم لاحتوائها على نسبة عالية من المعادن من معادن الحديد ذات اللون القاتم الأسود مثل الإلمنيت والماجنتيت.
ومن أبرز المعادن الموجودة في الرمال السوداء معادن الإلمنيت، الزركون، الماجنتيت، الروتيل، الجارنت بالإضافة إلى المونازيت والذى يحتوى على مواد مشعة، وتعمل الدول على استخلاص تلك المعادن من الرمال السوداء لاستغلالها اقتصاديا وفي الوقت نفسه تطهير الشواطئ من المواد المشعة الضارة بالبيئة.
وتتواجد رواسب الرمال السوداء في مصر بكميات اقتصادية كبيرة على سواحل البحر الأبيض المتوسط وتنتشر بطول الساحل من وأبي قير بالإسكندرية وحتى رفح بطول حوالي 400 كم، كما تتواجد في مناطق أخرى في جنوب منطقة برنيس وبحيرة ناصر.
وتشير التقديرات إلى أن الاحتياطي الجيولوجي من الرمال السوداء في مصر يصل إلى نحو 1.3 مليار متر 3 تنتشر في مناطق رشيد في البحيرة ودمياط وبلطيم في البرلس بكفر الشيخ والعريش في شمال سيناء، فيما يصل متوسط تركيز المعادن الثقيلة فيها حوالي 65%، ليعد بذلك أكبر احتياطي على مستوى العالم.
وتحتوي الرمال السوداء في مصر على حوالي ثمانية أنواع من المعادن الثقيلة تتراوح نسبتها في تكوين هذه الرمال ما بين 1- 8%، وتصل إلى أكثر من 80% في منطقة البرلس في محافظة كفر الشيخ وهو أعلى تركيز لهذه المعادن في الرمال السوداء.
الرمال السوداء في مصر
ومنذ نحو 90 عاما بدأت مصر في استغلال الرمال السوداء، وكان ذلك في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي على يد مجموعة من الأشخاص اليونانيين، لكن فصل معادنها كان يجري بطريقة بدائية، ثم في الأربعينيات أنشئت شركة الرمال السوداء المصرية ومقرها الإسكندرية واستمرت في العمل حتى تأميمها في 1961 وتعثرت فيما بعد وتوقفت الشركة.
و طوال السنوات الماضية استمرت محاولات استغلال الرمال السوداء في مصر وتحديدا في منطقة البرلس التي تمتلك أكبر تركيز للمعادن الاقتصادية، لكن غياب الإرادة السياسية للتنفيذ أحالت دون إتمام إنشاء مصنع الرمال السوداء في كفر الشيخ بعد أن وضع حجر الأساس له في التسعينيات من القرن الماضي.
وبعد تولي الرئيس السيسي، أعاد الاهتمام بهذا الملف حيث تأسست أول شركة مصرية التعدين الرمال السوداء وهي الشركة الوطنية للرمال السوداء بالبرلس بالمدينة كفر الشيخ، والتي أشهرت في فبراير 2016، وبعدها وافقت الهيئة العامة للتنمية الصناعية على تنفيذ مشروع إستخلاص المعادن الثقيلة من الرمال السوداء بمحافظة كفر الشيخ.
ونفذ المشروع على مساحة 80 فدانًا، حيث يضم مجمع الرمال السوداء الجديد في البرلس 6 مصانع لفصل المعادن من ركاز الرمال السوداء، وقد بدأت المرحلة الأولي للتعدين من كثبان البرلس الممتدة على الشريط الساحلي بطول 16 كيلومترًا بإجمالي 3500 فدان، وذلك باستخدام الكراكة «تحيا مصر» هولندية الصنع.
والكراكة تحيا مصر أول كراكة تعمل بالطاقة الكهربائية وصديقة للبيئة وتقوم بدفع المياه في اتجاه الكثبان الرملية فتنساب إلى قاع البحيرة الصناعية، بالإضافة إلى أعمال تكريك بعمق يصل إلى 18 مترًا لتسحب الماء المختلط بالرمال إلى المضخة الرئيسية بالكراكة ليعاد ضخها مجددًا إلى مصنع التركيز العائم داخل البحيرة مرورًا بخطوط الأنابيب.
وأسهم في توفير أكثر من 5 آلاف فرصة عمل وبلغت تكلفته نحو 4 مليارات جنيها.
ويبلغ صافي الموارد القابلة للتنجيم في المشروع 238.5 مليون طن، حسبما أوضحت الشركة المصرية للرمال السوداء بمتوسط تركيز للمعادن الثقيلة يبلغ 3.39% تكفي للتشغيل لمدة حوالي 16 سنة بمعدل استغلال يبلغ 15 مليون طن/ سنة، وسيمثل إنتاج الشركة المتوقع حوالي 3-5% من الإنتاج العالمي.
استخدامات الرمال السوداء
وتستخدم المعادن المستخلصة من الرمال السوداء العديد من الصناعات، من بينها صناعة السيراميك وكذلك صناعة الخزف والدهانات، وأيضا صناعة هياكل الطائرات والسيارات، وكذلك الصناعات الإلكترونية والتكنولوجية المتنوعة.
وسيعمل مشروع مصنع الرمال السوداء في البرلس على إنتاج العديد من المعادن الاقتصادية الهامة والتي تدخل في العديد من الصناعات الاستراتيجية مثل معدني الالمانيت والروتيل وهما مصدر رئيسي لإنتاج معدن التيتانيوم، وهو معدن يدخل في الصناعات الاستراتيجية الهامة مثل صناعة هياكل الطائرات والصواريخ والغواصات ومركبات الفضاء والأجهزة التعويضية.
كما سينتج المشروع ثاني أكسيد التيتانيوم وهو معدن يستخدم في تصيين الدهانات والأصباغ والورق والجلود والمستحضرات الطبية، وكذلك سينتج المشروع معدن الزيركون الذي يدخل في صناعة السيراميك والأدوات الصحية والزجاج والسبائك المواتير وتركيبات الأسنان وتبطين الأفران.
كما يدخل معدن الماجنتايت في صناعة الحديد الإسفنجي وحديد الزهر عالي الجودة والخرسانات التي تتحمل درجات الحرارة العالية والأسمدة المعدنية ويستخدم في إزالة ملوحة التربة.
ويدخل معدن الجارنيت في صناعة أحجار الخلج وأوراق الصنفرة وأيضا فلاتر المياه وقطع الرخام والجرانيت بضغط الهواء والمياه، كما يعد معدن الزيركون مصدرا رئيسيا للعناصر الأرضية النادرة والتي تستخدم في صناعة الرقائق الإلكترونية المستخدمة في الصناعات عالية التقنية، مثل الهواتف الذكية والسيارات التي تعمل بالكهرباء، ومصدرا ثانويا للسيريوم واليورانيوم.