احتواء الضغوط التضخمية.. لماذا رفع البنك المركزي أسعار الفائدة 3% دفعة واحدة؟
قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي رفع أسعارالفائدة 3% خلال اجتماعها الأخير في عام 2022 الخميس لتصبح 16.25% على الإيداع و17.25% على الإقراض.
ويعد هذا الرفع هو الرابع من نوعه خلال العام الحالي حيث رفعت اللجنة أسعار الفائدة 1% في مارس و2% في مايو و2% في أكتوبر الماضي.
وقالت اللجنة إن قرارها برفع أسعار الفائدة جاء من أجل احتواء الضغوط التضخمية وتحقيق معدلات التضخم المستهدفة.
وأكدت اللجنة أن المسار المستقبلي لمعدلات التضخم يعتمد على الزيادات التراكمية لأسعار العائد إلى تاريخه والتي تستغرق وقتًا للتأثير على معدلات التضخم.
وذكرت أن المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر استمر في الارتفاع بدرجة أكبر خلال الربع الرابع من عام 2022، مسجلًا 18.7% في نوفمبر 2022 وهو أعلى معدل له منذ ديسمبر 2017.
وبالمثل، استمر المعدل السنوي للتضخم الأساسي في الارتفاع منذ أكثر من عام ليسجل 21.5% في نوفمبر 2022 وهو أعلى معدل له منذ نوفمبر 2017، وفقا للجنة.
وأوضحت اللجنة أن معدل التضخم في نوفمبر الماضي تأثر بانخفاض قيمة الجنيه المصري خلال أكتوبر 2022، وكذا زيادة المعروض النقدي بالإضافة إلى استمرار الآثار السلبية الناجمة عن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وجاء معدل التضخم السنوي للسلع الغذائية مدفوعًا بشكل أساسي بارتفاع معدل التضخم للسلع الغذائية الأساسية منذ بداية عام 2022.
وكان البنك المركزي أعلن في 27 أكتوبر الماضي اتباع نظام سعر صرف مرن، وذلك تزامنا مع الإعلان عن التوصل لاتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تعاون جديد لمدة 4 سنوات مع قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
وشهد سعر صرف الجنيه تراجعا كبيرا، وارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه بنحو 25.3% مع تطبيق نظام سعر صرف مرن، ليتجاوز سعر صرف الدولار مستوى 24.7 جنيه في البنوك.
وارتفع متوسط سعر الدولار مقابل الجنيه في البنوك بنحو 8.99 جنيه (بنسبة 57%) ليصل إلى نحو 24.67 جنيه للشراء، و24.75 جنيه للبيع اليوم الخميس، بحسب بيانات البنك المركزي.
وقالت لجنة السياسة النقدية إنه بالإضافة إلى ذلك، جاء ارتفاع معدل تضخم الخدمات منذ بداية عام 2022 مدفوعًا بارتفاع اسعار خدمات المقاهي والمطاعم بشكل أساسي، في حين شهدت بنود مجموعة السلع الاستهلاكية خلال نفس الفترة ارتفاعًا واسع النطاق.
وأضافت أنه نتيجة لتلك التطورات، بات من المتوقع أن يتخطى المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر مستواه المستهدف والمعلن عنه مسبقًا من قبل البنك المركزي والبالغ 7٪±) 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022.
وأشارت لجنة السياسة النقدية إلى تزايد الضغوط التضخمية من جانب الطلب في الآونة الأخيرة، وهو ما انعكس في تطور النشاط الاقتصادي الحقيقي مقارنة بالطاقة الإنتاجية القصوى، وفي ارتفاع أسعار العديد من بنود الرقم القياسي لأسعار المستهلكين، وفي زيادة معدلات نمو السيولة المحلية.
وتأكيدًا على التزام البنك المركزي بتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط، وبالتوازي مع اعلان البنك المركزي سابقًا عن استهداف معدلات تضخم على مسار نزولي، تم تحديد معدلات التضخم المستهدفة خلال الفترة القادمة عند مستوى 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى 5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026، وفقا للبيان.
وذكرت اللجنة أنه على الصعيد المحلي أيضا تشير البيانات المبدئية إلى تعافي النشاط الاقتصادي خلال الربع الثالث من عام 2022، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل نمو بلغ 4.4% مقارنة بمعدل 3.3% خلال الربع الثاني من عام 2022.
وأوضحت أن النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي جاء مدفوعًا بالمساهمة الموجبة لقطاعات الزراعة، وتجارة الجملة والتجزئة، والسياحة. فضلًا عن ذلك، استمرت معظم المؤشرات الأولية في تسجيل معدلات نمو موجبة خلال الربع الرابع من عام 2022.
وفيما يتعلق بسوق العمل، سجل معدل البطالة 7.4% خلال الربع الثالث من عام 2022، مقارنة بمعدل 7.2% خلال الربع الثاني من عام 2022، بحسب اللجنة.
وعلى الصعيد العالمي، تراجعت توقعات الأسعار العالمية للسلع الأساسية بشكل طفيف مقارنة بالتوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق، وفقا للبيان.
كما اتجهت الأوضاع المالية العالمية نحو الاستقرار، مع إشارة العديد من البنوك المركزية في الخارج إلى احتمال وصول معدلات التضخم إلى ذروتها وبدء مسارها النزولي، بحسب ما ذكرته اللجنة.
وقالت اللجنة إنه مع ذلك، لازالت العديد من العوامل تساهم في استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بتوقعات الأسعار العالمية للسلع الأساسية.
وأضافت أن أهم تلك العوامل تتمثل في: التباطؤ المتوقع في النشاط الاقتصادي العالمي، وتخفيف الإجراءات الاحترازية المتعلقة بوباء كورونا في الصين، واستمرار حالة عدم اليقين جراء الأزمة الروسية الأوكرانية وتأثيرها على التوقعات المتعلقة بسلاسل التوريد العالمية.
وأكدت لجنة السياسة النقدية أنها تتابع عن كثب التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية وستستمر في استخدام كافة أدواتها النقدية من أجل السيطرة على توقعات التضخم واحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب والآثار الثانوية لصدمات العرض التي قد تؤدي إلى انحراف التضخم عن المعدلات المستهدفة له.
كما أكدت اللجنة أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة. وستستمر اللجنة في السعي نحو تحقيق هدف استقرار الأسعار.