حياة معيشية صعبة .. هل تساهم حماس في التخفيف من معاناة سكان قطاع غزة؟
تسيطر حركة حماس على قطاع غزة الذي يتمتع بموقع استراتيجي مهم، ويبلغ عدد سكانه أكثر من مليوني شخص يعانون من نقص في جميع الخدمات والبطالة وانعدام فرص التعليم الجيد.وهو بذلك من أكثر مناطق العالم كثافة بالسكان.وتخضع غزة لسيطرة حركة (حماس) التي طردت القوات الموالية للسلطة الفلسطينية الحاكمة آنذاك بعد خلاف عنيف في عام 2007.
حياة معيشية صعبة
تسببت الحروب المتتالية على القطاع إلى معاناة شديدة تشهدها أغلب مناحي الحياة اليومية للمواطنين هناك.
فيعد مثلًا انقطاع التيار الكهربائي حدثًا يوميًا في غزة. وكانت الأسر في غزة تتلقى الكهرباء بالتناوب لمدة 8 ساعات، وينقطع التيار الكهربائي بشكل كامل فترات التصعيد العسكري. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فإن معظم المنازل تحصل الآن على الكهرباء لمدة 3 إلى 4 ساعات فقط يوميا. ويحصل القطاع على معظم طاقته من إسرائيل بالإضافة إلى مساهمات أخرى من محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة وكمية صغيرة من مصر.
تسطو على كافة المساعدات الإنسانية التي ترسلها الدول إلى أهالى القطاع، وكان آخرها ما كشفه تسجيل صوتي لقياديين في حركة حماس حول تورط الحركة في سرقة لحوم أهدتها السعودية لسكان غزة. وكشف، التسجيل الذي تداوله نشطاء فلسطينيين بكثافة، عن فحوى مكالمة صوتية بين مسؤولين في حركة حماس، هما مستشار رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، طاهر النونو، ووكيل الشؤون الاجتماعية، غازي حمد، يتحدثان عن تلاعب رئيس اللجنة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار أحمد الكرد "أبو أسامة" بلحوم المساعدات المقدمة من السعودية للفلسطينيين.وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" في تقرير نشر في مايو 2019، نقلا عن سكان من غزة، إن "كل شيء يتم إرساله من الحكومة الفلسطينية تستولي عليه حماس، وتبيعه في السوق السوداء لصالح أمراء الانقسام، وعائلاتهم، إضافة إلى سرقة قوافل الأدوية التي ترسلها الحكومة للمرضى في غزة."
الاكتظاظ والحالة الصحية
تتمتع غزة بواحدة من أعلى الكثافات السكانية في العالم. ووفقا للأمم المتحدة يعيش ما يقرب من 600 ألف لاجئ في غزة في 8 مخيمات مكتظة.ويوجد، في المتوسط، أكثر من 5700 شخص في كل كيلومتر مربع، وهو ما يماثل كثافة السكان في العاصمة البريطانية لندن، لكن هذا الرقم يرتفع إلى أكثر من 9 آلاف شخص في مدينة غزة.
يعاني نظام الصحة العامة في غزة من أوضاع صعبة لأسباب مختلفة. ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيقالشؤون الإنسانية إن حصار إسرائيل ومصر، وانخفاض الإنفاق الصحي من قبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والصراع السياسي الداخلي بين السلطة الفلسطينية، المسؤولة عن الرعاية الصحية في الأراضي الفلسطينية، وحماس كلها أمور مسؤولة عن ذلك. وتقدم الأمم المتحدة المساعدة من خلال تشغيل 22 مرفقًا صحيًا، لكن عددًا من المستشفيات والعيادات تضررت أو دمرت في صراعات سابقة مع إسرائيل.
ويجب على المرضى من غزة الذين يحتاجون إلى العلاج في مستشفيات الضفة الغربية أو القدس الشرقية الحصول أولا على موافقة السلطة الفلسطينية على طلباتهم ومن ثم موافقة الحكومة الإسرائيلية على تصاريح خروجهم. وفي عام 2019 كان معدل الموافقة على طلبات المرضى لمغادرة قطاع غزة 65 في المئة.
فيما يعاني معظم سكان غزة من نقص في المياه، ومياه الصنبور مالحة وملوثة وغير صالحة للشرب.وفي حين أن معظم المنازل في غزة متصلة بشبكة أنابيب المياه، يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن العائلات حصلت على المياه لمدة 6 إلى 8 ساعات فقط كل 4 أيام بسبب نقص الكهرباء. وقد تم تقليل ذلك بشكل أكبر بسبب الهجمات الأخيرة.ويعد الصرف الصحي مشكلة أخرى. فعلى الرغم من أن 78 في المئة من الأسر موصولة بشبكات الصرف الصحي العامة فإن محطات المعالجة مثقلة بالأعباء. ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق لشؤون الإنسانية إن أكثر من 100 مليون لتر من مياه الصرف الصحي الخام والمعالجة جزئيا تصب في البحر الأبيض المتوسط يوميا.
المدارس تستخدم كملاجئ والشباب يعاني من بطالة مزمنة
يذهب العديد من الأطفال إلى المدارس التي تديرها الأمم المتحدة والتي بات الكثير منها بمثابة مأوى للأشخاص الذين فروا من القصف الأخير.وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فإن 64 في المئة من مدارسها البالغ عددها 275 مدرسة تعمل بنظام "الفترتين" فترة صباحية وأخرى بعد الظهر. وبلغ متوسط حجم الفصل الدراسي حوالي 41 طالبا في عام 2019.
ومع ذلك فإن حوالي 66 في المئة فقط من التلاميذ يواصلون الدراسة الثانوية أو ما يعادلها.قال تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لعام 2020 إن بطالة الشباب وصلت إلى 70 في المئة، ويرجع ذلك جزئيا إلى وباء فيروس كورونا.
اضطراب أمني وقبضة حماس تشتد
بينما تتكرر السرقات في رفح والنصيرات وسط وجنوب قطاع غزة، حيث سرقة أجهزة كهربائية ومعدات تكنلوجية بل وسرقة أرض زراعية في النصيرات. لكن يظل الفاعل مجهول، والشرطة التابعة لحماس تفتح تحقيقًا في الحوادث المذكورة، لكنها لا تستطيع التوصل لشيئ.
لكن على الطرف الأخر أعلنت وزارة الداخلية التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة، إعدام خمسة فلسطينيين بينهم اثنان أدينا بتهمة التخابر مع إسرائيل في غزة.ولم يذكر بيان حماس اسم الرجلين أو عملهما، واكتفى بالأحرف الأولى من الاسم والعمر، لكنه أوضح أنهما قدما معلومات أدت إلى مقتل فلسطينيين.وكانت جماعات حقوق الإنسان قد أدانت في السابق عمليات الإعدام التي نفذتها حماس، التي تدير قطاع غزة.
أخر حوادث الناتجة عن اشتداد القبضة الأمنية كانت الصدامات بين القوات التابعة لحماس وأهالي القرية البدوية. ففي حادثة هي الأولى من نوعها منذ سيطرة حركة "حماس" على سدة الحكم في قطاع غزة، انفجر سكان منطقة "القرية البدوية" شمال مدينة غزة، في وجه عناصر أمن مدججين بالأسلحة هاجموا بيوتهم، بهدف هدم منازل مواطنين يسكنون أرضًا تصنف على أنها "مشاع دولة". تطبيقًا لقرار اتخذته سلطة الأراضي من أجل استعادة دونمات تعود ملكيتها إلى السلطة الفلسطينية.
وألقى سكان محليون في غزة على القوة العسكرية، التي هدمت منزلًا، الحجارة في محاولة لمنعهم من تنفيذ قرار إزالة البيت، فيما أطلق عناصر الشرطة الأعيرة النارية صوب الموجودين، وأسفرت هذه الأحداث عن إصابة عنصر أمن و25 مواطنًا، ثمانية منهم بالرصاص الحي. وعلى خلفية الأحداث، نفذت عناصر الشرطة حملة اعتقالات واسعة، واحتجزت نحو 85 فردًا، لكن بعد تدخل وسطاء محليين أطلقت سراح 74 مواطنًا، وما زالت توقف البقية.هذا الحدث لقي استنكارًا شعبيًا واسعًا، إذ اعتبر النشطاء السياسيون والحقوقيون أن استخدام القوة العسكرية المفرطة مرفوض، ولا يراعي ظروف الناس التي تعيش في حصار وواقع اقتصادي صعب في ظل فرض ضرائب كبيرة عليهم.
ولاحقًا تستخدم هذه الأراضي من أجل توزيعها على موظفين يعملون في السلك الحكومي الذي تديره "حماس"، عوضًا عن مستحقاتهم المالية المتراكمة، إذ يتقاضون ما نسبته 60 في المئة من رواتبهم الشهرية، والبقية مستحقة على وزارة المالية التي عليها تعويضهم أو دفع المتراكم.
كل هذا وأكثر يعد ملخص بسيط عما يعاني منه السكان داخل قطاع غزة الذي تحكمه حماس بقبضة أمنية شديدة تفذ لها جميع أهدافها العسكرية من القطاع ن بغض النظر عن المواطنين السلميين.