لو سافرت اليوم تصل إليها الأمس.. حكاية أغرب جزيرتين في العالم
أحيانا يقضي البعض منا ساعاتٍ وساعاتٍ غارقا في خياله ماذا لو عاد الأمس! يقال أن أصعب ما يمر على المرء ويصعب استعادته للأبد هو الوقت الذي انقضى؟ فماذا عن الشيء الذي يعيد لك 21 ساعة مضت من عمرك من الأمس، هذا ليس مشهدا في رواية خيال علمي خيالية تسافر فيها عبر الزمن، إنما حقيقة واقعية يمكنك تجربتها عمليا بمجرد أن تسافر إلى "جزر ديوميدي" (Diomede Islands).
وللقيام بهذه الرحلة يعد أمرا مثيرا جدا، ذلك لأن الانتقال بين هاتين الجزيرتين يأخذك من الماضي إلى المستقبل، ومن قارة أميركا الشمالية إلى قارة آسيا، ومن الولايات المتحدة إلى روسيا، ومن أقصى نقطة في غرب الكرة الأرضية إلى أقصى نقطة في شرقها.
وقبل معرفة تفاصيل هاتين الجزيرتين، نعود إلى مكتشف هذه الجزر والتي تعود لـ المستكشف الدانماركي-الروسي فيتوس بيرنغ، وسمّيت نسبة إلى القديس ديوميدي؛ إذ صادف يوم اكتشافها يوم احتفال الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بذكرى ذلك القديس.
ومكانيا، تقع جزيرتا "ديوميدي" جنبا إلى جنب في "مضيق بيرينغ" (Bering Strait) الذي يفصل بين ألاسكا في الولايات المتحدة وسيبيريا في روسيا؛ إذ تتبع جزيرة "ديوميدي الكبرى" (Big Diomede Island) روسيا، أما جزيرة "ديوميدي الصغرى" (Little Diomede Island) فتتبع الولايات المتحدة. ومن ثمّ فإن هاتين الجزيرتين الصخريتين تتوسطان المسافة الفاصلة بين قارّتي آسيا وأميركا الشمالية.
وزمانيا، فإن الجزيرتين تقعان على جانبي "خط التاريخ الدولي" (International Date Line)، وهو خط وهمي فاصل يمر عبر المحيط الهادي ويبدأ من عنده توقيت اليوم، وعنده ينتهي. ومن ثمّ فإنه يعدّ الحد المميز بين تقويم اليوم وتقويم الأمس. ولذلك، فإن أي مسافر عبر هذا الخط الفاصل لا بد من أن يعدل من توقيته الزمني يوما كاملا.
جزيرة "ديوميدي الكبرى" -التي تعرف بجزيرة المستقبل- تسبق شقيقتها "الصغرى" -التي تعرف بجزيرة الماضي- بيوم كامل، وذلك على الرغم من قرب المسافة بينهما، التي لا تتعدى 3.8 كيلومترات. ومن ثمّ فإن جزيرة "ديوميدي الكبرى" تعدّ أقصى نقطة زمنية ومكانية في شرق الكرة الأرضية، أما جزيرة "ديوميدي الصغرى" فتعدّ أقصى نقطة في غربها.
لماذا كان فارق التوقيت بين الجزيرتين 21 ساعة بدلا من يوم كامل؟
يعود ارق التوقيت بين الجزيرتين لأن آلاسكا -التي تتبعها جزيرة "ديوميدي الصغرى"- 4 توقيتات زمنية، غير أن الولاية صوّتت على توحيد هذه الفروق الزمنية لتصبح زمنا واحدا. لذا يكون الفارق بين الجزيرتين كالفارق بين جزيرة "ديوميدي الكبرى" وأي مكان بعيد آخر في ألاسكا ذات التوقيت الزمني الموحد.