جثته مدفونة تحت التلاجة.. كيف توصلت النيابة للمتهمين بقتل طبيب الساحل ؟
كشفت النيابة العامة تفاصيل مقتل الطبيب أسامة توفيق في منطقة الساحل عمدًا مع سبق الإصرار.
بدأت النيابة تحقيقاتها بالِانتقالِ لمقرِّ عيادةِ المتهمِ لمعاينتِهَا وفي رفقتِها الطبيبُ الشرعيُّ وأحدُ المختصينَ بالإدارةِ العامةِ لتحقيقِ الأدلةِ الجنائيةِ، حيثُ تبينتْ بالوصولِ إليها انبعاثَ رائحةٍ كريهةٍ منها، وبعثرةً ببعضِ محتوياتِها، وعثرتْ على آثارِ دماءٍ فيها، وأدواتِ حفرٍ وهدمٍ مخبأةٍ سبَقَ استخدامُها، ومخلفاتٍ للحفرِ، والعديدِ مِن الملاءاتِ الطبيةِ.
تمكنتِ النيابةُ العامةُ أثناءَ المعاينةِ من تحديدِ مصدرِ الرائحةِ الكريهةِ عند أعمالِ ترميمٍ وبناءٍ حديثةٍ أسفلَ ثلاجةٍ بإحدى الغرفِ، فأمرتْ بالحفرِ تحتَها فعثرتْ على جثمانِ المجنيِّ عليه، وكلَّفتِ الطبيبَ الشرعيَّ بإجراءِ الصفةِ التشريحيةِ عليهِ؛ لبيانِ ما بهِ من إصاباتٍ، وسببِ وكيفيَّةِ وفاتِهِ، مع أخْذِ عيناتٍ منهِ لاستخلاصِ بصمتِهِ الوراثيةِ، وكذا فحصُ آثارِ الدماءِ المعثورِ عليها بالعيادةِ، ومقارنةُ بصمتِهَا الوراثيةِ ببصمةِ المجنيِّ عليه، وفحصُ العقاقيرِ الطبيةِ المعثورِ عليها بالعيادةِ لبيانِ نوعِها، وطلبتِ النيابةُ العامةُ تحرياتِ الشرطةِ حولَ الواقعةِ.
وعثرتِ النيابةُ العامةُ على بعضِ آلاتِ المراقبةِ التي توصلتْ من مشاهدةِ تسجيلاتِها إلى تحديدِ خطِّ سيرِ المجنيِّ عليهِ منذُ خروجِهِ من مستشفَى معهدِ ناصرٍ مساءَ اليومِ الذي اختفَى مِن بعدِهِ -يومِ الرابعِ من شهرِ يونيُو الجارِي- في رُفقةِ أحدِ المتهمينَ الثلاثةِ، وهوَ العاملُ بالعيادةِ، ودخولِهِما عقَارًا بشارعِ مسجدِ الرحمةِ، ثم خروجِهِما ومعَهُما الطبيبُ المتهمُ من ذاتِ العقارِ صباحِ اليومِ التالي.
وقال الشهود إنَّ المجنيَّ عليه قد تواجدَ في القاهرَةِ في الثالثِ من الشهرِ الجاري، ثمَّ في الخامسِ من ذاتِ الشهرِ وهو اليومُ الذي كان مُزمِعًا على لقاءِ أحدِ أصدقائِهِ فيهِ، حيثُ اختفَى أثرُهُ وتبيَّنَ غلْقُ هاتفِهِ، وكانَ آخرَ ما عُرفَ عنه تواجدُهُ بمقرِّ عملِهِ في اليومِ السابقِ، كما أكَّدَ الشهودُ أنَّ الطبيبَ المتهمَ والعاملَ لديْهِ قد اشتريَا موادَّ بناءٍ من حانوتٍ على مقربةٍ من العيادةِ على مدارِ الشهريْنِ الماضيينِ بحجةِ القيامِ بأعمالِ ترميمٍ فيها، وعبواتِ "مياهِ نارٍ" بحجةِ وجودِ انسدادِ بحمامِها، وتوليَا نقلَها دونَ غيرِهِما.
توصلتْ تحرياتُ الشرطةِ إلى تحديدِ هُويَّةِ مرتكبِي الجريمةِ، وهمُ الطبيبُ صديقُ المجنيِّ عليه المدعوُّ/ أحمد شحته، وعاملٌ لديهِ ومحاميَةٌ تربطُهَا به عَلاقةٌ عاطفيَّةٌ، فأمرتِ النيابةُ العامةُ بضبطِهِم وإحضارِهِم، وأُلقِيَ القبضُ عليهم نفاذًا لذلكَ.
وأقر المتهمِ صديقِ المجنيِّ عليه أنه لعلمِهِ من عَلاقتِهِ بالمجنيِّ عليه بتيسرِ حالِهِ ماديًّا، ودوامِ حيازتِهِ لعملاتٍ أجنبيةٍ، وبطاقاتٍ ائتمانيةٍ، اتفقَ والمتهميْنِ الآخريْنِ في غُضونِ مايو الماضِي على سرقةِ المجنيِّ عليه بعدَ أنْ تَستدرجَهُ المحاميةُ إلى وَحدةٍ سكنيةٍ يستأجرُها العاملُ بحجةِ توقيعِ كشفٍ طبيٍّ منزليٍّ فيها، حيثُ يُخدّرُهُ هوَ والعاملُ ويقومانِ بسرقتِهِ.
وأضاف: "نفاذًا لمخططِهِم اشترتِ المحاميَةُ عقَّارًا مخدِّرًا وصفَهُ الطبيبُ لها، ثم في الثالثِ من الشهرِ الجاري طلبتِ المحاميةُ من المجنيِّ عليه الكشفَ الطبيَّ المدعَى، وحدَّدَ العاملُ بالعيادةِ عنوانَ الوَحدةِ السكنيةِ المستدرجِ إليها، فقصدَهَا المجنيُّ عليهِ في اليومِ التالي، وفورَ وصولِهِ إليها برفقةِ العاملِ، قيّدَهُ الطبيبُ والعاملُ وحقنَاهُ بالمخدِّرِ فأغشِيَ عليهِ، وسرقَا حافظةَ نقودِهِ وبطاقاتِ الائتمانِ التي بحوزتِهِ".
وأكمل: "أغلقَا هاتفَهُ وأتلفَاهُ خشيةَ تتبعِهِ، ولما بدأَ يستعيدُ وعيَهُ حقناهُ بالمخدِّرِ مرةً أخرَى ونقلاهُ لعيادةِ المتهمِ بالساحلِ فجرَ اليومِ التالي خشيةَ افتضاحِ أمرِهِما، إذ أخفيَاهُ فيها داخلَ حفرةٍ كانا قد أعدَّاهَا سلَفًا- ادَّعى الطبيبُ المتهمُ إعدادَها لتخزينِ أدويةٍ فيها لبيعِها لاحقًا- ولمَّا استعادَ المجنيُّ عليهِ وعيَهُ حينئذٍ، وحاولَ الاستغاثَةَ خدَّرَهُ الطبيبُ مرّةً ثالثةً وتركَهُ دونَ مأكلٍ أو مشربٍ ليوميْنِ متتابعيْنِ حتى تُوفّيَ، فدفنَهُ هو والعاملُ داخلَ الحفرةِ وفرَّا هاربيْنِ".
وأمرتِ النيابةُ العامةُ في وقت سابق بحبسِ المتهمينَ الثلاثةِ احتياطيًّا على ذمةِ التحقيقاتِ؛ لاتهامِهِم فيها بقتلِ المجنيِّ عليه عمدًا مع سبقِ الإصرارِ المقترِنِ بسرقتِهِ بالإكراهِ.