بعد العفو عنه بقرار رئاسي.. القصة الكاملة لحبس أحمد دومة
أعلن طارق الخولي، عضو لجنة العفو الرئاسي، عن تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي، على القرار الجمهوري رقم 348 لسنة 2023 بالعفو عن أحمد دومة.
ونرصد في التقرير التالي تفاصيل حبس أحمد دومة.
القصة الكاملة لـ حبس أحمد دومة
وكانت محكمة النقض قضت برفض طعن أحمد دومة على حكم الجنايات الثاني وتأييد السجن المشدد لمدة 15 عامًا وتغريمه 6 ملايين جنيه قيمة التلفيات في أحداث مجلس الوزراء التي تعود وقائعها لعام 2011.
يذكر أن محكمة جنايات القاهرة قضت في يناير 2019 برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، بالسجن المُشدد 15 سنة على الناشط أحمد دومة، وإلزامه بدفع 6 ملايين جنيه قيمة التلفيات، ومصادرة المضبوطات في "أحداث مجلس الوزراء".
وكانت محكمة النقض ألغت حكما سابقا في فبراير 2015 بمعاقبة أحمد دومة حضوريا بالسجن المؤبد وغيابيًا لـ229 آخرين في القضية وإلزامهم بدفع 17 مليون جنيه عن التلفيات التي حدثت بالمنشآت العامة، ومعاقبة 39 حدثًا بالسجن 10 سنوات.
وأمرت بإعادة محاكمة المتهمين من جديد أمام إحدى دوائر محاكم الجنايات.
وتعود أحداث القضية لشهر ديسمبر 2011، عندما اندلعت اشتباكات بين نشطاء سياسيين في محيط مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى.
وأسندت النيابة لدومة وباقي المتهمين تهم التجمهر وحيازة أسلحة بيضاء ومولوتوف، والتعدي على أفراد من القوات المسلحة والشرطة، وحرق المجمع العلمي والاعتداء على مبان حكومية أخرى، منها مقر مجالس الوزراء والشعب والشورى والشروع في اقتحام مقر وزارة الداخلية تمهيدًا لإحراقه.
وكانت الدائرة 11 بمحكمة جنايات جنوب القاهرة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة، أودعت حيثيات حكمها علي الناشط السياسي أحمد سعد دومة سعد، بالسجن المشدد 15 عاما في إعادة محاكمته في القضية المعروفة إعلاميًا بـ "أحداث مجلس الوزراء".
وجاء بالحيثيات، أنه بالنسبة للدفع بانتفاء الركن الشرعي لجريمة التعدي علي رجال السلطة العامة لتوافر سبب من أسباب الإباحة، وهو امتناع المسئولية الجنائية عن المتهمين لقيام حالة الضرورة لتوقي الخطر الجسيم عن النفس حال كونهم لا دخل لإرادتهم في حصوله وجواز الدفاع الشرعي ضد مأمور الضبط، فمردوده بأن المادة 61 من قانون العقوبات تنص على أنه "لا عقاب علي من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ولا في قدرته منعه بطريقة أخرى.
ونص المشرع على الإكراه وحالة الضرورة كسبب لامتناع المسئولية في المادة 61 من قانون العقوبات، وقد تضمن هذا النص بيانًا لشروط امتناع المسئولية سواء ما تعلق منها بالخطر الذي يهدد الفاعل أم بالفعل الذي يرتكبه وتمتنع مسئوليته عنه، ويقصد بحالة الضرورة هي الحالة التي يجد فيها الشخص أن خطرًا جسيما يوشك أن يقع علي نفسه أو علي غيره، ولا تكون أمامه من وسيله لدفع الخطر إلا بارتكاب فعل يعد جريمة.
وأضافت الحيثيات، أنه في يوم 25 نوفمبر 2011، نظموا تظاهرة أسموها "جمعة إنقاذ الثورة"، وتجمع المئات منهم أمام مجلس الشعب بهدف الاعتصام اعتراضا على تقلد المجلس العسكري شئون إدارة البلاد، وترشيحه للدكتور كمال الجنزوري رئيسا للوزراء، والمطالبة باستبعاده، وإزاء ذلك فقد اعتصم المتظاهرون أمام مجلس الوزراء لمنعه وأعضاء وزارته من دخول المجلس، ونصبوا لاعتصامهم خياما أقاموها بشارع مجلس الشعب، وأحكموا مداخله بأبواب حتى وزارة الصحة، لتفتيش كل من يمر بالطريق، وتمكنوا بذلك من منع جميع الموظفين من دخول المجلس.
ولم تمض فترة الاعتصام على خير حال، بل قام بعض من المعتصمين بإهانة الضباط وسب جنود الخدمة المكلفين بحماية مجلس الشعب بألفاظ نابية، واتهامهم بالعمالة والخيانة، وقذفهم بزجاجات مملوءة بالبول وأكياس القمامة، والتلويح بالإشارات والإيحاءات الجنسية، ما أصاب جنديين منهم بحالة نفسية سيئة، لالتزامهما بالأمر الصادر للقوات بضبط النفس، ولم يكن هذا الاستفزاز محض الصدفة أو تصرف فردي من غير مسئول، بل كان الأمر متعمدا لإثارة الجنود واستدراجهم للتعدي على المعتصمين، وصولا لتصوير مشاهد تسجل هذا الاعتداء والتنديد به.
وكان الميدان مناخا خصبًا ومرتعًا لمن كانوا يعبثون في الخفاء، من أصحاب المطامع والأهواء، أظلهم الشيطان بظله، فنزع عنهم عباءة المواطنة، واقتلع من صدورهم جذور حب الوطن، وقد تجلى ذلك بوضوح بإستعراض آثار الدمار الذي خلفته أحداث التجمهرات التي تعاقبت في النصف الأخير من شهر ديسمبر، والتي كشفت عن منهجية التخريب والإتلاف وإشعال الحرائق بالمنشآت الحكمية والهامة مثل مجلسي الشعب والوزراء، وحي بولاق أبو العلا وحي غرب القاهرة ومحاولة اقتحام وزارة الداخلية وحتى المجمع العلمي، ذلك المبنى الذي وقف شاهدا على عصور مضت لم يسلم من أيدي أناس جهلوا في الأصل ما يحرقون ووقفوا يحتفلون بنصرهم ويتراقصون علي اوراق لهيب النار وهي تأكل أوراق ووثائق شاهدة علي الزمان، ظلما أن يقال إن أبناء مصر الأحرار هكذا يرون النظام بل الأمر لا يخلو من أيادٍ سوداء تحالفت مع الشيطان لإسقاط الدولة "خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ".
وأضافت أن الظروف والملابسات التي أحاطت بالدعوى، والتي بدأت شرارتها الأولى بحالة الإعياء والتسمم الجماعي التي انتابت المعتصمين أمام مجلسي الشعب واتهام المخابرات الحربية بتلويث الأطعمة وزادت معها هتافات السباب للقوات المسلحة بصفة عامة ولأفراد التأمين بصفة خاصة، من قبل أن يكتشف أمر السيارة التي حضرت لمقر الاعتصام، والسيدة التي أمدت المعتصمين بهذه الأطعمة، ثم جرت بعد ذلك مناوشات من بعض المعتصمين بلعب الكرة أمام بوابة مجلس الشعب الرئيسية تارة، والتعرض لأحد الضباط وافتعال مشاجرة معه أثناء مروره علي الخدمات تارة أخرى، وقد بلغ الاحتكاك بالضابط حدا جعل أفراد الخدمة يهللون لنجدته واستطاعوا الزج به داخل مجلس الشعب لإنقاذه،.
وتمكن أفراد الخدمة من ضبط أحد المعتدين ويدعى "عبودي احمد عبود"، في الوقت الذي حاولت مجموعة من المتظاهرين قذف الطوب حتى استطاعوا تهريب هذا الشخص الذي استقل دراجة نارية وأخذ يجوب بين المتظاهرين لحثهم على الاحتكاك.
واستكملت الحيثيات، أنه في الساعة الثانية من صباح يوم الجمعة ديسمبر، اشترك المتهم أحمد سعد دومة سعد وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرين مجهولين في تجمهر غير مشروع بدأ بنحو مائتي شخص، ثم تزايدت أعداده لعدة آلاف ممن انصاعوا لنوافير الشر على نحو جعل السلم العام في خطر، توافقت إرادتهم وتوحدت على وجوب التجمهر أمام سور مجلسي الشعب والوزراء بغرض ارتكاب جرائم الاعتداء على رجال السلطة العامة من ضباط وأفراد وجنود القوات المسلحة والشرطة بقصد حملهم على الامتناع عن أداء عملهم المكلفين به.
واعتبارا من الساعة الواحدة من ظهر يوم الجمعة 16 ديسمبر وحتى الساعة السادسة والنصف من صباح يوم السبت 17 ديسمبر، استمر المتجمهرون في قذف مجلسي الشعب والوزراء بالحجارة والمولوتوف وكرات اللهب علي الرغم من توجيه النصح والإرشاد لهم عبر مكبرات الصوت، إلا أنهم لم يرتدعوا واستمروا في أعمال العنف، ومنهم من كان يقوم بتصنيع المولوتوف المستخدم في الحريق بمنطقة الأحداث عن طريق وضع مادة معجلة للاشتعال "بنزين" بزجاجات تعلو فوهتها قطعة من القماش "قتيل"، وكان يتم إحضار البنزين من أي من الدراجات النارية المحيطة بهم، مثلما فعل المتهم أحمد دومة حينما توجه لهشام الشاذلي أحمد صابر "الشاهد العاشر" حال تواجده بشارع مجلس الوزراء، وبيده زجاجات فارغة داخل شيكارة بلاستيك وطلب ملئها بالبنزين من دراجة الشاهد البخارية إلا أنه رفض، وعندئذ توجه المتهم لدراجات نارية أخرى كانت بجواره وقام بملء زجاجات البنزين، وكان يعطيها لآخرين يضعون في فوهتها قطعة من القماش لإشعالها وعقب ذلك تسليمها لبعض الشباب الصغار لإلقائها على مجلسي الشعب والوزراء، ما نتج عنه الأضرار والتلفيات.
وعلى الرغم من استعمال المتجمهرين للقوة المفرطة والعنف، فلم يزد تسليح أفراد عناصر التأمين عن الدرع والعصا، واستخدم المتجمهرون أسلحة بيضاء في التعدي علي أفراد الأمن، اضطر النقيب محمد أحمد عبد الغني إلى استخدام مسدس صوت "محدث صوت" خاصته لتفريق عناصر الشغب من حول أفراد قوة التأمين، وكان من بينهم المتهم أحمد دومة الذي تعدى على أحد الضباط بالحجارة، فهدده الأخير بإطلاق عيار من مسدس صوت.
وكتب أحمد دومة تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي: “نقيب قذر من كلاب القوات المسلحة ضربته بقالب طوب في وشه، رفع المسدس في وشي وبيني وبينه خمسة متر وخلاني أتشاهد، وبعد لما ضرب طلع مسدس صوت”.
وفي خضم هذه الأحداث أجرى المراسل أحمد عبد الفتاح حديثا صحفيا مع المتهم اتهم فيه عددا كبيرا من ضباط الجيش بتصعيد الأحداث، بسبب مدهم أيديهم من خلف سور مجلس الشعب وإشعالهم النار في خيام الاعتصام، وأنه بعيدا عن موقف الاعتصام السياسي يرى أن عدد الناس في تزايد وأن الاعتصام سيستمر، وأن المكان الأفضل الذي يجب أن يعودوا إليه هو شارع مجلس الوزراء وسيظلون على إغلاقهم له، وأنهم لن يفضوا الاعتصام.
كما ظهر المتهم "دومة" في برنامح الحقيقة الذي تبثه قناة دريم الفضائية بالحلقة المذاعة بتاريخ 20 ديسمبر 2011، وأجري الحوار الإعلامي وائل الإبراشي "الشاهد الحادي عشر"، حيث أدلى المتهم بأقوال وصفها بأنها اعتراف، قرر فيها أنه كان يمسك بزجاجات المولوتوف ويقذفها، وأنه لم يلقها على مجلس الشعب كمبنى، إذ إنه لم يستهدف حجارة أو تاريخا أو تراثا، ولكنه كان يستهدف مجموعة من الذين يرتدون زيا عسكريا ويطلقون الرصاص عليه.
ووقعت جميع الجرائم من المشاركين في التجمهر وتنفيذا للغرض منه مع علمهم بهذا الغرض، وكانت نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، ووقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة.
وقد ثبت من مشاهدة المحكمة لمقاطع الفيديو الخاصة بحرق مجلس الشعب، ظهور أشخاص يتجمهرون ويقومون بتحطيم وتكسير محتويات المبني وإضرام النار به عن طريق إلقاء زجاجات الحارقة عليه.
وثبت من تقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية أن مقاطع الفيديو سليمة من أي أعمال تلاعب أو فبركة تغير مضمون الأحداث، وأن الحريق بدأ وتركز بأماكن ومناطق متعددة بإيصال مصدر حراري متعدد "أعواد ثقاب مستقلة - إلقاء زجاجات حارقة - أو ما شابه هذا" خارجي أو داخلي ممن تواجد بالخارج أو من فتحة هذه المنشآت، وثبت أن إجمالي قيمة التلفيات بمجلس الشعب تقدر بمبلغ ستة ملايين جنيه.
وثبت من الاطلاع على دفتر المحبوسين أن قوات التأمين بمجلس الشعب ومحيط مجلس الوزراء قامت بضبط العديد من المتهمين حال تعديهم على قوات التأمين بالحجارة وقنابل المولوتوف وسلاح ناري، ما أدى لإصابة عدد من أفراد القوات المسلحة، كما تم ضبط البعض بتاريخ 16 ديسمبر 2011 أثناء قيامهم بنقل البنزين في زجاجات للمتظاهرين لاستخدامها في إعداد زجاجات المولوتوف، وثبت من تقرير الأدلة الجنائية أن الأسلحة المضبوطة بحوزة بعض المتهمين عبارة عن أسلحة بيضاء طبقا للوارد.