جريمة أوسيم.. حنان رفضت تجهيز العشاء فخنقها زوجها بفوطة
لم يعلم أحد الآلام الشديدة التي تواجهها الطفلة «نعمة»، 16 سنة، منذ مقتل أمها على يد والدها لرفضها تحضير العشاء، لم تكن عيناها تهنآن كل يوم بأكثر من 4 ساعات من النوم المتواصل، فالكوابيس جعلت ليلها طويلًا، وكان مضمونها واحدًا برغم تنوعها: «بابا ماسك في إيده فوطة وكتم أنفاس ماما لحد ما ماتت»، ليس هناك مفر من الحقيقة التي لا تريد تصديقها لولا أن أباها حكى لها تفاصيل الجريمة أثناء تمثيله للواقعة أمام جهات التحقيق، وكأن فزعها عقاب لها لأنها تركت والدتها تواجه الموت وحدها.
كتمت أنفاسها فماتت في إيدى
منزل أسرة «نعمة» في أوسيم بالحيزة، لم يعد كما كان من قبل، خيمت عليه السُحب القاتمة والتقلبات القاسية، فالطفلة شاردة الذهن في معظم الأحيان من شدّة الحزن وحسرتها على «بيتهم اللى اتخرب» وتحملها مسؤولية شقيقتيها «شيماء»، 9 سنوات، من ذوى الهمم، و«ريتاج»، 10 سنوات.
دمعت عينا «نعمة» وتمنت على والدها ألا يخفى شيئًا عنها بشأن كيفية قتله لأمها، ذكر لها أثناء محاكاته للجريمة: «أمك طلعت البيت، بدلت ملابسها، ولما طلبت منها تحضير العشاء، جاءت أختك شيماء وأعطتها رغيفًا، فلما سألتها: ليه بتديه ليها؟ قالتلى جارتنا هتديها شوية كبدة تاكلهم، اتهمتها بالكذب على كعادتها ورغبتها في النزول دون وضع الطعام، لم أتحمل نفسى وهى تقسم عليا بأنها لا تجهز لى طعامًا أتناوله، أمسكت في ملابسها واعتديت عليها قاومتها وخربشتنى أمسكت فوطة أجفف الدم وبعدها وضعتها على فمها وكتمت أنفاسها فماتت في إيدى». هذا كله حدث في غضون ساعتين، كانت «نعمة» وأختاها يجلسان مع جارتهما «أم حمادة» في محل بقالة تملكه، ولم يلتفت أحد إلى صوت صراخ أو استغاثة أمهما «حنان»، الفتاة المكسورة تروى أن جميعهن اندهشن كونها كانت تجلس برفقتهن وقالت لهن قبل مغادرتها: «هطلع أعمل عشاء وهانزل تانى» ليكون ظنهن أنه يمكن أن يكون غلبها النوم، لكن صعود الطفلة «شيماء» إلى المنزل للشرب وهرولتها إليهن وهى ترتعد خوفًا كشف عن الجريمة «لقيناها مش بتنطق».
حلفت عليها لو نزلتى هقتلك
عندما أشارت «شيماء» بيديها إلى أختها «نعمة» بعلامة «بابا ضرب ماما»، رددت «ربنا يسترها»، فلم تنس العلقة الساخنة التي نالتها أمهما لمطالبتها أبيهما بمصاريف البيت، وتذكر أن الخلافات بينهما كانت دائمة بسبب النفقات «أبويا أرزقى ويتقاضى 120 جنيها لا تكفى متطلباتنا، وأحيانًا أمى كانت تشتغل وتبيع لمعاونته».
الأطفال دخلوا الشقة مع جارتهن «أم حمادة»، والأب لم يكن يريد إدخالهن وقبل دقائق طلب من ابنته «نعمة»: «هاتى إندومى لإخواتك وخدى بالك منهم»، تقول «كان ضارب ماما وقاتلها»، تكمل حزينة: «الجارة صرخت ولمت الجيران، قالت (حسن قتل مراته)، وفضحته قبل هروبه من البيت كما كان ينوى».
«قتلت ماما عن عمد».. هزّ «حسن» رأسه بالإيجاب، ردًا على سؤال ابنته «نعمة»، وروى لها: «أمك لما رفضت تحطلى العشا هددتها إذا لم تجهز الأكل سأنهى حياتها وأتخلص منها»، بقيت الطفلة على حالها في ذهول، وهو يمثل الجريمة لتعرف بقية التفاصيل: «على طول بتكذب عليا، وتطالبنى بمصاريف زيادة، وقبل ما أقتلها كانت نازلة من البيت لما جاءت ابنتنا في المرة الأولى تطلب رغيفًا فحلفت عليها لو نزلتى هقتلك فأصرت وأكدت عدم إحضار طعام».
ملناش غير ربنا
الابنة وقفت تكذّب أباها، تقول إنها بسبب مطالبة أمها له بمصاريف لشراء ملابس العيد لجميع أفراد الأسرة أحضر إيشاربا وخنقها لولا ستر ربنا حينها، لكان أزهق روحها، تشير: «خلصناها من إيده بالعافية، بعد تدخل الجيران، وعدى الموضوع حتى انتهى خلافهما بقتل أمى».
لم تجد «نعمة» وشقيقتها مأوى لهما سوى بيت الجيران.. تبكى الصغيرة: «بيتنا إتدّمر، أبويا إتحبس وأمى ماتت، وملناش غير ربنا»، البنات شهدن أمام النيابة العامة بأن والدهن كان قاسيًا عليهن.