مخزن نبيذ عمره 5 آلاف عام يكشف أسرار أول امرأة حكمت مصر | شاهد
بينما تتربع الملكة "حتشبسوت" على قائمة مشاهير النساء اللاتي حكمن مصر القديمة منذ آلاف السنين، فتح الكشف الأثري الأخير للبعثة الأثرية المصرية الألمانية النمساوية، العاملة بمنطقة أم القعاب في أبيدوس بمحافظة سوهاج، الباب عن أسرار جديدة في حياة الملكة "مريت نيث"، تشير إلى أنها ربما تكون أول امرأة حكمت هذه البلاد قبل قرابة 5 آلاف عام.
من هي "مريت نيث"؟
كانت "ميريت نيث" واحدة من أكثر النساء تأثيرًا في البلاط الملكي أثناء السلالة المصرية الأولى (حوالي 3000 قبل الميلاد)، إلا أن الخلاف بين العلماء كان على مدى نفوذها داخل الأسرة الحاكمة، إذ لم تكن مجرد امرأة من أصل ملكي فقط، بل بلغ تأثيرها وقوتها أن كانت المرأة الوحيدة التي ملكت مقبرة خاصة بين مقابر أسلافها الملوك في أبيدوس - أم القعب.
كذلك، فإن حجم وتنفيذ وتجهيزات مقبرة "مريت نيث" كان مماثلًا تمامًا لما تشهده مقابر الملوك من الرجال، وهو الأمر الذي أثار الكثير من الجدل حول أهمية هذه صاحبة هذه المقبرة المكتشفة في 1899-1900، خاصة وأن الأدلة النقشية التي تعود إليها كانت نادرة.
كانت أهمية هذه المرأة التاريخية موضوعًا للجدل. تتراوح آراء العلماء فيما يتعلق بدورها من أنها كانت ملكة وصي تتولى الحكم حتى تصل إبنها الصغير ووريث العرش سن البلوغ إلى أنها كانت حاكمة مستقلة بكامل حقوقها. هذا الجدل لا يزال غير محسوم، وذلك بسبب قلة الأدلة النقشية المستخدمة في النقاش، بالإضافة إلى الأسئلة العديدة المحيطة بأصلها الدقيق وأهميتها السياسية في تلك الفترة.
"مريت نيث" سبقت "حتشبسوت"
هنا، تأتي أهمية الكشف الجديد داخل مقبرتها في محافظة سوهاج، والذي أعلن عنه الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أوائل أكتوبر الجاري، وتضمن العثور على مئات من جرار النبيذ المغلقة - بعضها بسدادات سليمة - تحوي داخلها بقايا من النبيذ، ومجموعة من الأثاث الجنائزي، بالإضافة إلى نقوش كشفت معلومات تاريخية جديدة في حياة الملكة وفترة حكمها.
قبل الكشف، تباينت الآراء العلمية حول "ميريت نيث" ابنة الملك جر، وزوجة الملك وادجي الرئيسية، وأم الملك دين، باعتبارها ملكة وصية مسؤولة عن الحكومة حتى بلغ ابنها الصغير ووريث العرش سن الرشد، لتصبح حاكمة كاملة في حد ذاتها، وفق ما تنقله مؤسسة الأبحاث الألمانية (DFG).
هذه الأهمية التاريخية، أكدتها النقوش داخل مخزن النبيذ المكتشف داخل مجمع مقبرتها الأثري المبني بالطوب والطين والأخشاب في صحراء أبيدوس، والذي يضم قبرها الخاص بالإضافة إلى مقبرة خاصة بـ 41 من رجال الحاشية والخدم، وفق كريستيانا كولر رئيسة البعثة الأثرية.
أثبتت النقوش الحديثة أن "مريت نيث" كانت مسؤولة عن مكاتب الحكومة المركزية، مثل الخزانة، وفق تصريحات الدكتور مصطفى وزيري، الأمر الذي يؤكد احتمالية أنها كانت المرأة الأقوى في عصرها، كما يقول ديتريش راو، مدير المعهد الأثري الألماني، والذي يضيف أن الحفريات الأخيرة دعمت الاعتقاد بأن "مريت نيث" حكمت بمنصب فرعون، سابقةً بذلك الملكة حتشبسوت من الأسرة الثامنة عشرة، وفق ما نقله موقع "هيرتج ديلي" البريطاني المختص بالآثار.