وسيلة أمريكية للترويع الدولي.. قصة حاملة الطائرات جيرالد فورد وتهديدات الصين بتدميرها
بينما انطلقت الهجمات الصاروخية المفاجئة باتجاه مواقع يقطنها إسرائيليون بالأراضي المحتلة، وإعلان محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في قطاع غزة مسؤوليته عن القصف الجوي، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تظهر تدريجيًا في المشهد بالكشف عن موقفها المساند لإسرائيل، مُهددة بالتدخل العسكري، وعلى الفور أصدرت أوامرها بإرسال حاملة طائراتها «جيرالد فورد» إلى الأراضي الفلسطينية.
ومنذ ساعات، وصلت تلك القطعة العسكرية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وفقًا لما كشفته وزارة الدفاع الأمريكية، وقال متحدث باسم المؤسسة الأمريكية إن «وصول حاملة الطائرات هو جزء من مجموعة من القرارات التي اتخذها وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، لتعزيز الردع الإقليمي، وإرسال رسالة واضحة إلى أي جهة فاعلة ضارة تفكر في إتخاذ إجراءات تصعيدية من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم هذا الصراع».
وهنا ربما يتبادر إلى ذهنك سؤال حول قدرات حاملة الطائرات التي هددت الولايات المتحدة باستخدامها، وهل هذه القطعة العسكرية الأداة المثلى لمواجهة هجمات حماس؟، وهل هي وسيلة تخويف وترهيب تستعملها الولايات الأمريكية؟.
هي كلمات ظهرت وأقرها قائد القوات المركزية الأمريكية، مايكل إريك كوريلا، وفقًا لشبكة CNN الأمريكية، حيث لفت إلى أن تحريك حاملة الطائرات يهدف إلى بث رسالة «ردع واضحة إلى الدول الأخرى أو الجهات الفاعلة غير الحكومية التي ربما تسعى إلى توسيع نطاق هذه الحرب».
إمكانيات حاملات الطائرات، جيرالد فورد، التي تُعد النسخة الأحدث من مثيلاتها، فهي أول فئة جديدة منذ أكثر من 40 عامًا، وستبدأ في الاستبدال المرحلي لحاملات الطائرات من فئة Nimitz، تملك مفاعلين نووين من طراز A1B، واللذان يساعدانها على الإبحار والحفاظ على قوتها أطول فترة ممكنة والاستمرار في العمل وإطلاق الطائرات دون إصابتها بالأعطال، وهو ما يعزز دورها العسكري بالمناطق التي ترسل إليها، وأبرز ما يميزها تسلحها بالقدرة على التخفي من الرادارات، وهو ما يساهم في إطلاق ضرباتها دون الانتباه الفعلي إلى وجودها أو موعد هجومها، بالتالي تتصف هجماتها بـ«المفاجئة»، أما طولها فيبلغ حوالي 333 مترًا وارتفاعها 76 مترًا.
تتميز مقارنة بحاملات الطائرات التراثية والقديمة الماضية، باحتوائها على نظام كهرومغناطيسي لإقلاع الطائرات، بشتى أشكالها المسّيرات والتي يقودها الطيار، الخفيفة والثقيلة، وتستطيع حمل 90 طائرة على متنها، تصل سرعتها إلى 55 كيلومترًا في الساعة، وتضم فريق من القوات البحرية يصل أعدادهم إلى 5 آلاف، وهي تستغل قدرتها على حمل الطائرات وفرق بشرية كبيرة في إطلاق العديد من الرحلات الجوية يبلغ عددها في اليوم الواحد إلى 270.
ورغم أنها تخفي آثارها أمام الجميع، لكنها تملك رادارا يكشف مواقع الطائرات والصواريخ المهاجمة للتصدي لها، وتحمل على متنها أيضًا طائرة مقاتلة F-15 وF-16 وA-10 التابعة للقوات الجوية الأمريكية لتعزيز أسراب المقاتلات الموجودة في المنطقة، وفقًا للموقع الرسمي للقيادة المركزية U.S. Central Command.
وفيما يخص تاريخ بدأ مهماتها البحرية، تعود إلى عام 2017، وحاملة الطائرات تلك التي سميت باسم الرئيس الأمريكي الأسبق جيرالد فورد، وهو سياسي أمريكي شغل منصب الرئيس الثامن والثلاثين للولايات المتحدة من عام 1974 إلى 1977، وتابعت مهمتها عقب انتهاء دور حاملة الطائرات الأقدم من نسختها الماضية، ولم يكن قرار تسميتها مُعدًا منذ طرح فكرة صناعتها بل بعد وفاة الرئيس فورد، اتخذ وزير الدفاع وقتذاك دونالد رامسفيلد ذلك القرار، ووافقت البحرية الأمريكية على الفور وحصلت القطعة البحرية الأمريكية على اسمها في 16 يناير 2007.
وهدفت التسمية إلى الإشادة بدور الرئيس «فورد» للحكومة الأمريكية والبحرية طوال حياته، وكان خلال الحرب العالمية الثانية، حصل فورد على رتبة ملازم أول في البحرية، حيث خدم على متن الحاملة الخفيفة يو إس إس مونتيري (CVL 26). وجاءت جيرالد فورد حتى تخلف حاملة الطائرات USS Enterprise (CVN-65) التي انتهت خدمتها بالفعل في ديسمبر 2012، وكانت أول حاملة طائرات أمريكية التي تعمل بالطاقة النووية وهي الأقدم من بين حاملات طائرات ما زالت في الخدمة البحرية الولايات المتحدة، حيث أنها تخدم في البحرية الأمريكية منذ 1961، وجاءت حاملة الطائرات الحالية لتستكمل مسيرتها بإمكانيات تتفوق بها على سابقتها.
تكلفة بنائها الباهظة المتجاوزة 13 مليون دولار، لم تؤهلها إلى الفوز في تصنيف نيمتز، الذي يقيّم بدوره قدرات وإمكانيات حاملات الطائرات، والذي أقر أنها تفتقر إلى زيادة معدلات إقلاع وهبوط الطائرات عليها، ولم تحصل على تقييمات جديدة حتى بعد تطورها بإطلاق مقلاع كهرومغناطيسي الذي قلل مشاكل تحركات الطائرات منها وإليها، في المقابل اعتبرت في عام إطلاقها السفينة الأضخم على الإطلاق عالميًا، ورفع الستار عن القطعة البحرية وتم تدشينها من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في حضور ابنة الرئيس جيرالد فورد.
وتوقفت الولايات المتحدة الأمريكية عن تطويرها ودعمها للحصول على التصنيف، حيث تحتاج إلى زيادة تكلفتها بنسبة تصل إلى 25%، وهو ما يتسبب في تعطيل خطة الولايات المتحدة الأمريكية بإطلاق النسخ الأكثر تطورًا من جيرالد فورد، حيث كانت تعمل على ضم اثنين جديدتين إلى التصنيف وهما يو إس إس جون كينيدي«CV-67» ويو إس إس إنتربرايز «CVN-80».
رغم أن جيرالد فورد تبدو مشابهة لحاملة الطائرات من طراز نيميتز، إلا أن هناك العديد من الميزات التي تجعل فورد فريدة من نوعها، حيث تملك القدرة على توليد ما يقرب من ثلاثة أضعاف كمية الطاقة الكهربائية ويزيدها قوة نظام إطلاق الطائرات الكهرومغناطيسي (EMALS)، والذي يحل محل نظام المنجنيق البخاري المستخدم تقليديًا لإطلاق الطائرات وسيعمل على توسيع نطاق إطلاق الطائرات، مما يمهد الطريق للابتكارات في الطائرات، بالإضافة إلى توفير الفرصة للتطورات التكنولوجية الأخرى في المستقبل.
هل يمكن هزيمة حاملات الطائرات الأمريكية؟.. الصين تهدد
تحدث علماء صينيون عن قدرة أسلحتهم التي تفوق سرعتها الصوت على تدمير أحدث حاملات الطائرات التابعة للبحرية الأميركية، وفقًا للموقع الإخباري البريطاني «تليجراف»، ولفتت إلى أن صحيفة South China Morning Post أوضحت، أن عمليات المحاكاة الحاسوبية التي أجراها فريق بحث على منصة برمجيات ألعاب حربية يستخدمها الجيش الصيني أظهرت أن القوات الصينية تغرق أسطول حاملات الطائرات USS Gerald R Ford بوابل من 24 صاروخًا مضادًا للسفن تفوق سرعتها سرعة الصوت.
وقالت إن نتائج الضربات التي تفوق سرعة الصوت تم نشرها لأول مرة، في بحث نشرته في مايو الماضي خلال مجلة الاختبار وتكنولوجيا الإدارة باللغة الصينية، ولفتت المجلة إلى أنه غالبًا ما يستخدم المخططون العسكريون سيناريوهات المعارك التي يتم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر لوضع الاستراتيجيات، لكن الخبراء يحذرون من أنه لا يمكن الاعتماد عليها بشكل مفرط في صراع واقعي حيث يمكن للتضاريس والطقس وعوامل أخرى غير متوقعة أن تعطل الأسلحة.
واستند السيناريو إلى هجوم على السفن الأمريكية التي توجهت نحو جزيرة تطالب بها الصين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه. وقال الباحثون إن بعض الصواريخ في الهجوم ثلاثي الموجات أُطلقت من أماكن بعيدة مثل صحراء جوبي، ولم يتسن التحقق من التقرير بشكل مستقل. وسرعان ما رفضت الولايات المتحدة تلك المعلومات الصينية، وخرج محللون أمريكيون يشككون، فيما قال درو طومسون، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الدفاع الأمريكية: «إن أي شخص يناقش علنًا نتيجة مناورة حربية أو محاكاة له هدف سياسي، خاصة إذا وضع النتيجة على أنها فوز أو خسارة».
وتابع: «إن ألعاب الحرب الفعالة هي تلك التي تختبر افتراضًا أو وظيفة أو متغيرًا لإعلام راعي اللعبة بالتفاعل المعقد بين العناصر». «ألعاب الحرب لا تتعلق بالفوز أو الخسارة. إنهم يتعلقون بالتعلم»، ولكن تظل قدرات الصين على منافسة حاملات الطائرات والصواريخ الأمريكية في زيادة، حيث تعمل الصين أيضًا على تطوير ترسانتها الصاروخية بوتيرة سريعة، بما في ذلك التكنولوجيا التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. وفقًا لتسريب تقرير سري للغاية صادر عن مديرية استخبارات هيئة الأركان المشتركة الأمريكية في فبراير الماضي، كان الجيش الصيني اختبر بنجاح قبل ثلاثة أيام صاروخًا باليستيًا جديدًا متوسط المدى تفوق سرعته سرعة الصوت يسمى DF-27.
وقالت الوثيقة، إن الصاروخ DF-27 لديه احتمال كبير بالقدرة على التهرب من الدفاع الصاروخي الباليستي الأمريكي، وقد تم تصميمه لتعزيز قدرة بكين على ضرب أجزاء كبيرة من المحيط الهادئ، بما في ذلك أراضي غوام الأمريكية، التي تستضيف قاعدة عسكرية استراتيجية. وكشفت أيضًا أن الصين نشرت العام الماضي نسخًا من الصاروخ الجديد الذي يمكنه مهاجمة أهداف برية وسفن، وأن صاروخ DF-27 يتمتع بإمكانات أكبر باعتباره «قاتل حاملات الطائرات» من سابقيه. وأضاف أن عملية إغراق السفينة الأمريكية يو إس إس أمريكا في عام 2005 استغرقت أربعة أسابيع وما زال من الضروري إغراقها بالمتفجرات، مضيفًا: «حتى مع وجود الأسلحة الأكثر تقدمًا اليوم، ليس من السهل إغراق سفينة حربية تزن 100 ألف طن».
حاملات الطائرات أداة الولايات الأمريكية للتخويف
تفضل الولايات المتحدة الأمريكية خلال تاريخها الطويل في المعارك والتصدي للهجمات المسلحة في الاستعانة بحاملات الطائرات كوسيلة للتخويف، حيث تستعين بحاملة الطائرات جورج إتش.دبليو بوش، التي قررت تمديد مهمتها في سوريا، بهدف التصدي إلى هجمات مدعومة من إسران بالأراضي السورية، على حد قولها.
وقال جو بوتشينو المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأمريكي في بيان إن «تمديد مهمة المجموعة الهجومية المرافقة لحاملة الطائرات جورج إتش.دبليو بوش يسمح بخيارات لتعزيز محتمل لقدرات القيادة المركزية الأمريكية للاستجابة لمجموعة من الطوارئ في الشرق الأوسط»، وذلك بعد إعلان وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون ارتفاع عدد الجنود المصابين في هجمات الأسبوع الماضي في سوريا إلى 12 جنديا بعد تشخيص ستة عسكريين أمريكيين بإصابات دماغية، حسب الوزارة.
وفي يونيو الماضي، أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية، حاملة طائرات أمريكية إلى مدينة دانانج الفيتنامية، بعد أسابيع من احتجاجات على إبحار سفن صينية في مياهها، وذلك في محاولة لردع الطرفين عن الاشتباك أو تعطيل مصالحها في المنطقة، فيما بدأت الاشتباكات حينما عمل مركب مسح صيني وعدة سفن تابعة لخفر السواحل وقوارب صيد في المنطقة الاقتصادية الخالصة لفيتنام الواقعة في بحر الصين الجنوبي، ما دفع الخارجية الفيتنامية لإصدار أوامر لها بالمغادرة فورا، وغادرت المراكب أخيرا يونيو الماضي بعد تهديدات من الجانبين الأمريكي والفيتنامي.
انطلاق الهجمات المتبادلة بين الجانبين
أعلنت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أن نحو 2500 صاروخ أُطلقت من غزة على مدن في وسط وجنوب إسرائيل ووصلت إلى القدس، السبت الماضي، في الوقت الذي تسلل فيه «فلسطينيون» إلى تجمعات سكانية للإسرائيليين في الجنوب عن طريق البر والبحر والجو.
وأشارت خلال الساعات الأولى من الهجمات إلى أنه أصيب أكثر من 200 إسرائيلي بجروح، وقتل العديد منهم منذ إطلاق القائد العام لكتائب عز الدين القسم، الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، هجومًا سُمي «طوفان الأقصى»، حيث أعلن خلال بيان مسؤوليته، موضحًا أنه يهدف إلى وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية.
قال القائد العام لكتائب عز الدين القسم، الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، خلال بيان: «الضربة الأولى التي استهدفت مواقع العدو ومطاراته وتحصيناته العسكرية قد تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة»، وأضاف: «آن الأوان أن تتحد كل القوى العربية والإسلامية لكنس الاحتلال عن مقدساتنا وأرضنا».
وحث الشعب الفلسطيني على «إخراج بنادقهم اليوم، ومن لا يملك بندقية فليُخرج سكينًا أو ساطورًا أو بلطة». وتابع: «إخوتنا في المقاومة الإسلامية في لبنان وسوريا والعراق وإيران، هذا اليوم هو الذي ستلتحم به الجبهات والرايات».
بعث «الضيف» رسالة إلى الدول العربية للتحرك وتلبية النداء، مؤكدًا أن «الأوان آن لتتحد المقاومة العربية». يأتي ذلك بعد أن أطلقت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عشرات الصواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية.
فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن حركة «حماس» الفلسطينية شنت عملية مزدوجة شملت إطلاق قذائف صاروخية تجاه المستوطنات الإسرائيلية، وأيضًا تسلل عناصر من الحركة إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، وتستمر إسرائيل في قصف مناطق ومساكن ومستشفيات فلسطينية للرد على قتل وإصابة الإسرائيليين وإطلاق حماس للصواريخ صوب سكانها ومناطق يسكنها الإسرائيليون.