سوابق تاريخية.. مخاوف من استيلاء حماس على مساعدات غزة
دخلت الهدنة الإنسانية يومها الثاني على التوالي في قطاع غزة، حيث بدأت أمس الجمعة وتستمر أربعة أيام بعدما جرى التوصل إليها بوساطة مصرية وقطرية وأميركية.
وتتيح الهدنة في غزة لأربعة أيام بين حماس وإسرائيل والتي دخلت حيز التنفيذ الجمعة، الإفراج عن 50 رهينة محتجزة في القطاع مقابل إطلاق سراح 150 أسيرا فلسطينيا، وهي أيضا بمثابة استراحة محارب من المعارك المستمرة منذ أسابيع.
بالتوازي مع ذلك يتم ادخال المساعدات الانسانية من معبر رفح لقطاع غزة المنكوب للتخفيف عن أهالي القطاع.. وهذه اشكالية آخرى وسط مخاوف من استيلاء حركة حماس على هذه المساعدات وعدم توزيعها على أهالي غزة بشكل عادل، خاصة أن الحركة هي المسيطرة على القطاع بشكل كامل منذ سنوات.
وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية،في وقت سابق أنها تراقب توزيع المساعدات داخل قطاع غزة، بعد الاتفاق على عبور عدد من شاحنات الإمدادات الطبية والغذائية يوميا إلى القطاع عبر معبر رفح البري.
وقال المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية صامويل وربيرغ، إن واشنطن تبذل كل ما في وسعها لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة.
وشدد وربيرغ على مراقبة توزيع تلك المساعدات داخل القطاع، قائلا: "لابد أن نقوم بالمراقبة، خاصة إذ قامت حركة حماس بتحويل أو الاستيلاء على هذه المساعدات الإنسانية".
وحذر المتحدث من أن إقدام حركة حماس على الحصول على تلك المساعدات "سيهدد دخول أي مساعدات أخرى من المجتمع الدولي، ولذلك سنقوم بالمراقبة".
وأضاف: "نتمنى أن تصل هذه المساعدات للشعب الفلسطيني في أسرع وقت ممكن، وبدون شك فالدفعات الأولى ستكون البداية وليست النهاية، لأننا ندرك أن هناك احتياجات كبيرة للشعب الفلسطيني، ونبذل كل الجهود في هذا الإطار"
وأشار إلى ضرورة ألا يعاقب الشعب الفلسطيني بسبب هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، قائلا: "ليس من الممكن وضع المسؤولية على الشعب الفلسطيني بشأن ما فعلته حماس".
المخاوف الحالية من استيلاء حماس على المساعدات الانسانية لم تأت من فراغ، فهناك سوابق تاريخية مثبتة لاستيلاء حماس على المساعدات المقدمة لقطاع غزة.
ومن هذه السوابق ما كشفه تسجيل صوتى في عام 2020 لقياديين فى حركة حماس حول تورط الحركة فى سرقة لحوم أهدتها المملكة العربية السعودية لسكان غزة.
وكشف التسجيل الذى تداوله نشطاء فلسطينيون عن فحوى مكالمة صوتية بين مسؤولين فى حركة حماس، هما مستشار رئيس المكتب السياسى للحركة طاهر النونو، ووكيل الشؤون الاجتماعية غازى حمد، يتحدثان عن تلاعب رئيس اللجنة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار أحمد الكرد "أبو أسامة" بلحوم المساعدات المقدمة من السعودية للفلسطينيين.
وقال "النونو" فى المكالمة الهاتفية المسربة: "أخوك أبو أسامة الكرد.. هلقيت اللحمة اللى وصلت من السعودية، الخرفان، هلقيت أخذوا جزء منها عشان افطارات الصائم.. فأخونا (أبو أسامة) قلك أنا بدى أطعم الناس لحمة خروف بحبوهاش، بدى أطعميهم لحمة عجل.. راح بدلها من عند محل لحمة عجل."
وتابع النونو: "الزلمة (تاجر لحوم العجل) صار يبيع الخروف وهى مكتوب عليها ليست مخصصة للبيع، وهى مساعدات للشعب الفلسطينى، وصاروا يصوروا فيها وهى تنباع (الناس)."
وقال النونو لغازي حمد الذى اكتفى بالسماع، وترديد كلمة (آه): "والله فضيحة.. قلتله (أبو أسامة) هاي فضيحة ليوم القيامة إنو إحنا بعنا المساعدات."
ويؤكد نشطاء فلسطينيون فى قطاع غزة أن حركة حماس استولت على لحوم المساعدات المقدمة من السعودية بالقوة، مؤكدين أنه كان المفترض أن يتسلم تلك المساعدات الهلال الأحمر فى غزة لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" فى تقرير نشر فى مايو 2019، نقلا عن سكان من غزة، إن كل شيء يتم إرساله من الحكومة الفلسطينية تستولى عليه حماس، وتبيعه فى السوق السوداء لصالح أمراء الانقسام، وعائلاتهم، إضافة إلى سرقة قوافل الأدوية التى ترسلها الحكومة للمرضى فى غزة.
وقال عضو المجلس المركزي الفلسطينى، مسؤول جبهة النضال الشعبي فى قطاع غزة محمود الزق، إن سلوك "حماس مدان ومرفوض ويفترض أن تصل المساعدات إلى عناوينها الصحيحة، وما تم مرفوض على صعيد شعبنا وقواه، والمطلوب توزيع واضح للمساعدات وتسليمها لعناوينها الصحيحة."
وتواجه حركة حماس اتهامات بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية التى تتبرع بها الدول العربية والإسلامية لقطاع غزة، فضلا عن الاستيلاء على الأدوية التى تحولها السلطة الفلسطينية لمستشفيات القطاع، والسولار الذى تتبرع به دول عربية لصالح محطة الكهرباء الوحيدة فى غزة.
وكانت صور نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعى "لكراتين من اللحوم" كتب عليها أنها مجانية وليست للبيع، أثارت حالة من السخط والغضب كونها وضعت أمام أحد المحال التجارية لبيع اللحوم، وسخر ناشطون على مواقع التواصل بأن مثلث فى مدينة رفح (جنوب غزة) كمثلث برمودا تختفى فيه كافة المساعدات.