بالتزامن مع الهدنة.. انقسامات في حماس بشأن استمرار الحرب ضد اسرائيل
رغم حالة الهدوء النسبي التي يعيشها قطاع غزة هدوءًا في ظل الهدنة بين حركة حماس واسرائيل،بعد مضي (50) يومًا على الحرب التي راح ضحيتها آلاف الفلسطينيين، إلا أن الأوضاع مرشحة للانفجار في أي لحظة والمفاجأة أن هذا الانفجار قد يكون هذه المرة داخل حركة حماس نفسها.
والمعروف أن هذه الهدنة جاءت نتيجة ضغط دوليّ هائل لإيقاف الحرب الإسرائيلية ضد القطاع الفلسطيني المحاصر.
بداية القصة كانت عندما تجاوز عدد لا يحصى من مقاتلي حماس التحصينات الحدودية الإسرائيلية حول قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، وقتلوا أكثر من 1200 إسرائيلي واختطفوا حوالي 240 رهينة، كان هناك شخص في الخفاء، يعتبر العقل المدبر الأكثر أهمية خلف العملية. إنه يحيى السنوار، قائد حركة حماس المسلحة في قطاع غزة، وهو حاليا المطلوب الأول في إسرائيل. والهدف المعلن للجيش الإسرائيلي هو يحيى السنوار.
المثير في الأمر أن الغضب من يحيى السنوار لم يأت من الجانب الاسرائيلي فيقط، لكن هناك غضب مكتوم من عدة أطراف أبرزهم مقاتلي حماس نفسم الذين ظلوا 50 يوما داخل أنفاق غزة تحصنا من الهجمات الاسرائيلية، إضافة إلى المعسكر الايراني الذي يرجع غضبه لقيام السنوار بتخطيط وتنفيذ عملية طوفان الأقصى دون الرجوع لقاة معسكر المقاومة الممثل في ايران وحزب الله.
الاشكالية الكبرى التي تواجه حماس حاليا هي وجود بوادر انشقاق في صفوف المقاتلين الذين يرون أنهم يدفعون فاتورة قرارات السنوار وقادة حماس غير المدروسة جيدا.
بوادر هذا الانشقاق كانت مع تسجيلات صوتية انفردنا بنشرها مع الايام الاولى لعملية طوفان الأقصى.
وتم تسريب تسجيلات صوتية من مقاتلي حماس بأنفاق غزة تحمل استغاثات من الاوضاع داخل الانفاق.
أحد مقاتلي حركة حماس بانفاق قطاع غزة يقول: يعني الموضوع موقفش على الشباب، الشباب قديش بضغط عليهم وبقدر اصبرهم واهدي فيهم، كمان أنا لي أكثر من أسبوعين مشوفتش لا أولادي ولا عيلتي، وفيه منهم استشهد كمان مشوفتوش،طلعنا من النفق نشوف شو الوضع بره كله محروق بره فيش اشي بره،بيكفي مش قادرين،كمان انتو مش شايفين حالنا كيف تحت هنا لا فيه كهربا ولا مياه مفيش شيء شغال يعني مش عارفين كيف بدنا نشوف بعض بالليل،وبالنهار انت فاهم كيف الامور تحت، بدنا حل لهذا الاشي".
مقاتل آخر من حماس بغزة يقول في تسجيل صوتي: الشباب اللي معي كلهم بدهم يروحوا ويشوفوا اهاليهم وولادهم وحالهم هوصل لمرحلة مش هقدر امسكهم، الشباب كمان قلقانة على اهاليها اللي بره مش عارفين شو بدهم يعملوا، والشاب اللي بيطلع احنا كمان نرجعه، احنا طلعنا من النفق ومفيش 5 دقايق مباشرة انضرب،5 شباب من عندنا استشهدوا مش عارفين عنهم اشي،ولا عارفين شو نعمل".
وآخر يقول: اسمع طلعنا بره لقينا كله محروق الجيش انجن، انجنت اسرائيل، مفيش ولا شي ضل بره،وغير هيك كل ما يضربو منطقة بيسكر علينا النفق ومش عارفين وين نروح واغلب العيون مفتحات اتسكرت يعني عن جد عن جد اخوي مش قادرين تعبنا كتير".
وعلى الرغم من الهدنة الانسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة حاليا بجهود دولية، الا ان هذه الخلافات بدأت في التصاعد مجددا، فوفقا لمصاد هناك المئات من مقاتلي حماس لم يعد لديهم الرغبة في القتال مجددا وهو الامر الذي يحاول قادة حماس احتوائه بكافة الطرق.
وعلى صعيد آخر هناك انقسام واضح داخل المعسكر الايراني تجاه استمرار استهداف مقاتلي حماس لاسرائيل.
وهو الانقسام الذي ظهر جليا بعدما أجرى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية زيارة إلى طهران في مطلع نوفمبر والتقى المرشد الإيراني، علي خامنئي بقيت التفاصيل التي ناقشاها غامضة حتى كشفت وكالة "رويترز" النقاب عنها، متحدثة نقلا عن 3 مسؤولين عن "بلاغ وطلب"، سرعان ما نفت صحته الحركة ببيان مقتضب.
ووفق ما قاله المسؤولون، إيرانيان وواحد من حماس، أبلغ خامنئي هنية خلال الاجتماع أن "إيران لن تدخل الحرب نيابة عن الحركة"، لأن الأخيرة لم تبلغهم بالهجوم المفاجئ الذي حصل في السابع من أكتوبر الماضي.
ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، حيث أوضح مسؤول من حماس لـ"رويترز" أن "الزعيم الإيراني الأعلى حثّ هنية على إسكات تلك الأصوات في الحركة الفلسطينية التي تدعو علنا إيران وحليفتها اللبنانية القوية جماعة حزب الله إلى الانضمام إلى المعركة ضد إسرائيل، بكامل قوتهما".
ورغم أن زيارة هنية إلى طهران حصلت بالفعل، وأعلن عنها بشكل رسمي، بقيت دون تاريخ محدد. ومع ذلك نشرت عنها وسائل إعلام إيرانية في الخامس من نوفمبر، أي بعد قرابة شهر من تاريخ هجوم السابع من أكتوبر.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية "إيرنا" إن "هنية قدم لخامنئي تقريرا حول آخر التطورات في غزة"، وأن الأخير "أعرب عن تقديره وصبره ومثابرة شعب غزة الصامد".
كما أكد خامنئي، وفق ذات الوكالة "على ضرورة التحرك الجاد من قبل الدول الإسلامية والمنظمات الدولية والدعم الشامل والعملي من الحكومات الإسلامية لشعب غزة"، دون أن يبدي مواقفا أخرى تتعلق بدعم فعلي على الأرض.
ومنذ الإعلان عن هجوم حماس سارعت إيران إلى نفي علاقتها بما حدث، وسار على ذات الرواية زعيم "حزب الله" في لبنان، حسن نصر الله، مكررا على نحو لافت في خطابين عدم علمه بالضربة، وأن طهران كذلك الأمر.
وأكدت 3 مصادر من "حزب الله" لرويترز أن الأخير "فوجئ بالفعل بالهجوم"، وأن مقاتليه "لم يكونوا في حالة تأهب حتى في القرى القريبة من الحدود"، وقال أحد المصادر وهو قيادي: "لقد استيقظنا على الحرب".
وترى الوكالة أن عدم الانخراط الفعلي وبقوة من جانب إيران و"حزب الله" لدعم حماس في قطاع غزة يمثل "أزمة متفاقمة" للمرة الأولى، وترتبط بالصورة العامة بما يسمى بـ"محور المقاومة".
وهذا المحور هو تحالف عسكري غير رسمي شكلته إيران على مدى أربعة عقود لمواجهة إسرائيل والولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وعلى جبهات متعددة في نفس الوقت، ووصلت آخر محطات التنسيق فيه إلى شعارٍ أطلق عليه "وحدة الساحات".