كيف أثرت سيطرة حماس على الحكم في غزة على الأوضاع المعيشية بالقطاع؟
في ظل الأحداث السياسية الهامة في غزة، سنقوم في هذا التقرير بتسليط الضوء على تأثير سيطرة حركة حماس على الحكم في عام 2007. سنتناول عدة جوانب تشمل الاقتصاد، التعليم والصحة، وتوجيه الموارد نحو حفر الأنفاق.
الاقتصاد:
تبين البيانات الاقتصادية تباينًا واضحًا بين الفترة قبل وبعد سيطرة حماس. فقد شهدت القطاعات التجارية والصناعية صعوبات كبيرة نتيجة للقيود الاقتصادية وحصار إسرائيل.
نمو الاقتصاد: انخفضت نسبة النمو الاقتصادي بشكل حاد منذ عام 2007.
البطالة: ارتفعت معدلات البطالة بشكل ملحوظ، مما أثر سلبًا على الفرص الاقتصادية.
التعليم والصحة:
أيضًا، شهدت القطاعات التعليمية والصحية تغيرات جذرية.
التعليم: تأثر نظام التعليم بشكل كبير بنقص الموارد، مما أثر على جودة التعليم.
الصحة: زادت التحديات في توفير الرعاية الصحية بسبب نقص الموارد الطبية.
حفر الأنفاق:
ركزت حماس على حفر الأنفاق كوسيلة للتسلل ونقل السلع.
الأنفاق: شكلت حفر الأنفاق تحديًا إضافيًا للسكان المحليين وتأثرت البنية التحتية الأخرى بسبب توجيه الموارد.
وتظهر البيانات والأرقام أن سيطرة حماس على الحكم في غزة قد أثرت بشكل كبير على مختلف جوانب الحياة.ونستعرض هنا مقارنة بسيطة عن الوضع في غزة قبل سيطرة حماس على اللحكم والوضع المأساوي الذي يعيشه سكان القطاع منذ سيطرة الحركة على مقاليد الحكم.
1. الاقتصاد:
قبل سيطرة حماس:
في الفترة التي سبقت سيطرة حماس، كانت غزة تشهد نموًا اقتصاديًا واستقرارًا في الأسعار، مما ساهم في توفير فرص عمل ورفاهية اقتصادية للمواطنين.
بعد سيطرة حماس:
مع سيطرة حماس على الحكم، شهدت غزة تدهورًا اقتصاديًا وارتفاعًا في معدلات البطالة. تأثرت الأعمال التجارية بسبب الحصار الإسرائيلي والقيود الاقتصادية.
2. التعليم والصحة:
قبل سيطرة حماس:
كان هناك نظام تعليمي فعال وتحسينات مستمرة في الرعاية الصحية، مما ساهم في تحسين مستوى حياة المواطنين.
بعد سيطرة حماس:
نقصت الموارد التي كانت تتوفر في السابق، مما أثر على نظام التعليم وتوفير الرعاية الصحية، مما يزيد من التحديات اليومية للسكان.
3. البنية التحتية:
قبل سيطرة حماس:
كان هناك تطوير مستمر في البنية التحتية، مع توسع في مشاريع البنية التحتية التي أثرت إيجابًا على حياة المجتمع.
بعد سيطرة حماس:
تراجعت جهود التطوير بسبب الظروف السياسية، مما أثر على جودة الحياة والبيئة العامة في غزة.
ومنذ فترة نشرت صحيفة الشرق الأوسط تقرير صادما عما جرى في غزة بعد سيطرة حركة حماس على الحكم في غزة ننشر منه مقتطفات في التالي :
بداية حكم حماس
ولم يكن يوم الخامس والعشرين من يناير 2006، يوما عاديا في حماس، فقد اكتسحت الحركة انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني مظهرة للعالم كله أن الفلسطينيين ملوا من الاتفاقيات ومن المفاوضات ومن السلطة، وبدلوا رأيهم مرحبين ببرنامج المقاومة.
ثلاثة شهور بعد الفوز فقط، شكلت حماس حكومة برئاسة إسماعيل هنية، من دون حركة فتح ومن دون فصائل أخرى مزهوة بالنصر الانتخابي، الذي سرعان ما ثبت أن له ثمنا كبيرا.
حوصرت الحكومة الفلسطينية وانقطعت الأموال وعاش الموظفون بلا رواتب، وسط صراع عسكري بين حماس وفتح في غزة انتهى بانقلاب نفذته الحركة في يونيو 2007 في قطاع غزة، أنهى عاما من الحكم المضطرب وفك الارتباط بين الحركة الإسلامية والسلطة، فحكمت الأولى غزة وحكمت الثانية الضفة.
واجهت الحركة خلال فترة حكمها السياسي كثيرا من العقبات الخارجية تمثل أهمها بخوضها 3 حروب على الأقل حولت جزءا كبيرا من غزة إلى ركام، وكان يتخللها علاقات مد وجزر مع المحيط. بدأت حماس بخلافات كبيرة مع النظام الحاكم في مصر خلال عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وإغلاق معبر رفح وتشييد جدار أمني كبير مع غزة، وتفجرت لاحقا خلافات أخرى مع إيران على أثر الحرب الأهلية في سوريا والتي غادرها قيادة المكتب السياسي مع بداية عام 2012، قبل أن تعيش عصرها الذهبي مع انتخاب الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي، ومن ثم تفاجأ بانقلاب تاريخي قضى على مشروع الإخوان المسلمين الذي تنتمي له حماس في الوطن العربي، وجاء بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أمر فورا بتدمير الأنفاق التي كانت تدر أموالا كبيرة على حماس وشجع مواقف السلطة الفلسطينية في ضرورة أن تسيطر حكومة واحدة على غزة لفتح المعبر.
اليوم بعد أعوام من تجربة الحكم الاستثنائية لحماس في القطاع، يبدو أن كثيرين لا يفضلون استمرار هذا الحكم.
ويرى القيادي في حركة فتح الدكتور فايز أبو عيطة، أن حماس أخطأت كثيرا طوال فترات حكمها لقطاع غزة، معربا عن اعتقاده لو أن التاريخ يعود بالحركة لما أقدمت على ما فعلته عام 2007 من انقلاب على الشرعية الفلسطينية. ولفت أبو عيطة إلى تردي الوضع الفلسطيني في قطاع غزة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، بالإضافة على مستوى المقاومة التي لا يستطيع لأحد ممارستها وحصرها في اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي بشكل موسمي ومن ثم فرض هدنة جديدة إلى حين انتظار عدوان جديد.
وأضاف: «لا يوجد مقاومة بالمعنى الصحيح كما كانت في السابق وبالتالي على كل المستويات عدنا إلى الوراء»، مشيرا إلى أن هناك تهتكا في النسيج الاجتماعي حتى أصبح المواطن منهكا في ظل الانقسام وحكم حماس الذي تضاعفت فيه البطالة على مستوى الشباب والخرجين، يضاف إلى ذلك أزمة الكهرباء منذ 8 سنوات والقطاع يعيش في شبه ظلام دامس ما شكل مزيدا من المعاناة في انتظام عجلة الحياة اليومية على كافة المستويات وتحول القطاع إلى معتقل كبير يعيش فيه نحو مليوني شخص لا يخرج إلا البعض منهم كحالات إنسانية وبشكل استثنائي.
وتابع: «باختصار شديد الكل يعاني في قطاع غزة جراء الوضع القائم ونتمنى أنه ينتهي الانقسام في أقرب فرصة ممكنة ليستعيد الشعب عافيته، وتستعيد السلطة شرعيتها وتحكم غزة لتعمل على التخفيف من معاناة المواطنين».
واعتبر أن حماس لم تنجح بالمطلق في المزاوجة بين الحكم والمقاومة، وأن هذا الأمر أثبت فشله بشكل ذريع، وأي عمل تقوم به ينعكس على كل قطاع غزة باعتبارها الجهة المتمسكة بذمام الأمور كحكومة أمر واقع لم تنجح في تجنيب سكان القطاع ويلات الحصار المفروض على غزة والذي تتخذه إسرائيل ذريعة كرد فعل على أي عمل مقاوم يقوم به الشعب الفلسطيني.
وأعرب عن أمله في أن تتعامل حماس بجدية أكبر مع معاناة الفلسطينيين الناجمة عن الانقسام والاستجابة لكل المبادرات العربية والداخلية لإنهاء الحالة القائمة، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني وصل إلى قناعة بضرورة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة لكي يجتاز هذه المرحلة العصيبة.
الطالبة الجامعية «ميساء أبو زكري»، ترى أن حركة حماس لن تستطيع الصمود وسط تنامي التذمر في الساحة الغزية بسبب ما وصفته «قرارات فاشلة» و«السير في طريق يرفضه غالبية كبرى من الشعب الفلسطيني». وقالت أبو زكري: «القاعدة التي كانت تتمتع بها حماس تتراجع يوما بعد يوم. وبعد كل هذه السنوات ليس لديها الجمهور الكافي لإنقاذها في المرات القادمة في حال أجريت انتخابات».
وتابعت: «غالبية سكانية لا تريد حماس في الحكم بسبب انهيار الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعدي على الحريات». ومضت تقول: «انظر إلى حالات الانتحار والقتل هذه نتيجةً واضحة لتزايد الفقر والبطالة وتحول غزة للطبقية الاجتماعية، طبقة فقيرة وأخرى غنية. ماذا تعتقدون؟ هذه أهم نتائج حكم حماس للقطاع».
وتتطلع الفتاة الجامعية إلى آخرين يحكمون غزة لا علاقة لهم بالفصائل.
وتتفق آمنة كشكو (44 عاما) مع أبو زكري بأن الأوضاع الحياتية في غزة لم تعد تطاق وأنه على حماس التخلي عن الحكم لتسمح للسكان بالعيش بحرية وأمان كما باقي شعوب العالم. مشيرةً إلى الأزمات الخانقة التي يشهدها القطاع من انقطاع للمياه والكهرباء لساعات طويلة ونقص في البضائع والاحتياجات التي يتم إدخالها لغزة. ورأت كشكو أن غالبية الفلسطينيين بغزة لم يعودوا يثقوا بحركة حماس كجهة قادرة على الحكم مستقبلا، لكنها لفتت إلى أن الغالبية يلتفون حولها في مقاومة الاحتلال ومواجهته رغم الاختلاف معها سياسيا.
ويعاني الناس في قطاع غزة من فقر وبطالة في ازدياد مع إغلاق شبة تام للمعابر وأزمات متتالية في الكهرباء والماء والغاز. حتى إن الحركة نفسها والتي كانت توصف من أغنى الحركات الفلسطينية، أصبحت تعاني ماديا، ما أوقف عجلة صرف رواتب موظفيها بانتظام لاعتمادها لسنوات على ما تدره الأنفاق من أموال كبيرة للحركة ومع توقف الدعم الإيراني إليها، وهو ما دفع الحركة إلى خطوات لم تكن محسوبة وزادت من حالي الغضب عليها.
وقال التاجر خالد مهاني: «قد لجأوا للضرائب.. انظر منذ الحرب الأخيرة على القطاع تضاعفت بشكل كبير جدا على التجار الذين بدورهم يحملون ما يفرض عليهم من ضرائب على سعر بيع البضاعة للمواطن الذي لم يعد بطاقته توفير كل ما يحتاجه».
وأشار مهاني إلى أن أسعار غالبية البضائع تزيد من حين إلى آخر بسبب رفع هذه النسبة الكبيرة من الضرائب. مبينا أنه تم استحداث كثير من الضرائب مؤخرا كضريبة التكافل التي أثير حولها جدل كبير. ورأى مهاني أنه على حماس استدراك الواقع الحالي بخفض الضرائب والوقوف إلى جانب المواطن للحفاظ على قوتها وجماهيريتها واستمرارها في الحكم، وليس بالخروج عن المألوف بفرض الضرائب لتوفر الأموال للحركة كما قال.
وكانت الحركة فرضت ضرائب متعددة في السنوات الأخيرة على السكان، ما زاد من تذمر المواطنين هناك. وكتب مغردون كثر ضد ضرائب حماس التي خلقت جدلا كثيرا وزاد مؤخرا مع شراء الحكومة 36 سيارة لمديريها العامين. ما دفع ذلك مناصرين لحماس نفسها بانتقادها على العلن.
ولم يتردد الموظفون الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ شهور طويلة في التغريد عبر «فيسبوك» و«تويتر» لانتقاد قيادة الحركة والمسؤولين الحكوميين، مشيرين إلى إقدام وزارة المالية على شراء 36 سيارة حديثة من طراز «فورد» بعد فترة وجيزة فقط من توزيع أموال على كبار الموظفين لتسيير أمور حياتهم، فيما لا يحصل البقية على أكثر من 40 في المائة من مستحقاتهم كل شهر.
وكتب رامي ريان أحد عناصر داخلية حماس «في الوقت الذي لا يجد فيه الموظفون لقمة خبز لسد جوع أطفالهم وأنا أعني ما أقول، تقوم وزارة المالية بشراء 36 سيارة للمديرين العامين في الوزارات لاستبدال سياراتهم القديمة. كيف يمكن أن يحدث هذا أيها الحافظون لسيرة عمر؟ كيف يمكن أن برستيج مدير عام أولى في عقيدتكم ووعيكم من معدة طفل موظف خاوية؟ كيف يمكن أن نسمع منكم عبارات التراحم والتكافل ونحن نرى هذه الأفعال الشيطانية؟». ريان هذا اعتقلته حماس لاحقا لعقابه على التغريدة وسجن لأيام ما خلق جدلا آخر حول حرية التعبير والرأي. وقال غزيون إن الحركة التي تطالب بحرية التعبير في الضفة تخنقها في غزة. وقال الناشط نضال الوحيدي ساخرا من اعتقال ريان: «نريد أن نعرف هل اعتقال رامي ريان قبل ولا بعد تصريح مطالبة السلطة بالضفة بحرية الرأي والمطالبة بالحقوق». ويعتقد كثيرون أن هذه الضغوط على حماس وخسارتها لكثير من القاعدة الشعبية لها اضطرتها إلى الذهاب في مصالحة مع فتح.
لكن المحلل السياسي مصطفى إبراهيم يعتقد أن الواقع الحالي سيستمر وستُبقي الحركة سيطرتها على قطاع غزة في ظل تمسك حماس وفتح في رؤيتهما السياسية ومواقفهما من ما يجري في الإقليم وعدم امتلاك الإرادة من قبل الطرفين لتحقيق المصالحة التي يُنظر إليها أنها ستنهي حكما سياسيا طال أمده للحركة الإسلامية. وقال إبراهيم، إن مشاريع إسرائيل باستمرار تعزيز فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة ومحاولات جهات عربية لإنهاء حكم حماس أو بقائه، يعزز الانقسام ويعمل على مزيد من فصل غزة وإبقائها وحيدة منهكة ويتم كل فترة من الزمن إنهاكها أكثر في ظل التوتر والحروب في المنطقة العربية.
ويتفق إبراهيم مع الرأي القائل إن سكان القطاع لا يريدون استمرار حكم حماس في ظل الأوضاع الاقتصادية الكارثية واستمرار الأزمات وتضاعفها، وأن هناك رغبة شعبية في إنهاء حالة الانقسام واللجوء لانتخابات. لكنه يقول إن كل ذلك «لم يمنع من وجود مخاوف لدى الشارع الغزي من أنه لا يوجد هناك بدائل حقيقية تشكل منافسا لحماس بالإشارة لضعف فتح في غزة وغياب أي قوة ثالثة منافسهم لهم».
ويلخص إبراهيم رأيه بالقول: «ستبقى حماس وستبقى معاناة الناس والفقر والبطالة ليس لأن حماس سبب مباشر لها، لكن لأنه في غياب الأفق السياسي وتحسين الأوضاع وفتح سوق للعمل وتحسين شروط الحياة في ظل كل هذه الأزمات الوضع قائم كما هو عليه مع التهديد بحرب جديدة وأزمات مستمرة ومتفاقمة لن تتوقف».