هل يورط حزب الله لبنان في الحرب؟
يشهد لبنان توترًا متزايدًا نتيجة لتصاعد الأنشطة والمغامرات التي يقوم بها حزب الله في المنطقة. يتساءل الكثيرون عن إمكانية أن تؤدي هذه المغامرات إلى نشوب حرب قد تكون بالغنى عنها، خاصةً في ظل عدم رغبة الشعب اللبناني في تكرار مأساة الحروب السابقة وتأثيرها على حياتهم.
حزب الله، الذي يمتلك تأثيرًا كبيرًا في السياسة والشؤون الأمنية في لبنان، يبدو أنه يشارك في أنشطة مثيرة للجدل في المنطقة، مما يثير المخاوف بين الدول المجاورة والمجتمع الدولي. تشير بعض المعلومات إلى دعم حزب الله للميليشيات والجماعات في المناطق المجاورة، مما يثير قلقًا بشأن استمرار الاستقرار في لبنان والمنطقة.
على عكس الطبيعة العاقدة للحروب، يعبر الشعب اللبناني عن رفضه الشديد لفكرة التورط في حروب جديدة. يذكر الكثيرون المأساة التي عاشوها جراء الحروب السابقة ويؤكدون على أهمية تحقيق السلام والاستقرار. يعبر المواطنون عن قلقهم إزاء تحول لبنان إلى ساحة صراعات إقليمية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها البلد حاليًا.
تتزايد الدعوات من داخل وخارج لبنان لضرورة ضبط النفس وتجنب التصعيد العسكري. يطالب البعض بضرورة حل النزاعات الإقليمية بطرق دبلوماسية، وتحفيز الحوار والتفاوض كوسيلة لتجنب الصراعات الدموية.
تثير المخاوف أيضًا احتمالية تأثر جنوب لبنان بنفس الطريقة التي تأثر بها قطاع غزة نتيجةً للتصعيد العسكري. يشير البعض إلى خطورة تورط المنطقة في صراعات إقليمية قد تتسبب في خسائر كبيرة للمدنيين وتؤثر على الحياة اليومية.
وتتسارع الأحداث في لبنان، وسط تزايد المخاوف من تصعيد عسكري غير مرغوب فيه. يظهر الشعب اللبناني استعداده للحفاظ على السلام وتجنب الصراعات، مما يجعل من الحوار والدبلوماسية خيارات أكثر جدوى لتفادي الأزمات الإقليمية.
إضافة إلى المخاوف المتزايدة حول نشاطات حزب الله في المنطقة، تشكل خطورة إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل عاملًا مهمًا يمكن أن يشعل الحرب بشكل غير مسبوق. تعتبر هذه الأفعال تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي وتقوض استقرار المنطقة.
يظهر القلق من أن إطلاق الصواريخ من لبنان يمكن أن يؤدي إلى رد فعل قوي من إسرائيل، مما يزيد من احتمالات التصعيد العسكري. قد تشمل هذه الردود الإسرائيلية ضربات جوية وبرية تستهدف مواقع حزب الله وبنية تحتية في لبنان، مما يزيد من خطورة تورط لبنان في حرب لا يرغب الشعب في مواجهتها.
إضافةً إلى الخسائر البشرية والمدنية المحتملة، يمكن أن يؤدي إطلاق الصواريخ إلى تعريض حياة المدنيين للخطر وتشويه البنية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة المتأثرة. يمكن أن يكون لهذا تأثير كبير على حياة الناس ويزيد من معاناتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها بالفعل.
ويعزز إطلاق الصواريخ من الحاجة إلى جهود دولية وإقليمية للوساطة والتهدئة. دعوات لحوار فعّال بين الأطراف المعنية تصبح أكثر أهمية لتفادي تصعيد الأوضاع والعمل نحو إيجاد حلول دبلوماسية للنزاع.
ويتسارع التوتر في المنطقة نتيجةً لتحركات حزب الله، وإطلاق الصواريخ يضيف عنصرًا خطيرًا يمكن أن يؤدي إلى حرب غير مرغوب فيها. يشدد على أهمية التحرك الدولي والإقليمي لتحقيق التهدئة والعمل نحو حلول سلمية تحافظ على استقرار المنطقة وتجنب تكرار مأساة الحروب السابقة.
ووفقا لتقرير خطير جدا نشرته صحيفة عكاظ السعودية مستعينة فيه بمحللين فإن «حزب الله» ما زال مصرا على مصادرة القرار السياسي والعسكري والاقتصادي في لبنان ضاربًا باللبنانيين ومصالحهم عرض الحائط، فهو يستفيد من موارد الدولة ويحول دون قيامها، ويفرض بقوة السلاح سيطرته على الموانئ البحرية والجوية والبرية للاستفادة من موارد الدولة اللبنانية، الأمر الذي يفقدها أهم مواردها الأساسية.. هذا من جهة..
ومن جهة ثانية، فإن سياسية «حزب الله» تجُرُّ على لبنان الحصار والعقوبات الدولية، وتخلق حالة عداء مع الدول العربية خصوصًا الخليجية، ما أدى إلى توقف تدفق رؤوس الأموال والسياح وانقطاع الاستثمارات.
ومن ثم فإن هذه الحالة الشاذة لـ«الدويلة» أدت إلى عزل لبنان عن محيطه، وانتهى به الأمر إلى تجفيف منابع التمويل، وانهيار العملة المحلية بشكل غير مسبوق، فضلًا عن ضياع أكثر من 100 مليار دولار تمثل ودائع اللبنانيين.
ومنذ أن ظهر «حزب الله» في لبنان مطلع الثمانينات، اتخذ قرار الانفراد بكل قراراته العسكرية، حينها كانت المليشيا ذات وجه عسكري فقط ولم تدخل في الحياة السياسية اللبنانية، فهو تنظيم قام وتأسس على الأراضي اللبنانية، لكنه لا يتوقف عند هذه الحدود تبعًا للمهمات الموكلة إليه من الوكيل المعتمد الذي يقدم ملايين الدولارات سنويًا للإبقاء على هذا الوضع الشاذ.
وشكلت ظاهرة «حزب الله» خطرًا أكبر على لبنان عندما دخل على خط الحياة السياسية، ليحكم قبضته على البلد سياسيًا وعسكريًا، ويرتهن القرار اللبناني لأجندته الخاصة فقط، دون أن يراعي مصالح الشعب اللبناني.
في حرب تموز 2006 دخل «حزب الله» في مغامرة غير محسوبة في مواجهة مع إسرائيل على الحدود الجنوبية، وكانت نتيجة هذه المواجهة حربًا ضروسًا دفع ثمنها الشعب اللبناني والدول العربية التي قدمت مساعدات إعادة الإعمار إلى لبنان كدولة وشعب، دون النظر إلى ممارسات ومغامرات «حزب الله».
ولعله من الخطأ التاريخي السكوت العربي واللبناني على تدخل «حزب الله» ضد مصالح الشعب اللبناني، الأمر الذي قاده في 2011 إلى التدخل في سورية والزج بمسلحيه في الأراضي السورية، ليدخل مغامرة أخرى ضد مصالح لبنان وضد السوريين أنفسهم، لترتبط مليشياته بمجازر امتدت من دمشق جنوبًا إلى حلب شمالًا. وظل لبنان يتجاذب وجهات النظر السياسية ضد التدخل إلى هذه اللحظة، وكانت النتيجة عزل لبنان عن محيطه العربي والدولي نتيجة قرارات جماعة متهورة وتنظيم مليشياوي لا يخدم إطلاقًا الشعب اللبناني.
نتيجة تهور «حزب الله» وعلاقاته السلبية مع الدول العربية وخصوصًا دول مجلس التعاون الخليجي، أنْ أصبح لبنان وحيدًا خاليًا من الدعم العربي، وبنوكه معطلة فقدت الثقة اللبنانية، ودخلت البلاد في نفق مظلم بسبب سوء الإدارة، في الوقت الذي تحاول تيارات سياسية عديدة في لبنان التفاهم مع «حزب الله» على قاعدة المصالح اللبنانية لا المصالح الخارجية.
واليوم، يتمادى «حزب الله» في مغامراته، في محاولة لجرِّ لبنان إلى حرب جديدة مع إسرائيل دون النظر أو الرجوع إلى مصالح اللبنانيين، وستكون -حال اشتعال جبهة الجنوب- مغامرة كارثية جديدة لا يحتاجها لبنان إطلاقًا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه.