الفرد والأصم.. شهر رجب وحكم صيامه وفضله وصحة الأحاديث النبوية الواردة فيه
مع إعلان دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، فضل صيام شهر رجب، وصحة الأحاديث الواردة فيه، نستعرض في السطور التالية تفاصيل فتوى الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، عن فضل (الشهر الأصم)، إذ أكد أن رجب من الأشهر الحرم التي هي (أشرف الشهور)، بالإضافة لشهر رمضان الذي يعد أفضلها على الإطلاق.
وقال الدكتور شوقي علام، في الفتوى التي حملت رقم 4749، إن شهر رجب من الشهور الحرم التي ذكرها الله عَزَّ وجَلَّ في القرآن الكريم، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، وروى الإمامان البخاري ومسلم، عن أبي بكرة، أن النبي صل الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»، مضيفا: «وهذه الأشهر الحرم هي أشرف الشهور، بالإضافة إلى شهر رمضان، وهو أفضلها مطلقًا».
شهر رجب عند العرب
وأوضح مفتي الجمهورية، أن رجب كان من الشهور المعظمة عند العرب فأكثَروا من أسمائه على عادتهم في أنهم إذا هابوا شيئًا أو أحبوه أكثروا من أسمائه، وأن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، أو كماله في أمر من الأمور، موضحا أن من أسماء شهر رجب هي الفرد، والأصم، لأنه ما كان يسمع فيه قعقعة سلاح لتعطيلهم الحرب فيه.
فضل شهر رجب في سُّنة الرسول
وأكد علام أنه مما ورد في فضل رجب من سنة الرسول صل الله عليه وسلم، ما رواه النسائي وغيره من حديث سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان».
فضل صيام شهر رجب في السنة النبوية
وأضاف مفتي الديار المصرية في فتواه، أنه مما ورد في فضل صيام شيء منه ما رواه الإمام أبوداود عن مجيبة الباهليَّة، عن أبيها، أو عمها، أنه أتى الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق، فأتاه بعد سنة، وقد تغيرت حاله وهيئته، فقال: يا رسول الله، أما تعرفني؟ قال: «ومن أنت؟» قال: أنا الباهلي، الذي جئتك عام الأول، قال: «فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة؟»، قال: ما أكلت طعامًا إلا بليل منذ فارقتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم عذبت نفسك؟»، ثم قال: «صم شهر الصبر، ويوما من كل شهر»، قال: زدني؛ فإن بي قوة، قال: «صم يومين»، قال: زدني، قال: «صم ثلاثة أيام»، قال: زدني، قال: «صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الْحرم واترك»، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها، ثم أرسلها.
وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الْجنة نهرًا يقال له رجب، أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، من صام من رجب يوما سقاه الله من ذلك النهر».
صحة الأحاديث الواردة في صيام شهر رجب
وعن حكم الأحاديث الواردة في فضل صيام شهر رجب أوضح: «لكن أحاديث صيام رجب لا يصح منها شيء، بل لا يصح شيء في هذا الباب كما ذكر الحفاظ، وروى الإمام البيهقي عن أبي قلابة رضي الله عنه قال: في الجنة قصر لصوام رجب، وقال الإمام أحمد، إنه وإن كان موقوفًا على أبي قلابة وهو من التابعين، فمثله لا يقول ذلك إلا عن بلاغ عمن فوقه ممن يأتيه الوحي، وبالله التوفيق، والأحاديث الواردة في صومه أو صوم شيء منه وإن كانت ضعيفة فإنها مما يعمل به في فضائل الأعمال على ما هو المقرر عند عامة العلماء في مثل ذلك».
واستطرد: «وحتى لو لم يرد في الباب هذه النصوص الضعيفة فإن النصوص الصحيحة الأخرى العامة التي تُرغب في الصيام التطوعي مطلقًا تكفي في إثبات المشروعية، إذ إن القاعدة عندهم أن العام يبقى على عمومه، والمطلق يجري على إطلاقه حتى يأتي مخصص أو مقيد».
آراء الفقهاء في صيام شهر رجب
وشدد مفتي الجمهورية، على أن الفقهاء ذكروا استحباب صيام رجب، وقرروه في كتبهم، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، وأمَّا الحنابلة فقالوا بكراهة إفراده بـ الصوم، وهذا من مفردات مذهبهم، وهذه الكراهة تنتفي بفطر بعضه ولو يوم واحد، أو بصوم شهر آخر من السنة معه، حتى وإن كان ذلك الشهر ليس تاليًا له.
صيام شهر رجب من فضائل الأعمال
واستكمل: «ينبغي أن يحرص المسلم على العمل بفضائل الأعمال التي منها صيام رجب سواء كله أو بعضه، ولو مرة واحدة في العمر، ليكون من أهل ذلك الفضل، فقال الإمام النووي في «الأذكار»: اعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء في فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة، ليكون من أهله، ولا ينبغي أن يتركه مطلقا، بل يأتي بما تيسر منه، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فأْتُوا مِنْهُ ما اسْتَطعْتُمْ».