من «التبليط» لقرار الدراسة.. القصة الكاملة لترميم هرم منكاورع بـ«مشروع القرن» | شاهد
بعد ساعات من إعلان الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مؤخرا، البدء فى ما وصفه بـ«مشروع القرن»، الذي يستهدف إعادة كساء «تغليف»، الهرم الأصغر بالجرانيت، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل بين المتابعين والمهتمين بالآثار المصرية، وتباين لآراء رواد السوشيال ميديا بين معارض للفكرة (من الأساس) مشككين في جدواها كونها تمثل تغيرا لأحد أهم المعالم الفرعونية و(عجائب الدنيا السبعة)، ومؤيد، وسط حالة من السخرية لدى البعض.
وفي محاولة لطمأنة المواطنين وإنهاء حالة الجدل الدائرة، أصدر اليوم، وزير السياحة والآثار، أحمد عيسي، قرارًا وزاريًا بتشكيل لجنة علمية عليا برئاسة عالم الآثار ووزير الآثار الأسبق، الدكتور زاهي حواس، وعضوية عدد من كبار العلماء المتخصصين في الآثار لاسيما الأهرامات، والهندسة من المصريين والأجانب من الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية التشيك ودولة ألمانيا، لمراجعة المشروع المشترك بين المجلس الأعلى للآثار وبعثة جامعة واسيدا اليابانية، والمقدم لإجراء أعمال الترميم المعماري لهرم منكاورع بمنطقة آثار الهرم.
هرم منكاورع
هرم منكاورع هو الهرم الثالث والأصغر بين الأهرامات الثلاثة المصرية التي تقع في محافظة الجيزة، وتم ضمها إلى عجائب الدنيا السبع لتميزها الشديد عالميًا في طريقة البناء والبقاء، رغم مرور آلاف السنوات على بنائها من أشهر الملوك المصريين في زمن الفراعنة.
يقع هرم منكاورع على هضبة الجيزة الشهيرة، حيث بني في الأساس؛ ليكون مقبرة للفرعون المصري منكاورع أو كما يتم نطقها أحيانا (منقرع)، الذي يعود إلى الأسرة الرابعة الفرعونية تقريبًا، ويبلغ طول الهرم الثالث لكل ضلع من أضلاعه 108.5 متر وارتفاعه 65.5 متر، ويبلغ طوله حاليا 62 مترًا، بعد سقوط كسوته الخارجية.
مراجعة مشروع هرم منكاورع
ووفقًا لقرار وزير السياحة والآثار ستقوم اللجنة العلمية، بعد الانتهاء من مراجعة مشروع هرم منكاورع، بإعداد تقرير علمي مفصل عن نتائج أعمالها، وما انتهت إليه المراجعة العلمية التي تم إجراؤها، واتخاذ قرار بشأن المضي قدمًا في المشروع من عدمه، على أن يتضمن التقرير أيضا كافة الإجـراءات والخطوات الواجب اتبـاعها للتنسيق المطلوب مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO) في هذا الشأن.
ومن المقرر أن ترفع اللجنة تقريرها للعرض على وزير السياحة والآثار لاعتماده قبل البدء في أي أعمال تخص المشروع بـ هرم منكاورع والمنطقة المحيطة به على أرض الواقع.
ويتولى المجلس الأعلى للآثار إمداد اللجنة بكافة البيانات والمعلومات والمستندات الخاصة بالمشروع، حتى يتسنى لها إنجاز أعمالها على الوجه الأمثل، وفور الانتهاء من أعمال اللجنة وعرض التقرير على الوزير سيتم تنظيم مؤتمر صحفي عالمي للإعلان عن النتائج التي توصلت إليها اللجنة والقرار الذي اتُخذ حيال البدء في مشروع هرم منكاورع من عدمه.
تغليف الهرم الأصغر بالجرانيت
كان الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أعلن عن بدء دراسة مشروع إعادة كساء أو تغليف الهرم الأصغر بالجرانيت، والذي وصفه بأنه «مشروع القرن»، كاشفًا عن تفاصيل مشروع تبليط الهرم الأصغر، بالإضافة إلى جهة التمويل الذي ستقوم بدعم المشروع.
وأوضح وزيري، خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق، ببرنامج «نظرة»، والمذاع على قناة صدى البلد، أن مشروع تبليط الهرم الأصغر، يتم تحت إشراف البعثة المصرية اليابانية.
وأضاف: «يوجد في مصر 250 بعثة أجنبية، من 25 دولة من مختلف دول العالم، بينها البعثة اليابانية، وأن فكرة تبليط الهرم ترددت عدة مرات في أزمنة مختلفة، وتم العمل على هذه الفكرة عدة مرات دون استكمالها»، متابعًا: «تمويل مشروع تبليط الهرم الأصغر سيكون من الجانب الياباني وسيتكفل بكل شيء خلال تنفيذ المشروع».
تعليق زاهي حواس على تبليط الهرم
وعلق الدكتور زاهي حواس، عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق، على ما تردد خلال الأيام الماضية حول إجراء أعمال تطوير في منطقة الهرم «تبليط الهرم».
ولفت خلال لقائه مع الإعلامي خالد أبوبكر، في برنامج «كل يوم»، إلى أن الموضوع بدأ من سيدة تعمل في أسوان بالأكاديمية البحرية والتى كتبت تغريدة على حسابها الشخصي قالت فيها: «أنقذوا الآثار لأنهم بيبلطوا الهرم».
وأضاف: «جميع وكالات الأنباء العالمية تتصل بي للتأكد من الخبر»، قائلا: «محدش يقدر يبلط الهرم نهائيًا، وأطمئن الجميع بأن الهرم لن يبلط وكل ما فعله الدكتور مصطفى وزيري، بدأ يحفر حتى يصل إلى الأرضية الأصلية في المدخل الشمالي».
وأكد أن «الهرم كان مكسيًّا بالجرانيت ولا أحد يستطيع المساس بالهرم»، متابعًا: «ما فيش حاجة اسمها تبليط الهرم، اللي طلع هذا الكلام واحدة ست بتخرف، ملهاش في العلم ولا في أي حاجة لها في الدوشة، مفيش حد يقدر يبلط الهرم إطلاقًا، مين يقدر يبلط الهرم؟!».
وتابع حواس: «وزير السياحة والآثار، أحمد عيسى، عندما وجد تداول معلومات مغلوطة تواصل معي، وطلب تشكيل لجنة برئاستي لطمأنة المواطنين بعدم المساس بالهرم، مختتما: «كان يجب دراسة مشروع القرن قبل الإعلان عنه، ولكن الدراسات التي سوف تجرى ستؤكد عدم المساس بالهرم».
تعليقات السوشيال ميديا على تبليط الهرم
وتباينت تعليقات رواد السوشيال ميديا حول تبليط الهرم بين غاضبة، حيث قال البعض: إن المواثيق الدولية في الترميم ترفض هذا التدخل بكل أشكاله، بينما سخر آخرون من الفكرة: «هاتلعب البخت في وش الهرم عشان مجرد افتراض؟»، و: «بعد ما هنخلص من تبليط الهرم هنركب سيراميك وباركيه فى الصحراء الشرقية إن شاء الله».
وتضمنت التعليقات تأيدا للفكرة، حيث جاء تعليق أحد مستخدمي «الفيس بوك»: «الناس دي دارسة وفاهمة وخايفة على الهرم، وبتعمل اللي في الصالح لبقائه والحفاظ عليه.. مش كل حاجة نتدخل فيها ونعمل خبراء ونفتي».
تفاصيل الأعمال الجارية لترميم هرم منكاورع
كان مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء نشر عددًا من الفيديوهات على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي، حول زيارة إلى منطقة الأهرامات، للكشف عن تفاصيل الأعمال الجارية لترميم هرم منكاورع.
وتضمنت الفيديوهات لقاءً مع الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في حضور الدكتور كاشيواجي هيرويوكي، كبير المهندسين بالبعثة المصرية اليابانية العاملة في منطقة هرم منكاورع، حيث شرح وزيري تفاصيل مشروع ترميم هرم منكاورع.
وأوضح أن الملك منكاورع قام بكساء واجهة الهرم بأحجار من الجرانيت، وأن المشروع هدفه إعادة تلك الأحجار إلى أماكنها بعد أن تساقطت حول الهرم مع مرور الزمن، مضيفًا أن المشروع الآن في طور الدراسة لمدة عام، وبعدها ستطرح النتائج على لجنة علمية دولية متخصصة لاتخاذ القرار النهائي وبالتعاون مع اليونسكو.
وأكد وزيري أن الحفائر الأثرية حول هرم منكاورع لم تكتمل منذ عام 1837 وحتى الآن بسبب أحجار الجرانيت المتساقطة حوله، مضيفًا أن إعادة تلك الأحجار إلى أماكنها ربما يكشف عن المراكب الجنائزية للملك منكاورع أسفلها، مضيفًا أن نتائج تلك الدراسة ستعرض على لجنة علمية دولية متخصصة لتحديد الموقف النهائي قبل البدء في تنفيذ المشروع، بالتعاون مع منظمة اليونسكو.
مشروع ترميم هرم منكاورع
من جانبه، قال هيرو يوكي، كبير المهندسين بالبعثة المصرية اليابانية العاملة في منطقة هرم منكاورع، إن الحكومة اليابانية ستتكفل بالتمويل، لافتًا إلى أن الصخرة المقام عليها هرم منكاورع لم يتم الكشف عنها حتى الآن عكس ما حدث بالنسبة لهرمي خوفو وخفرع، وأن إعادة الأحجار الأصلية إلى أماكنها سيكشف عن أبعاد قاعدة الهرم، وهو الكشف الذي سيفيد أعمال الحفائر من الناحية الفنية والعلمية.
بينما اعتبر د. محمد الصعيدي، المدير الأثري لمشروع تطوير الحفائر الخاصة بالهرم الثالث، مشروع ترميم هرم منكاورع بمثابة حلم لجميع الأثريين في مصر، نظرًا لأن المنطقة لم تمتد إليها أيادي العمل للحفر والتنقيب الأثري بسبب كتل الجرانيت المتساقطة من الهرم والمتناثرة حوله بشكل عشوائي، مضيفًا أن المشروع يستهدف دراسة تلك الأحجار من حيث طبيعتها ومعرفة مدى إمكانية إعادتها مرة أخرى إلى الهرم، بما يتيح استكشاف الآثار الموجودة بالمنطقة.
وحول الوسائل العلمية المتبعة لترميم الهرم، أوضح الدكتور نور بدر، رئيس الفريق العلمي الخاص بتوثيق أحجار الهرم الثالث بالليزر «3D»، أن الأعمال تتم باستخدام أحدث جهاز للتصوير الرقمي بالتعاون مع الجانب الياباني في البعثة المشتركة، مشيرًا إلى أن ذلك الجهاز يقوم بتصميم نموذج رقمي للهرم وللأحجار المتساقطة حوله لمعرفة مدى إمكانية إعادتها إلى أماكنها بعد توثيق ومسح وتسجيل كل قطعة ومعرفة تاريخها الأثري.
وأضاف أنه «لا صحة لما تردد عن أن المشروع يستهدف كساء واجهة الهرم، بل يهدف إلى إعادة أحجار الجرانيت المتساقطة من الهرم والمتناثرة حوله إلى أماكنها الطبيعية»، مؤكدًا أن الملك منكاورع كان قد قام بتركيب كتل من الجرانيت لتغطي جزء من واجهة الهرم، لكن مع مرور الزمن تساقطت تلك الكتل ولم يتبق منها إلا 6 صفوف فقط بقاعدة الهرم من الناحية الشمالية، لذلك يستهدف المشروع إعادة تلك الأحجار إلى أماكنها فقط ودون استخدام أي مواد خارجية بما يحافظ على أثرية المكان، وهي الخطوات المعتادة في أي أعمال تجرى لترميم الآثار بشكل عام.
وأكد د. محمود شهاب، أخصائي الترميم بمشروع توثيق أحجار الهرم الثالث، أن خطوات تنفيذ المشروع تتم بشكل علمي بالتعاون مع الجانب الياباني، مشيرًا إلى حرص البعثة المصرية اليابانية على توثيق كل قطعة من كتل الأحجار الجرانيتية المتناثرة حول الهرم لدراستها وفحصها باستخدام جهاز الليزر وذلك قبل البدء في تنفيذ المشروع والذي أكد أنه لا يزال في مرحلة الدراسة، وأن التنفيذ الفعلي لن يبدأ قبل موافقة لجنة علمية دولية متخصصة حول نتائج الدراسة.