رحلة البحث عن النفقة انتهت بجثة كريمة.. عامل يقتل ابنته ويشوه طليقته في الشرقية
لم تكُن "دعاء" تدري أن موافقتها على الارتباط من "عبدالهادي" العامل في مصنع أخشاب الذي يصغرها بأكثر من 4 سنوات ستكون وبالًا عليها وعلى ذريتها؛ إذ عرفت فيما بعد أن خيارها لم يكن الأفضل ودأب شريكها على الخلاف حتى اتسعت دائرة الفراق بينهما إلى حد الانفصال، بيد أن تلك العلاقة ظل هناك من يربطهما بها حتى حين.
المأساة بدأت بعد أشهرٍ قليلة من ليلة الزفاف؛ إذ تغيرت طباع الزوج وباتت حياتهما الزوجية لهيب ونار لا يحتملانه، وعلى الرُغم من حمل الزوجة وإنجابها ابنتهما الوحيدة "كريمة" التي كانت بمثابة الفرصة لرأب صدع تلك العلاقة غير المتكافئة، إلا أن الانفصال كان نهاية المطاف لزواج قُدر له الفشل.
تم الطلاق بين الزوجين واتفق الطرفان على نفقة زوجية من حق الأم لكي ترعى ابنتهما وتربيها على أفضل ما يكون، بيد أن الأمور لم تكن لتسير طيبة باتفاق شفهي مع من سبق له ولم يقوى على صيانة المودة والرحمة مع زوجته التي أصبحت مُحرمةً عليها بعد طلاقهما.
كانت النفقة الزوجية بمثابة فتيل الأزمة من جديد بين الطرفان وخلاف دائم بينهما بعدما مرت الأشهر تلو الأخرى دون حلول، حتى حدث تواصل بين الزوج الذي كان يعمل وقتذاك في مدينة السادس من أكتوبر داخل مصنع أخشاب هناك، وبين أهلية طليقته في قرية مجاورة لمسكنها في "كفر الشاويش" بدائرة مركز شرطة فاقوس، إذ اتفق الطرفان أن يأتي الأب وأم ابنته إلى منزل قريبها ذاك لوضع النقاط فوق الحروف وحل المسألة بينهما بعد خلاف كبير نال من علاقة تجمعهما فيها ابنتهما رغم ما يفرق بينهما من انفصالٍ وطلاق.
صبيحة أحد أيام شهر يناير من العام المنصرم، وبالتزامن مع موعد تمام الاتفاق الذي جرى بين الوالدين المنفصلين وبين أحد أقارب الأم، وعلى بُعد أكثر من 150 كيلو متر، نزل "عبدالهادي" ويداه تُمسك بأحد جيوب ملابسه يُتمم على سلاحه الأبيض (مطواة) وملامحه حادة تؤكد على أن المسألة لن تنتهي علي خير.
قطع "عبدالهادي" مسافة رحلته في مدة جاوزت الثلاث ساعات، في الوقت الذي كانت "دعاء" تُمسك بيد ابنتها في طريقهم إلى منزل قريبها عسى أن يجعل الله لأزمتها مع طليقها حلًا، بيد أن الحلول جميعها أوصدها الشيطان في وجه "عبدالهادي" ولم يجد أمامه سوى الدماء.
دقائق قليلة فصلت بين حضور "عبدالهادي" إلى القرية ومغادرته لها، لكن ما بين هذا وذاك طعناتٍ عدة سددها الأب إلى صدر وظهر ابنته الطفلة "كريمة" حتى غطت الدماء ملامحها لتُفارق الحياة فور سقوطها أرضًا، فيما نالت الأم "دعاء" نصيبًا من الطعنات التي لم تكُن كفيلة بموتها بعدما هرع أهل القرية إليها ونقلوها إلى المستشفى لتظل على قيد الحياة وتلقى الرعاية الطبية اللازمة.
استفاقت الأم داخل مستشفى كفر صقر المركزي لتبدأ في الصراخ ويتعالى صوتها وهي تنادي ابنتها وقُرة عينها "كريمة" التي باتت في عِداد الموتى بيد من جاءت إلى الدنيا بنُطفةٍ منه، قبل أن تفيق الأم من صدمتها وتسرد ما جرى على مسامع رجال التحقيق.
القضية التي حملت رقم 19408 جنايات مركز شرطة فاقوس لسنة 2023، وقُيدت برقم 2124 كلي شمال الزقازيق لسنة 2023، أسند أمر إحالة المتهم فيها "عبدالهادي" إلى المحاكمة الجنائية قتله المجني عليها ابنته الطفلة "كريمة" عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، وذلك بأن بيت النية وعقد العزم على ذلك وأعد لذلك الغرض سلاح أبيض (مطواة) وتوجه إلى محل تواجدها وما أن ظفر بها حتى انهال عليها طعنًا في منطقتي الصدر والظهر فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، والتي أودت بحياتها على النحو المبين في التحقيقات، وأنه - المتهم - قد شرع كذلك في قتل المجني عليها طليقته "دعاء" عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، وذلك حال تواجدها رفقة ابنتهما، حيث انهال عليها طعنًا ما أسفر عن إصابتها الموصوفة بتقرير الطب الشرعي، إلا أنه خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تداركها بالعلاج.
نظرت محكمة جنايات الزقازيق، برئاسة المستشار سلامة جاب الله رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين هيثم حسن الضوي وخالد محمد حافظ ومحمد صالح القطان، وسكرتارية نبيل شكري ومحمد إبراهيم، القضية لعدة جلسات، قبل أن تُسدل الستار عليها في جلسة الأحد، بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقًا لما ارتكبه من جُرمٍ، وذلك بعدما استطلعت المحكمة الرأي الشرعي لمفتي الجمهورية فيما أُسند للمتهم من جنايتي قتل ابنته والشروع في قتل والدتها (طليقته).