هربا من معايرة الناس.. شاب يدعي قتل شقيقته ومفاجأة أثناء المحاكمة
بينما رجال الشرطة يواصلون جهودهم للكشف عن هوية قتيلة عُثر على جثتها طافية في نهر النيل، حضر شاب إلى قسم الشرطة مُدعيا أنها لشقيقته وأنه قتلها ليغسل عاره وينقي ثوب الأسرة الأبيض من دنسها جراء رغبتها الزواج من مهندس من خارج قريتها.
رغم اعتراف المتهم بقتل شقيقته مع سبق الإصرار والترصد، لكن مفاجأة حدثت خلال جلسة محاكمته كانت سببًا في تبرئته من قتلها.
من واقع كتاب "أغرب القضايا" للمستشار بهاء أبو شقة، وكيل مجلس الشيوخ، نروي قصة اختفاء فتاة هربا من الزواج بابن عمها.
فتاة من إحدى قرى الصعيد، متفوقة دراسيا اجتازت المرحلة الثانوية وحصلت على مجموع مرتفع يؤهلها للالتحاق بإحدى كليات القمة، أحبت مهندس من الخارج القرية يعمل في شركة قريبة من مسكنها.
أراد المهندس أن يُكمل نصف دينه، لكن شقيق الفتاة كان له رأي آخر: "كفاية دراسة لحد كدا.. مفيش تعليم تاني.. عاداتنا وتقاليدنا تمنع ولازم تتجوزي ابن عمك". غضبت الفتاة رافضة طلب شقيقها:" الموت أهون من أني اتجوز الأمي الجاهل دا".
حكاية الفتاة تناقلتها ألسنة أهالي القرية كل على حسب ما خيل له شيطان هواه. ألسنة الناس لا ترحم وتخيلاتهم وشطحاتهم لا تقف عند حدود، بات الشاب محاصرا بأقاويلهم ونظراتهم التي كانت بمثابة أسهم تطاله كلما غدا أو راح.
جن جنون شقيق الفتاة وحمل سلاحه الناري، تتبع المهندس الذي يرغب في الزواج من شقيقته حتى حانت له فرصة التخلص منه، أطلق عيارين ناريين صوبه؛ قاصدا قتله وشاء القدر أن ينجو.
لم يقابل المهندس الإساءة بمثلها وقدر مشاعر الأخ والظروف والعادات والتقاليد التي يعيش أسيرا في دائرتها ولا يملك إلا الانصياع لها مجبرا.
بالرغم من أنه رآه وتأكد من أنه هو الذي أطلق النار عليه إلا أنه رفض اتهامه وقيدت القضية ضد مجهول.
وحفاظا على حياة المهندس أصرت جهة عمله أن تنقله إلى مكان آخر.
فجأة اختفت الفتاة وكأن الأرض انشقت وبلعتها وانتشرت الشائعات في القرية بأن شقيقها أو ابن عمها قتلها حتى يتخلص من عارها، ولم تمضي أيام على اختفائها حتى ظهرت جثة طافية في نهر النيل الملاصق للقرية، وتم استخراج الجثة.. كانت مشوهة الوجه على نحو يصعب معه الوقوف يقينا على صاحبتها.
أثبت مفتش الصحة أن الوفاة جنائية نتيجة الاعتداء عليها جنائيا، كان البحث جاريا ومتصلا من قبل رجال الشرطة للوقوف على شخصية القتيلة والوصول إلى القاتل.
كانت المفاجأة إذ تقدم الأخ معترفا بأن الجثة لشقيقته وأنه قتلها ليغسل عاره ولينقي ثوب الأسرة الأبيض من دنس هذه الفاجرة.
اعترف المتهم أنه أنهى حياة المجني عليها بالضغط على رأسها في الماء حتى ماتت غرقًا، وإشفاء لغيظه قام بضربها على رأسها بالمجداف وهو ما ثبت كذبه أذ قطع الطبيب الشرعي بأن هذه الإصابات لا تحدث من آلة راضية كالمجداف، وثبت من مناقشة الطبيب الشرعي أنه يستحيل حدوث الوفاة بهذه الصورة نظرا لان تشريح الرئتين أثبت خلوهما من المياه.
وقف المتهم داخل قفص الاتهام يخاطب الكثير ممن حضروا جلسة المحاكمة بكل ثقة وإصرار: لا تصدقوا أنا القاتل غسلت شرفي بيدي.
وكانت المفاجأة التي زلزلت أركان القاعة، حضرت والدة الشاب تصيح مذعورة تناشد المحكمة أن تسمح لها بالكلام، كانت تصطحب معها فتاة توشحت بالسواد الذي غطى جسدها من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها وطلب منها قبل البدء في الحديث أن تزيل النقاب وأن تكشف عن وجهها، إنها أخت المتهم التي اعترف بقتلها، جاءت بصحبة أمها.
بدأت الأم حدثها للمحكمة: أحسست بالانكسار في عيون ابنتي وأنها تحطمت بالفعل وباتت شاردة ذابلة، فكرت سريعا في حل، فقررت ألا أسمح لهذه الزيجة أن تتم، لن أسمح لابنتي أن تذبح قربانا لتقاليد بالية عفى عليها الزمن، طلبت من ابنتي الاختفاء بسرعة من القرية عند أحد أقاربنا في القاهرة وتتزوج المهندس على أعين الأشهاد
وقدمت قسيمة الزواج للمحكمة، وصاحت متسائلة هل أجرمت ابنتي عندما تزوجت ممن تحب؟ هل أجرم زوجها المهندس بدوره عندما تزوجها زواجا شرعيا تتويجا لحبهما؟
صاح ابن العم الذي تقدم بين صفوف الحاضرين يحيي الأم ويصادق قولها ويؤيدها ويبارك هذا الزواج.
فوجئ الحاضرين بالمهندس بصحبة والديه يدخلون القاعة مهنئين بحكم البراءة.