ليلة الرعب والموت.. تفاصيل صادمة عما حدث في قرية ود النورة بالسودان
عقارب الساعة تشير إلى الخامسة فجرًا، الظلام يلقي بثقله على قرية «ود النورة» في ولاية الجزيرة، صوت الرصاص يخترق الصمت في القرية التي يصل تعداد سكانها لقرابة الـ 12 ألف نسمة، الجميع أصابه الفزع «رجال، ونساء، وأطفال»، ويرددون سؤال واحد.. ماذا يحدث في دروب القرية؟
شنت قوات الدعم السريع، هجوما مباغتا على قرية «ود النورة» بولاية الجزيرة، مما أسفر عن كمقتل ما يقارب من 120 من أبناء القرية كبار وصغار.
طلقات الرصاص لم تفرق بين أحد، قوات الدعم السريع اخترقت حدود القرية وسارت في طرقها وأطلقت النيران بشكل عشوائي لتصيب من تصيب، وتقتل من تقتل.
قرية ود النورة ضمن ولاية الجزيرة في السودان، تعتمد على الزراعة وهي واحدة من القرى الفقيرة في السودان، إذ أغلب مبانيها طينية وتفتقد للعديد من مقومات الحياة، إلا أن سكانها لم يكن لديهم بديلا أمنًا غير منازلهم.
يروي «أبوعمر» أحد الناجين من قرية سكان قرية «ود النورة»، ما رأه من هجوم كاد أن يأكل الأخضر واليابس في القرية. على حد قوله.
يقول «أبوعمر»: «كان يوما من أيام الحرب العادية، اعتدنا على سماع أصوات الطائرات والانفجارات هنا وهناك، لكن ما حدث تلك الليلة لم نره من قبل بشكل أكثر قربا مثلما رأيناه، وكأن الموت يحوم من حولنا، لكننا تركنا أمرنا في يد الله».
على مدار 7 ساعات كانت قوات الدعم السريع – حسب ما أعلن – تشن هجوما ضاريا على قرية ود النورة وتنفذ عمليات إعدام مباشرة، شباب وكبار لم تترك خلفها أحدًا. يقول «أبوعمر»: «سمعنا طلقات الرصاص تنطلق من كل صوب وحدب، لم نعرف من سوف تأتي الطلقة، هجموا علينا بسيارات الدفع الرباعي، وعربات البضائع لنهب كل ما يوجد في القرية، وفور دخولهم بدأوا في إطلاق النيران على الجميع، وصلوا إلى كل المنازل ولم يحترموا حرمة المنازل والنساء، خلفوا ورائهم العشرات من الجثث.. ليطرح الناجون تساؤلا واحدا: بأي ذنب قتلوا؟.
لا يمكن القول أن الهجوم على قرية ود النورة وقع صدفة، بل اتضح الأمر أنه خطة مدبرة، إذ جرت عمليات سلب ونهب كبيرة للقرية ومنازلها، يقول «أبوعمر»: «عربات البضائع التي كانت ضمن الهجوم حملها جنود الدعم السريع بكل ما يمكن أن تحمله من أموال، وملابس، وذهب، وأثاث، مواد غذائية، لم يتركوا شيئا، تركوا القرية في حالة من الشح الغذائي».
ليس الهجوم الأول على «ود النورة»
لم يكن ذلك الهجوم الأول من نوعه، إذ سبق لقوات الدعم السريع أن شنت هجوما لمرتين على القرية، لكن الاهالي تصدوا لهم.
يقول «حسن» من أبناء القرية وأحد الناجين من المجزرة: «قوات الدعم السريع جاءت مرتين إلى قرية ود النورة قبل وقوع المجزرة، وتم التصدي لها من أبناء المنطقة فتراجعت وأتت هذه المرة بسلاح ثقيل عبارة عن دبابة وثنائيات ورباعيات ودوشة وجرنوف».
ويتابع «حسن»: «استخدمت قوات الدعم السريع كافة أنواع الأسلحة، وبدأت اطلاق النيران بشكل مباشر على رؤوس المواطنين من خارج المنطقة ثم إقتحمت المنطقة وبدأت في تصفية الشباب بكل إرهاب ووحشية، نجا من نجا واستشهد من استشهد».
وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، أن التقارير التي جاءت من قرية ود النورة أفادت بمقتل ما لا يقل عن 35 طفلا«خلال الهجوم.
فيما خرج مجلس السيادة السوداني في بيان رسمي جاء فيه: «إن مليشيا الدعم السريع أقدمت على ارتكاب مجزرة بشعة بحق المدنيين العُزل في ود النورة بولاية الجزيرة، راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين الأبرياء، مطالبا المجتمع الدولي بضرورة إدانة واستنكار جرائم الدعم السريع ومحاسبة مرتكبيها، إعمالًا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب».
«ود النورة» لا تمتلك السلاح لمواجهة قوات الدعم
«ليس لدى أبناء القرية السلاح اللازم لمواجهة قوات الدعم، الهجوم المباغت لم يترك لأحد الخيار، الجميع شعر بالخوف والذعر، قوات الدعم كانت تدخل إلى المنازل وتطلق النار على كل شيء يتحرك، ونهبت بيوت القرية عن بكرة أبيها». يقول معمر موسى. ناشط حقوقي سوداني.
يقول «معمر» الذي يعمل ضمن مبادرة توثق الانتهاكات في ولاية الجزيرة، في حديثه لـ«المصري اليوم»: «الأهالي في قرية ود النورة لا يملكون السلاح الكاف لمواجهة المليشيات، العشرات قتلوا وتم التنكيل بهم، بحسب شهود عيان روا لي ما حدث، تم تنفيذ حملات إعدام في الشوارع والأزقة وداخل المنازل على مرأى ومسمع من الاطفال والنساء، لم يرحموا كبيرا أو صغيرا».
يوضح «معمر» أن ما يقرب من 80% من أهالي القرية دفعوا للتهجير القسري وتركوا خلفهم منازلهم وكل شيء من أجل البقاء على قيد الحياة، لم يتبقى في القرية سوى 20% فقط من سكانها، البعض اتجه إلى المناقل والآخر راح يهيم على وجه في الطرق هربا من بطش قوات الدعم السريع.
ويختتم «معمر» حديثه: «جريمة جديدة، راح ضحيتها العزل والعائلات والشباب والأطفال، كان يوما أسود في تاريخ السودان، ما حدث في قرية ود النورة مجزرة ولا يمكن توصيفها بشئ أقل من ذلك».