عقار أرض الجولف.. أصوات من أسفل الأنقاض وشهادات مرعبة عن الانهيار
هُنا عقار أرض الجولف التابع لدائرة مدينة نصر أول.. مشهد لحطام ومعدات ثقيلة بمحيطها سيارات الشرطة وأفرادها في كل مكان، وعمليات بحث عن سكان ورواد العقار رقم 30 المتواجد في شارع محمد عبدالهادي متفرع من شارع النزهة، والجميع كان واقفا في تأهب لخروج مصابا أو جثة من أسرته.
المشهد كان مأساويا، فالعقار ركاما على ركام تظهر بين أنقاضه مقتنيات وحوائط شاهده على سنين من الدهر، الأسقف مطوية على بعضها، أسفله ثلاث محلات، وأمامه تقف الأوناش الضخمة وسيارات الإسعاف، وخلفه أيضا تقف سيارات الإسعاف تتأهب لنقل أي مصاب للمستشفيات.
مع دقات الساعة 12 ظهر الثلاثاء، كان العقار رقم 30 واقفا شاهد على أحداث مرت عليه وأشخاص سكنوه وغادروا على مدار قرابة 50 عاما، وفجأة سمع المتواجدين في المحلات صوتا ضخما وهرعوا خارجها، وما هي إلا ثواني حتى سقط العقار فجأة.
تحولت المنطقة في أرض الجولف إلى سحابة من الأدخنة ظلت تتوسع لتوقف حركة المرور بالكامل في شارع النزهة وشارع محمد عبدالهادي، ويهرع الجميع صوب العقار في محاولات للبحث عن ناجيين، وبعد دقائق تجوب منطقة أرض الجولف سرائن الإسعاف والحماية المدنية والشرطة.
السيارات كانت قادمة من كل صوب، وسرعان ما تم إغلاق الشارع وإعلان منطقة الخطر والبدء في رفع انقاض العقار شيئا فـ شيئا، ثم استخراج سيدة خمسينية مصابة بعد ثلاث ساعات من الانهيار، تلاها سيدة ستينية ثم شخص أربعيني تم نقلهم جميعا إلى المستشفيات لتلقي العلاج.
كلاب بوليسية وقواطع كهربائية للتعامل داخل الأنقاض
بمرور الساعات وصل محافظ القاهرة بصحبة مدير أمن القاهرة، ومن بعدهم وزيرة التنمية المحلية إلى مسرح العقار، وقاموا بمتابعة عمليات رفع الأنقاض والإشراف عليها، إلا أنه وبعد مرور 5 ساعات على الحادث تغيرت عمليات البحث عن الضحايا إلى خلف العقار.
رفعت أجهزة المحافظة ونش عملاق قام بربط الكمرة الخرسانية الضخمة لـ سطح العقار، ومع بداية تحريكها للأعلى لرفعها، تحرك الحزء المتبقى من العقار وهو ما جعل الأجهزة الأمنية توقف عمليات رفع الكمرات الخرسانية الضخمة، وتم اللجوء إلى كلاب بوليسية للبحث عن ناجيين وقواطع كهربائية لقطع الكمرات.
16 ساعة بحث عن ناجيين أو ضحايا أسفل الأنقاض
توجهت الحماية المدنية إلى عقار أرض الجولف من الخلف وباشرت عمليات البحث والإنقاذ، حتى أنهم قاموا بتحديد مكان أشخاص ناجية وعلى قيد الحياة، وظلت المحاولات أكثر من 9 ساعات حتى العاشرة مساء، لرفع الكمرات الخرسانية الضخمة واستخراج الأحياء من أسفلها لإنقاذهم.
ومع حلول ساعات الفجر وبعد مرور 16 ساعة على إنهيار عقار أرض الجولف استخرجت الحماية المدنية أول جثمان من أنقاض العقار وتبين أنه لسيدة تدعى ايفيت، ستينية العمر، وبعدها بلحظات بسيطة تم انتشال جثمان فتاة أفريقية تدعى مريم ونقلهما إلى ثلاجة مستشفى منشية البكاري.
شهادات مأساوية من عقار أرض الجولف
قوات الحماية المدنية رغم مرور أكثر من 24 ساعة على الانهيار إلا أنها ما زالت تجري عمليات البحث في أنقاض عقار أرض الجولف ورفع الكمرات الخرسانية الضخمة بحثا عن ناجيين أو ضحايا آخرين أسفل الأنقاض، باستخدام الأوناش الضخمة وبمساعدة رجال محافظة القاهرة.
المشهد خلف عقار أرض الجولف، كان للأسر والأقارب والاصدقاء، هُناك وقف الجميع يدعو لمن أسفل الأنقاض بالخروج في سلام، فقد جلست سيدة على مدخل الشارع تقول أن والدتها تحضر لمساعدة سيدة مسنة في العقار وأنها أسفل الأنقاض، فيما ظهر شابين ينتظرا خروج والدة صديقهم من أسفل الأنقاض.
ضحايا عقار أرض الجولف بين المستشفيات والثلاجات
عقار أرض الجولف بعد مرور 24 ساعة على انهياره التام، خلف 3 مصابين وجثتين، المتوفين فيه هم ايفيت نديم 64 سنة، ومريم م فتاة افريقية 24 سنة، والمصابين شيرين يوسف 59 سنة وإيمان حسان 64 سنة ومحمد بشار 47 سنة، والمصابين متواجدين في المستشفيات والضحايا في ثلاجة مستشفى منشية البكاري.
شهود العيان على حادث عقار أرض الجولف كشفوا العديد من الأسرار، بداية من الشاهد على سقوط العقار أمام عينيه والذي قرر بأنه سمع صوت ارتطام فجأة ثم شاهد الأتربة تتصاعد بشكل مخيف في المنطقة واصوات الصرخات في النطاق، ثم الشهود على أن مالك الشقة المتواجدة في الطابق الأول بـ عقار أرض الجولف.
لغز سقوط عقار أرض الجولف
ذلك الشاهد الذي قرر بأن المالك كان يجري عمليات تشطيبات في الشقة لتحويلها إلى مركز طبي وهو السبب الرئيسي لانهيار العقار، ومعه كشفت المحافظة أن العقار صادر له تراخيص عام 1972 بـ 4 طوابق ثم زيادة الطابق الخامس عام 1978 وأنه يرجح أن يكون سبب الانهيار عمليات تشطيب في شقة سكنية بالطابق الاول.
الشهادات كانت مرعبة ومثيرة عن الحادث، فالجميع هنا شاهدا على لحظة الانهيار أو على سنين من العمر شاهد فيها العقار، أو واحدا من أسرة المفقودين، فتلك السيدة التي وقفت أمام العقار تقول أنها كانت تأتي لـ صيدلية متواجدة أسفل العقار لشراء الأدوية منها وحينما مرت في الصباح وجدته انقاض على انقاض.
البحث عن أحياء وسماع أصوات من الأنقاض
شاهد آخر كانت متواجدا بالداخل برفقة الحماية المدنية قرر بأن هناك اصواتا كانت تصدر من أسفل الأنقاض وأنها لشخص حي وهي فتاة إلا أنه كان من الصعب الوصول إليها بسبب الأنقاض المتراكمة على بعضها، وقد حاولت قوات الحماية المدنية بكل الطرق في رفع الحطام بطريقة متخصصة واستثنائية لإنقاذ أي شخص يعتقد وجوده على قيد الحياة.
هكذا كانت الليلة في أرض الجولف، الجميع في محيط العقار بين أهلية وقيادات أمنية، وجيران واهل واقارب والعقار الذي وقف قرابة 50 عاما في مستهل شارع الشهيد محمد عبدالهادي بات خاويا ركام وأنقاض، لا يقترب منه أحد سوى رجال الحماية المدنية.