خططوا لها منذ 2015.. تفاصيل مثيرة جديدة بشأن هجمات البيجر في لبنان
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن تفاصيل جديدة بشأن "عملية البيجر" التي استهدفت مئات العناصر من "حزب الله"، قبل أيام من بدء القصف الإسرائيلي على لبنان، خاصة الجنوب والبقاع.
وحسب الصحيفة "في العرض الأولي الذي قدّم لحزب الله قبل عامين، بدا الخط الجديد من أجهزة النداء (أبولو) مناسبًا تمامًا لاحتياجات الجماعة ذات شبكة مترامية الأطراف من المقاتلين وسمعة اكتسبتها بشق الأنفس بسبب جنون العظمة".
وأضافت أن "جهاز النداء AR924 كان ضخمًا بعض الشيء ولكنّه قوي، ومصمّم لتحمّل ظروف ساحة المعركة، وكان يتميز بتصميم تايواني مقاوم للماء وبطارية كبيرة الحجم يمكن أن تعمل لشهور بدون شحن".
ولفت إلى أن الأفضل من ذلك كلّه أنه لم يكن هناك خطر من إمكانية تعقب أجهزة النداء من قبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وقد أعجب قادة حزب الله بهذه الأجهزة إلى الحد الذي جعلهم يشترون 5000 جهاز منها ويبدأون في توزيعها على المقاتلين من المستوى المتوسط وأفراد الدعم في فبراير".
قنبلة إسرائيلية في أجهزة حزب الله
وقالت: "لم يشك أي من المستخدمين في أنه يحمل قنبلة إسرائيلية مصنوعة ببراعة. وحتى بعد انفجار آلاف الأجهزة في لبنان وسوريا، لم يقدّر سوى قلة من المستخدمين الميزة الأكثر شرًّا في أجهزة النداء: فك التشفير المكون من خطوتين والذي يضمن أن معظم المستخدمين سوف يحملون جهاز النداء بكلتا يديهم عندما ينفجر".
قُتِل أو أصيب ما يصل إلى 3000 ضابط وعضو في حزب الله - معظمهم من الشخصيات غير القيادية - إلى جانب عدد غير معروف من المدنيين، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين وأمريكيين وشرق أوسطيين، عندما قامت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الموساد بتشغيل الأجهزة عن بعد في 17 سبتمبر.
وأوضحت الصحيفة أنه تم تجميع هذه الرواية، بما في ذلك العديد من التفاصيل الجديدة عن العملية، من مقابلات مع مسؤولين أمنيين وسياسيين ودبلوماسيين إسرائيليين وعرب وأمريكيين مطّلعين على الأحداث، بالإضافة إلى مسؤولين لبنانيين وأشخاص مقربين من "حزب الله".
وأشارت إلى أن هذا الهجوم كان "أحد أكثر عمليات الاختراق نجاحًا للعدو من قبل جهاز استخبارات في التاريخ الحديث".
وقالت: "بدأت الخطة التي استمرت لسنوات في مقر الموساد بتل أبيب، وشارك فيها في نهاية المطاف مجموعة من العملاء والمتواطئين غير المتعمدين في بلدان متعددة".
إعداد الموساد لعملية البيجر
وبحسب مسؤولين إسرائيليين وشرق أوسطيين وأمريكيين مطلعين على الأحداث، فإن فكرة عملية البيجر نشأت في عام 2022. وبدأت أجزاء من الخطة تتبلور قبل أكثر من عام من هجوم حماس في السابع من أكتوبر الذي وضع المنطقة على مسار الحرب. وكان ذلك وقتًا هادئًا نسبيًا على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان".
وأضافت: "كان الموساد قد عمل لسنوات على اختراق حزب الله من خلال المراقبة الإلكترونية والمخبرين. بمرور الوقت، أدرك قادة الجماعة ضعف الحزب أمام المراقبة الإسرائيلية والقرصنة، وتخوفوا من أن تتحول حتى الهواتف المحمولة العادية إلى أجهزة تنصت وتتبع تسيطر عليها إسرائيل".
وفق المسؤولين، "هكذا ولدت فكرة إنشاء نوع من حصان طروادة للاتصالات، إذ كان حزب الله يبحث عن شبكات إلكترونية مقاومة للاختراق لنقل الرسائل، وتوصل الموساد إلى حيل من شأنها أن تدفع المجموعة إلى شراء أجهزة تبدو مثالية للوظيفة، وهي المعدات التي صممها الموساد وقام بتجميعها في إسرائيل".
ولفتت الصحيفة إلى أن "الموساد بدأ في إدخال الجزء الأول من الخطة، أجهزة اتصال لاسلكية مفخخة، إلى لبنان منذ ما يقرب من عقد من الزمان، في عام 2015".
وأكدت "تحتوي أجهزة الراديو المحمولة ثنائية الاتجاه على حزم بطاريات كبيرة الحجم ومتفجرات مخفية ونظام إرسال يمنح إسرائيل إمكانية الوصول الكامل إلى اتصالات حزب الله. وعلى مدى تسع سنوات، اكتفى الإسرائيليون بالتنصت على حزب الله، مع الاحتفاظ بخيار تحويل أجهزة الاتصال اللاسلكية إلى قنابل في أزمة مستقبلية".
وحسب المسؤولين "لكن بعد ذلك جاءت فرصة جديدة ومنتج جديد براق: جهاز اتصال لاسلكي صغير مزود بمتفجرات قوية. وفي مفارقة لم تتضح إلا بعد أشهر عدة، انتهى الأمر بحزب الله إلى دفع أموال غير مباشرة للإسرائيليين مقابل القنابل الصغيرة التي من شأنها أن تقتل أو تصيب العديد من عناصره".
وتابعت: "ولأن قادة حزب الله كانوا على دراية بالتخريب المحتمل، لم يكن من الممكن أن تأتي أجهزة الاتصال اللاسلكي من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي حليف آخر لإسرائيل. لذا، في عام 2023، بدأت المجموعة تتلقى طلبات لشراء كميات كبيرة من أجهزة الاتصال اللاسلكي التي تحمل علامة أبولو التايوانية، وهي علامة تجارية معروفة وخط إنتاج يتم توزيعه في جميع أنحاء العالم ولا توجد روابط واضحة مع المصالح الإسرائيلية أو اليهودية. وأكد المسؤولون أن الشركة التايوانية لم تكن على علم بالخطة"
وذكرت أن "هذا العرض جاء من مسؤولة تسويق موثوق بها لدى حزب الله ولها صلات بأبولو. وكانت المسؤولة التسويقية، وهي امرأة رفض المسؤولون الكشف عن هويتها وجنسيتها، ممثلة مبيعات سابقة للشركة التايوانية في الشرق الأوسط أسّست شركتها الخاصة وحصلت على ترخيص لبيع مجموعة من أجهزة النداء التي تحمل علامة أبولو التجارية. وفي وقت ما من عام 2023، عرضت على حزب الله صفقة على أحد المنتجات التي تبيعها شركتها: جهاز AR924 القوي والموثوق".