اغتيال يحيى السنوار.. فرصة جديدة لأهالي غزة وهذا وضع حماس
كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، تفاصيل اغتيال يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، موضحة أن الاشتباك وقع بتل السلطان برفح جنوب قطاع غزة، فيما كان السنوار يرتدي جعبة عسكرية ومعه قيادي ميداني آخر.
وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، فإن الشخصين اللذين اغتيلا إلى جانب السنوار على ما يبدو هما اثنان من رفاقه، ويعتبران من كبار المسؤولين في حركة حماس، حيث ذكرت أنهما محمود يوسف حمدان، مقدم في وزارة الأمن التابعة لحركة حماس، وهاني حميدان زاريف، مشيرة إلى أنهما كانا من كبار المسؤولين، بمثابة ظل السنوار، تواجدا معه ولم يتركاه.
ولد السنوار في 29 أكتوبر 1962 في مخيم خان يونس، وهو الشقيق الأكبر للقيادي محمد السنوار، حيث عاش مع أسرته في خان يونس بعد النزوح إلى هناك، وأصبح يحيى معروفًا بمساهمته في تأسيس الجهاز الأمني لحركة حماس، المعروف بجهاز الأمن والدعوة، والذي تأسس في عام 1985، ومهمة هذا الجهاز مطاردة جواسيس الاحتلال الإسرائيلي داخل قطاع غزة.
في عام 2017، تم انتخاب يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس في قطاع غزة، خلفًا لإسماعيل هنية، ويعد السنوار من الشخصيات القوية والمؤثرة داخل الحركة، حيث يمتلك رؤية واضحة لتعزيز مكانة الحركة وتطوير استراتيجياتها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وبسبب نشاطاته ودوره في حماس، وضعه الجيش الإسرائيلي على رأس قائمة المطلوبين حيًا أو ميتًا.
ويرى الخبراء أن اغتيال يحيى السنوار، قائد حركة حماس، سيكون حدثًا ذا تداعيات كبيرة على الصعيد السياسي والعسكري والاجتماعي في المنطقة، كونه أحد القادة البارزين في الحركة، فإن اختفاءه سيترك فراغًا في القيادة ويؤثر بشكل مباشر على استراتيجيات حماس وقدرتها على التحرك في مواجهة إسرائيل. لكن السؤال الأهم هو: ماذا سيحدث بعد هذا الاغتيال؟ وكيف يمكن أن يغير مصير السكان في غزة؟
تداعيات اغتيال السنوار على حركة حماس
يحيى السنوار يعتبر من الشخصيات الأكثر تأثيرًا داخل حماس، وكان له دور محوري في إعادة هيكلة الحركة بعد عدة هجمات إسرائيلية سابقة وفي إدارة المواجهات العسكرية والسياسية، اغتياله سيشكل ضربة قوية للحركة، ليس فقط على المستوى العسكري بل أيضًا على مستوى القيادة الفكرية والتنظيمية.
القيادة العسكرية: من المتوقع أن تواجه حماس تحديات في الحفاظ على تنظيم صفوفها وإدارة الصراع، خاصة أن السنوار كان يتمتع بخبرة عسكرية كبيرة ويشرف على عمليات واسعة النطاق ضد إسرائيل، واغتياله قد يضعف القدرة العسكرية للحركة لفترة من الزمن.
الوحدة الداخلية: اغتيال شخصية بحجم السنوار قد يؤدي إلى انقسام داخلي في صفوف الحركة، بعض الأجنحة داخل حماس قد ترى في هذا الحدث فرصة لإعادة توجيه الحركة نحو مفاوضات سياسية، بينما قد تسعى أجنحة أخرى لتعزيز الخيار العسكري والثأر.
العلاقات مع الفصائل الأخرى: حماس ليست الحركة الوحيدة في غزة، وتنافسها مع فصائل أخرى مثل الجهاد الإسلامي قد يتصاعد بعد اغتيال السنوار، وقد تسعى هذه الفصائل لاستغلال الفراغ القيادي لتعزيز نفوذها.
الفراغ القيادي والتصعيد العسكري
تاريخيًا، اغتيال القادة الفلسطينيين غالبًا ما يؤدي إلى تصعيد في الهجمات من قبل الفصائل المسلحة. حركة حماس قد تلجأ إلى تصعيد عسكري ردًا على اغتيال السنوار، مما قد يؤدي إلى جولة جديدة من العنف بين غزة وإسرائيل. ومع ذلك، التصعيد لا يُتوقع أن يحقق مكاسب كبيرة على المدى الطويل، وقد يزيد من معاناة السكان المدنيين في غزة الذين يعانون بالفعل من الحصار والبطالة والبنية التحتية المتدهورة.
بالمقابل، إسرائيل قد تستغل هذا الضعف في حماس لزيادة الضغط على غزة عسكريًا وسياسيًا. هدفها قد يكون تدمير البنية التحتية العسكرية لحماس بشكل كامل وإضعاف نفوذها في القطاع.
الفرصة أمام سكان غزة لتغيير مصيرهم
في ظل التصعيد المحتمل، قد يرى سكان غزة فرصة لتغيير واقعهم المأساوي الذي يعيشونه منذ سنوات، القطاع محاصر اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا، والحياة اليومية للسكان تتسم بالفقر والبطالة وانعدام الخدمات الأساسية.
الضغط الشعبي من أجل السلام: قد يرى البعض من سكان غزة أن هذا هو الوقت المناسب للضغط على حماس والفصائل المسلحة الأخرى من أجل تبني نهج سياسي أكثر واقعية يهدف إلى تحقيق السلام. قد تكون هناك رغبة متزايدة لإنهاء الحرب المستمرة والتوجه نحو حل سياسي يتيح للسكان فرصة العيش بكرامة بعيدًا عن الدمار المستمر، ومع مرور الوقت، قد تنمو حركة شعبية قوية تطالب بتحقيق تسوية سلمية.
إعادة التفكير في القيادة السياسية: اغتيال السنوار قد يدفع بعض الشخصيات السياسية والعسكرية داخل غزة للتفكير في حلول جديدة تتجاوز الخيارات العسكرية. قد تظهر قيادات جديدة تحاول إيجاد طرق للتفاوض مع إسرائيل أو المجتمع الدولي بهدف رفع الحصار وتحسين الظروف المعيشية للسكان.
التوجه نحو المجتمع الدولي: بعد اغتيال السنوار وتصاعد الأزمات، قد يكون هناك دور أكبر للمجتمع الدولي في التدخل لفرض تسوية سياسية. قد ترى بعض الدول والجهات الدولية أن الفراغ القيادي في حماس يمكن أن يكون فرصة للضغط على جميع الأطراف للجلوس على طاولة المفاوضات.
خسارة حماس: بين المأساة والفرصة
إذا تمكنت إسرائيل من تحقيق هدفها الأكبر وهو تقليص نفوذ حماس بشكل كبير، فقد يشكل ذلك تحولًا كبيرًا في المشهد السياسي في غزة. لكن، هذه الخسارة قد تكون سيفًا ذا حدين:
زيادة الفوضى: قد يؤدي انهيار حماس أو تراجعها إلى حدوث فراغ أمني في غزة، مما قد يمهد الطريق لظهور فصائل أكثر تطرفًا وأقل التزامًا بأي اتفاقيات أو هدنة.
إعادة تشكيل السلطة: في حالة ضعف حماس، قد تظهر قوى سياسية جديدة داخل القطاع، سواء من الفصائل الأخرى أو حتى من داخل حماس نفسها. قد يكون هناك توجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية تجمع بين الأطراف المختلفة من أجل تحقيق حل دائم للصراع.
هل هناك أمل في تغيير الواقع؟
رغم القسوة والدمار، يظل هناك أمل في تغيير الوضع في غزة. الأوضاع الحالية غير مستدامة، سواء بالنسبة لحماس أو لإسرائيل أو حتى للسكان المدنيين. الاغتيالات والتصعيد المستمر لن تؤدي إلا إلى زيادة المعاناة. لكن، اغتيال شخصية مثل يحيى السنوار قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التفكير والتخطيط. قد يكون هناك فرصة للقيادات الفلسطينية والشعب الفلسطيني بشكل عام للتفكير في مستقبل أكثر استقرارًا وأقل عنفًا.
ويرى الخبراء أن ما سيحدث في غزة بعد اغتيال يحيى السنوار يعتمد بشكل كبير على تفاعل الأطراف المختلفة، سواء من داخل غزة أو خارجها. ولكن الشيء الأكيد هو أن السكان المحليين هم من سيدفعون الثمن الأكبر إذا استمر الوضع على ما هو عليه، وقد تكون هذه فرصتهم لتغيير مصيرهم.