روتين الصلاة الجليلة مستمر في الأقصى
في الأسابيع الأخيرة، وخاصة خلال الأعياد اليهودية، ساد خوف بين سكان القدس الشرقية من حدوث تغيير جوهري في الوضع الراهن وفي الأقصى، ولكن، بعد أن انتهت هذه الفترة، يبدو أنه لم يحدث تغيير جوهري في الوضع الراهن، وأنه على الرغم من الانتهاكات التي حدثت خلال هذه الفترة، فقد عادت الصلاة في الأقصى إلى طبيعتها.
وبحسب أحد العاملين القدامى في المكان، فقد ورد أن هناك ضغطًا كل عام في هذا الوقت تقريبًا، لكن في النهاية يعود الروتين الهادئ دائمًا، وعلى كل من يأتي إلى هنا أن يحافظ على الأجواء الهادئة والمحترمة حتى يتمكن الجميع من الاستمتاع بالصلاة في هذا المكان المقدس.
وتزايدت التوترات في المسجد الأقصى مع حلول الأعياد اليهودية، حيث شهدت القدس أحداثًا متصاعدة نتيجة الاقتحامات المتكررة للمسجد من قبل مجموعات من المستوطنين اليهود، تحت حماية مشددة من قوات الشرطة الإسرائيلية.
و تخللت هذه الاقتحامات طقوس دينية أثارت قلقًا واسعًا لدى سكان القدس الشرقية، إذ يعتبر البعض أن هذه السلوكيات تهدف إلى تغيير الوضع الراهن في الحرم الشريف، والذي يحافظ على طابعه الإسلامي تحت الوصاية الأردنية.
يتصاعد هذا التوتر بشكل متكرر خلال الأعياد اليهودية التي تحل في شهر أكتوبر، مثل عيد "رأس السنة العبرية" وعيد "الغفران" و"العرش"، حيث تزداد وتيرة الاقتحامات ويتجمع مئات المستوطنين في باحات الأقصى، يؤدون طقوسًا دينية تشمل النفخ في البوق وأداء طقوس الانبطاح على الأرض، والمعروفة بالسجود الملحمي. وتعد هذه الطقوس استفزازية للمصلين المسلمين ومخالفة للوضع التاريخي القائم الذي يمنع غير المسلمين من ممارسة الشعائر الدينية في ساحات الأقصى.
خلال هذه الأحداث، تفرض الشرطة الإسرائيلية إجراءات أمنية مشددة في محيط المسجد الأقصى، تشمل إغلاق مداخله ونصب الحواجز وعرقلة دخول المصلين المسلمين، ما يثير استياء واسع بين أهالي القدس ويزيد من مخاوفهم من تصاعد وتيرة هذه الانتهاكات وتحولها إلى محاولات متعمدة لتغيير طابع الأقصى الإسلامي.
ويرى خطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، أن هذه الاقتحامات تهدف إلى تحقيق طموحات سياسية من قبل جماعات إسرائيلية تسعى لفرض سيطرة دينية يهودية في القدس، وأنها تشكل تهديدًا لحرمة المسجد واستفزازًا كبيرًا للمسلمين حول العالم.
من جانب آخر، تدعو السلطات الدينية والإسلامية إلى ضرورة الحفاظ على هدوء الأجواء في المسجد والالتزام بمبادئ احترام قدسية المكان. ويشير بعض العاملين في إدارة المسجد إلى أن هذه التوترات تتزايد في مواسم محددة، خاصة الأعياد اليهودية، لكنها غالبًا ما تعود إلى الاستقرار بعد انتهاء هذه المناسبات، حيث يعود المسجد الأقصى إلى روتين الصلاة الإسلامية المعتاد وسط دعوات لحماية المكان وضمان حرية العبادة للمسلمين. ويلعب الأردن دورًا بارزًا في هذا السياق، بصفته المسؤول عن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية في القدس، استنادًا إلى اتفاقية وادي عربة لعام 1994 التي تنص على أن المسجد الأقصى هو مكان عبادة خالص للمسلمين.
وفي ظل هذه التوترات، يعبر العديد من المقدسيين عن تخوفهم من أن تصبح الاقتحامات الموسمية للأقصى جزءًا من مخطط أوسع لتغيير الوضع الديني في المدينة وتحويل القدس إلى عاصمة ذات طابع ديني يهودي حصري، لذا، تتجدد الدعوات من جانب المجتمع المقدسي ومن المؤسسات الإسلامية إلى شد الرحال للأقصى والرباط فيه كوسيلة للتأكيد على الهوية الإسلامية للمكان ومواجهة محاولات تهويده.
وتؤكد العديد من الفعاليات الدينية والسياسية في فلسطين وخارجها أن حماية المسجد الأقصى والحفاظ على هويته الإسلامية هو واجب على كل مسلم، وأن مثل هذه الانتهاكات لن تثني الفلسطينيين عن الدفاع عن حقوقهم الدينية والتاريخية في القدس.
من جانبها، تستمر الجهات الرسمية الإسرائيلية في تأمين الحماية لهذه الاقتحامات، ما يزيد من التوترات ويشكل مصدر قلق كبير للعديد من الأطراف الدولية، بما في ذلك الأردن الذي يرفض بشكل قاطع أي تغيير للوضع القائم.
وتبقى هذه الأوضاع محل مراقبة واهتمام من المجتمع الدولي والمنظمات المعنية، حيث تُطرح القضية باستمرار في المحافل الدولية وسط دعوات لضبط النفس ووقف الانتهاكات في الأماكن المقدسة.
في النهاية، وعلى الرغم من التوترات الموسمية المتكررة، يعود المسجد الأقصى إلى روتينه الهادئ بعد انتهاء فترات الأعياد، بينما يستمر سكان القدس الشرقية ومصلو الأقصى في توجيه دعواتهم إلى ضرورة الحفاظ على الطابع الإسلامي للمكان واحترام قدسيته، لضمان أن يكون المسجد الأقصى مساحة آمنة للعبادة بعيدة عن الأجواء الاستفزازية والسياسية التي تسعى إلى تغيير هوية المكان.