دماء على أرض المدرسة.. القصة الكاملة لجريمة قتل طالب بورسعيد
المدرسة مِحرابًا للعلم تسبق فيه التربية التعليم، يذهب إليها أبنائنا لبناء وتعزيز الإيجابيات بشخصيتهم وعلاج السلبيات، وتعزيز قيم ومفاهيم الانتماء والوطنية، واكتشاف وتنمية مهاراتهم وقدراتهم ومواهبهم، وتحصيل معلومات جديدة خلال دراستهم.
وداخل مدرسة بورسعيد الثانوية الصناعية الميكانيكية كان الوضع مختلفًا، فقد تلوثت أرضية المدرسة بدماء أحد طلابها الساعين لبناء مستقبلهم، وتحقيق حلم أولياء أمورهم، وذلك بعدما سقط غارقًا في دمائه إثر طعنة نافذة سددها إلى قلبه زميله في المدرسة، لتتبدل ملابس العلم بكفن الموت.
البداية
البداية عندما استقبل مستشفى الزهور المركزي، صباح الأحد، محمد عمر مهران، الطالب بالصف الأول بمدرسة بورسعيد الميكانيكية، في حالة حرجة متأثرا بإصابته بطعنة نافذة في القلب، بادعاء اعتداء زميله بالمدرسة المدعو "ع.ن.ع" عليه بسلاح أبيض.
لم تستسلم أطقم الرعاية الطبية، وحاولت جاهدة إنقاذه إلا أنه فارق الحياة متأثر بإصابته التي تسببت في هبوط بالدورة الدموية أدت لتوقف عضلة القلب.
النيابة العامة
وناظر فريق من نيابة بورسعيد العامة، جثمان الطالب داخل مشرحة مستشفى الزهور، وأصدرت قرارها بانتداب الطب الشرعي لمناظرة الجثمان والوقوف على أسباب الوفاة، كما طلبت تحريات إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن بورسعيد حول الواقعة وأسبابها وملابستها، وأمرت بسرعة ضبط الجاني ومثوله أمام النيابة العامة في أسرع وقت.
كما عاينت النيابة العامة موقع جريمة مقتل الطالب داخل مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية، وطلبت انتداب عضو فني لتفريغ كاميرات المدرسة التي رصدت الجريمة، ولحظة هروب المتهم.
شاهد عيان
وكشف أحد شهود العيان خلال أقواله أمام جهات التحقيق هو موجه كان متواجدا في المدرسة، أن الطالب المجني عليه كان يتحدث مع المتهم بالقرب من دورة المياه، وحدثت مشادة بينهما، تطورت إلى إخراج المتهم سلاحًا كان يخفيه، وسدد ضربة له، سقط على إثرها أرضًا، بينما فر المتهم هاربًا.
ابني راح
وكشفت والدة المجني عليه عن تفاصيل اللقاء الأخير الذي جمعها بابنها الراحل قبل ذهابه للمدرسة صباحا، قائلا: "أعطيته مصروفه ودعيت له بالنجاح والتوفيق قبل ذهابه إلى المدرسة، ولم أكن أعرفه أنه اللقاء الأخير ولن أرى ضحكة ابني بعدها"، مؤكدا على أنه لم يسبق له أن تشاجر مع الطالب المتهم، وأن ابنها يعمل في كافتيريا ملكهم رفقة والده على الشاطئ، ويذهب إلى المدرسة يومي الأحد والثلاثاء فقط من كل أسبوع.
وأضافت:"ابني كان بيشتغل مش عواطلي زي ما بيقولوا عليه منهم لله"، محتتمة حديثها - باكية -:"عاوزة حق ابني من قاتله الذي حرمني من ضنايا ونور عيني وابني الوحيد على 3 بنات، فلقد كان عيد ميلاده هذا الشهر فبدلا من أن احتفل به سمعت خبر وفاته".
قرارات صارمة
تدخلت مديرية التربية والتعليم بقرارات صارمة فور إبلاغها بالواقعة، حيث أصدر طاهر الغرباوي مدير مديرية التربية والتعليم بمحافظة بورسعيد، تعليماته، إلى مديري مدارس جميع المراحل التعليمية في بورسعيد، بالتفتيش الذاتي لجميع الطلاب قبل دخول المدرسة، وتكثيف الإشراف على الطلاب.
كما قرر عزل حنان صبح، مدير عام التعليم الفني الأسبق من منصبها، وأشرف إبراهيم شتيوي، مدير التعليم الصناعى بمديرية التربية والتعليم ببورسعيد، وجمالات عبد الرحمن سلطان، رئيس قسم التعليم الفني بإدارة شمال التعليمية، وعادل مستجير، مدير المدرسة الميكانيكية الصناعية، وصدق اللواء محب حبشي، محافظ بورسعيد، على تلك القرارات.
الوزير يتدخل
ومن جانبه، تقدم محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بعد الواقعة بعدة ساعات، بخالص العزاء والمواساة إلى أسرة الطالب، مؤكدا أن الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية، وسعيها لتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة، مشددًا على أنه لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسئول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة.
كما وجه بسرعة صرف الدعم المقدم من صندوق التأمين على الطلاب لأسرة الطالب، والتكفل بكافة احتياجات الأسرة وتوفير كافة سبل الرعاية لهم.
التحقيقات مستمرة
وتُباشر النيابة العامة تحقيقاتها في الواقعة للوصول إلى أسبابها وملابساتها النهائية، ومن المنتظر أن يُجرى سؤال كل ما له علاقة بالأمر.