خلعت ملابسها في وجه قوات الأمن الإيراني.. حكاية طالبة تتحدى قمع الحجاب | شاهد

 صورة لايف

شهدت إيران مؤخرًا حادثة جديدة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط المحلية والدولية على حد سواء، حيث ظهرت طالبة جامعية تُجرد من ملابسها في مقطع فيديو قصير انتشر بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي. الفتاة، التي أفادت التقارير بتعرضها لمضايقات من عناصر «الباسيج» بسبب عدم ارتدائها الحجاب، أثارت بجرأتها موجة واسعة من ردود الفعل الشعبية والرسمية.
هذه الواقعة تزامنت مع الذكرى السنوية الثانية لوفاة الشابة مهسا أميني التي توفيت بعد احتجازها من قبل شرطة الأخلاق في سبتمبر 2022، ما أسفر عن احتجاجات كانت الأوسع منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
ردود الفعل الشعبية والدولية
أثارت الحادثة ردود فعل واسعة من نشطاء حقوق الإنسان والمنظمات النسوية المحلية والدولية. وعبّر «اتحاد الطلاب التقدميين» في إيران عن تضامنه مع الطالبة عبر بيان غاضب، مؤكدًا «لن نتركها وحدها»، ومطالبًا النظام الإيراني بوقف المضايقات الأمنية التي تتعرض لها النساء في الجامعات. من جهة أخرى، علّقت كتايون رياحي، الممثلة الإيرانية التي عُرفت بدعمها لحركة «المرأة، الحياة، الحرية»، عن دعمها للفتاة قائلة: «لن نترك بعضنا البعض».
وعلى الصعيد الدولي، ناشدت «منظمة العفو الدولية» السلطات الإيرانية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الفتاة، مطالبةً بتحقيق مستقل في مزاعم تعرضها للعنف الجسدي والنفسي أثناء الاعتقال. كما أثار الفيديو المثير للجدل قلقًا واسعًا لدى منظمات دولية، التي أكدت أن هذه الواقعة تعكس مستوى القمع الذي تعاني منه النساء الإيرانيات تحت الحكم الديكتاتوري.
الموقف الرسمي الإيراني
وفي الوقت الذي تداولت فيه وسائل الإعلام المختلفة هذه الحادثة، خرجت وكالة «فارس» الإيرانية لتغطية الخبر، ووصفت الطالبة بأنها كانت ترتدي «ملابس غير مناسبة» وخلعت ملابسها بعد «تحذيرها» من عناصر الأمن. من جهتها، زعمت وكالة «دانشجو» المرتبطة بقوات الباسيج أن تصرف الطالبة كان «عملية إرهابية»، مما أثار المزيد من الغضب لدى الرأي العام المحلي.
وتعليقًا على هذه الاتهامات، قال حقوقيون إيرانيون إن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها السلطات إلى استغلال قضايا الصحة النفسية لمحاولة تشويه سمعة النساء المحتجات. وقالت الخبيرة في الشأن الإيراني، منى السيلاوي، إن النظام يستخدم «سلاح الصحة النفسية» لقمع النساء، ووضعهن في مستشفيات الأمراض النفسية لمحاولة نزع شرعية مطالبهن. وأضافت لـ «موقع الحرة»: «إذا كانت الطالبة تعاني من مشاكل نفسية حقًا، فإن الضغوط والقمع اليومي الذي تواجهه النساء هو السبب الرئيسي».
تداعيات الحدث والتطورات اللاحقة
مع استمرار انتشار الفيديو، كشفت وسائل إعلام طلابية إيرانية عن تفاصيل صادمة حول اعتقال الفتاة، إذ أكد موقع «أمير كبير» أن الطالبة تعرضت للضرب أثناء اعتقالها. ونشرت صحيفة طلابية تابعة لجامعة «آزاد» صورًا لضابط الأمن الذي نفذ الاعتداء، مشيرة إلى تفاصيل الحادثة وداعية لوقفة تضامنية مع الطالبة.
ولم تكتفِ السلطات باعتقال الطالبة، بل قامت بنقلها إلى مستشفى للأمراض النفسية، حسبما أفادت صحيفة «فرهيختجان» المرتبطة بجامعة آزاد، مما أثار موجة غضب جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلق ناشطون حملة واسعة للمطالبة بإطلاق سراحها وتوفير الحماية لها.
الحادثة في سياق الاحتجاجات الأوسع
تأتي هذه الواقعة في سياق متوتر تعيشه إيران، حيث تشهد البلاد ارتفاعًا في الاحتجاجات النسوية التي بدأت تتحدى علنًا قوانين الحجاب الإلزامي وقمع السلطات. ومع اقتراب الذكرى الثانية لوفاة مهسا أميني، أصبحت رؤية النساء دون حجاب إجباري في الشوارع الإيرانية مشهدًا مألوفًا يعكس تغيرات تدريجية في المجتمع الإيراني، على الرغم من تشديد السلطات على فرض قواعد اللباس.
من جانبها، ترى الناشطة الحقوقية في مجموعة حقوق الإنسان «هنجاو»، مينا خاني، أن الطالبة الجامعية قد رفعت مستوى الاحتجاجات ضد الحجاب الإجباري إلى مستوى جديد، مؤكدةً أن غضبها يعكس صورة المرأة الإيرانية العصرية التي تقف مدافعة عن حقوقها. وأشارت خاني إلى أن حركة الفتاة تجسد «صرخة من القلب ضد الظلم الاجتماعي والسياسي» الذي تفرضه الحكومة.
وفي هذا السياق، أشارت تقارير صحفية إلى أن الضغوط الدولية الكبيرة قد تدفع السلطات للكشف عن مكان احتجاز الطالبة. بينما يستمر الجدل حول سلامة الطالبة، لم تُصدر السلطات بعد أي توضيح عن حالتها، في ظل اتهامات متزايدة بأنها تُستخدم كأداة لقمع الاحتجاجات الشعبية.