القدس تستقبل الشتاء ببرودة هادئة وأجواء روحانية في المسجد الأقصى
خلال الأسبوع الماضي، بدأ فصل الشتاء بإلقاء ظلاله على مدينة القدس الشرقية، وتحديدًا على المسجد الأقصى، الذي يُعدّ معلمًا إسلاميًا بارزًا ومكانًا يحمل في أرجائه تاريخًا روحيًا عميقًا. ومع انخفاض درجات الحرارة، بدأ أهل المدينة وزوارها يلمسون أجواء الشتاء ويشعرون ببرودة الطقس، حيث يصحبهم هذا الشعور إلى رحلة مليئة بالسكينة الروحية والتأمل في أرجاء هذا المكان المقدس.
في ساعات الصباح الباكر، يبدأ المصلون بالوصول إلى المسجد الأقصى، ويجدون في هدوء الأجواء المتجمد مسرحًا مناسبًا للتقرب إلى الله والبحث عن الطمأنينة. ورغم برودة الطقس، إلا أن ذلك لم يمنع المصلين من القدوم في تلك الساعات، مستمتعين بجو شتائي هادئ يضفي على المكان رونقًا خاصًا يعزز من قدسية المكان في نفوسهم.
في حديث هاتفي مع أحد موظفي الوقف الإسلامي في المسجد الأقصى، عبّر عن حبه لهذه الفترة من العام قائلًا: "هذا وقت خاص ومفضل بالنسبة لي في المسجد لأن هناك أجواء أكثر هدوءًا، ومن الجميل أن أكون هنا في جميع ساعات اليوم". ويضيف الموظف أن فصل الشتاء يجلب معه بعض التغيرات المميزة التي تجعل الأجواء أكثر قداسة، مؤكدًا على دعوته للناس للحضور إلى المسجد الأقصى "للحفاظ على كرامة المكان والمساهمة في خلق الأجواء الهادئة والكريمة".
وتبدو القدس الشرقية في هذه الأيام وكأنها تنبض بأجواء خاصة مع اقتراب الشتاء، فالشوارع المحيطة بالمسجد الأقصى تكتسي برداء رمادي يعكس برودة الطقس، وتتناثر الرطوبة في الهواء، مما يخلق مشهدًا روحانيًا يميز هذه الفترة. كما أن لنسيم الصباح البارد سحره الخاص، حيث يصحبه شعور بالخفة والسكينة، ويضيف إلى المكان هالة من الطهر والنقاء.
يحافظ المسجد الأقصى خلال فصل الشتاء على تماسكه كمساحة روحية تجمع المسلمين من مختلف أنحاء العالم، ويأتي الناس من كافة الفئات العمرية لأداء الصلوات فيه، ويظهر بينهم نوع من التضامن الجماعي حيث يتشارك المصلون في بطانيات خفيفة وأكواب الشاي الساخن، وهو ما يضيف إلى المكان شعورًا بالمودة والدفء البشري الذي يتغلب على برودة الجو.
ويقول أحد المصلين المنتظمين في المسجد، أنه يفضل الصلاة في هذه الأوقات الباردة لأن "الهدوء يسود في الأرجاء، مما يمنح المصلين فرصة للتأمل بعمق والاقتراب أكثر إلى الله". فالأجواء الهادئة والباردة تساعد على خلق بيئة تأملية تبعث على الراحة النفسية، كما تزيد من ارتباط الإنسان بالجانب الروحي.
ويُشجّع المسؤولون في الأوقاف الإسلامية الناس على زيارة المسجد الأقصى في مختلف الأوقات، خاصة في هذه الفترة الشتوية التي يكون فيها المسجد أقل ازدحامًا، مما يُتيح للزوار فرصة أكبر للتواصل الروحي والاستمتاع بالهدوء. وقد أشار موظف الوقف إلى أن "المكان في مثل هذه الأوقات يحمل طاقة روحية مميزة، تدعو الجميع إلى المحافظة على نظافته واحترام قدسيته".
ومن الجدير بالذكر أن فصل الشتاء يأتي محملًا بتوقعات تساقط الأمطار في المنطقة، وهو ما يضيف إلى جمالية المكان، حيث يبدو المسجد الأقصى بقبابه ومناراته تحت المطر كلوحة فنية حية تجمع بين قدسية المكان وسحر الطبيعة، ليتحول المسجد الأقصى إلى مقصد لا يُضاهى لعشاق التأمل والمتطلعين إلى السكينة.
في النهاية، يُعتبر شتاء القدس فرصة فريدة للزوار والمصلين للاندماج في أجواء روحانية هادئة، حيث يجتمع جمال الطبيعة وقسوة البرودة مع روحانية المكان، مما يجعله وجهة مميزة لقلوب المؤمنين الباحثين عن لحظات من السلام والخشوع. ومع بداية هذا الفصل، يتجدد الأمل في قلوب الزوار أن يحمل الشتاء معه الخير للمدينة ولأهلها، وأن يبقى المسجد الأقصى منارة للسلام والمحبة.