عودة ترامب إلى السلطة.. تداعيات محتملة على غزة وتصاعد المخاوف

 صورة لايف

في خطوة أعادت الجدل حول مستقبل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، شهد الأسبوع الماضي انتخاب دونالد ترامب رئيسًا قادمًا للولايات المتحدة، وهو ما يمثّل عودة شخص لطالما أثار انقسامًا واسعًا في الداخل الأميركي والمجتمع الدولي. عودة ترامب، الذي عُرف بسياساته الحادة وتوجهاته الداعمة لإسرائيل، تثير اليوم مخاوف كبيرة في المنطقة، خاصة في قطاع غزة الذي يتأثر بشدة بسياسات واشنطن تجاه إسرائيل والصراع الفلسطيني.

ترامب والشرق الأوسط: دعم غير محدود لإسرائيل

تاريخيًا، مثّلت إدارة ترامب السابقة واحدة من أكثر الإدارات الأميركية دعمًا لإسرائيل. فقد عمل ترامب على نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، والضغط على العديد من الدول العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ضمن "اتفاقيات إبراهام". هذه الخطوات عززت من مكانة إسرائيل الإقليمية، لكنها أدت إلى زيادة التوترات مع الفلسطينيين، خاصةً مع قطاع غزة الذي يُعتبر مركزًا للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

عودة ترامب إلى البيت الأبيض تُعيد إلى الأذهان نهجه المتشدد، مما يُثير مخاوف مشروعة لدى الفلسطينيين، خصوصًا في غزة، من إمكانية اتباع سياسات متشددة تعطي "ضوءًا أخضر" لإسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية في القطاع أو التوغل داخل الأراضي الفلسطينية دون قيود تُذكر. هذا التحول قد يكون له أثر مباشر على حياة سكان غزة، ويضع مستقبل الاستقرار والأمن في المنطقة على المحك.

تهديد مباشر لحماس وتوسيع حرية الحركة العسكرية لإسرائيل

حركة حماس، التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007، تعتبر من أبرز المستهدفين بالسياسات الأميركية الداعمة لإسرائيل. في ظل إدارة ترامب السابقة، اتسمت التصريحات والسياسات تجاه حماس بالعدائية، حيث تم تصنيفها كحركة إرهابية على المستوى الأميركي. ولذلك، فإن التوقعات تشير إلى أن عودة ترامب قد تعني مزيدًا من الضغوط عليها، سواء من خلال الدعم العسكري المكثف لإسرائيل أو من خلال فرض عقوبات إضافية على حلفائها أو الداعمين لها.

ومن أبرز المخاوف القائمة هو أن عودة ترامب قد تعطي لإسرائيل حرية أكبر لتنفيذ عمليات عسكرية في غزة دون تدخل أو ضغوط أميركية للحد من التصعيد. ويعني ذلك احتمالية تصاعد العمليات الجوية والاستهدافات المباشرة لقادة المقاومة والبنية التحتية، في خطوة تهدف إلى تقليص قدرة حماس والجماعات المسلحة الأخرى على الرد أو تنفيذ عمليات داخل إسرائيل. مثل هذه السياسات قد تؤدي إلى موجة عنف جديدة تضاعف من معاناة المدنيين، وتزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.

احتلال محتمل لمناطق في شمال غزة: مخاوف من إقامة معسكرات دائمة

واحدة من السيناريوهات التي يتداولها المحللون، وتثير قلقًا متزايدًا، هي احتمال سماح إدارة ترامب لإسرائيل بإقامة معسكرات عسكرية دائمة في شمال قطاع غزة. هذا السيناريو، لو تحقق، قد يمثل تغيرًا نوعيًا في قواعد اللعبة، حيث يعني وجودًا عسكريًا دائمًا لإسرائيل داخل القطاع، الأمر الذي قد يحدّ من حركة السكان ويؤثر على الحياة اليومية، ويزيد من فرص اندلاع مواجهات مباشرة بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي.

إقامة مثل هذه المعسكرات قد تُعتبر محاولة إسرائيلية لفرض رقابة مباشرة ودائمة على القطاع، والتحكم في الحركة والأنشطة المقاومة فيه. كما يمكن أن تستخدم إسرائيل هذه المعسكرات كقاعدة لتوسيع عملياتها الاستخباراتية والعسكرية، مما قد يزيد من تعقيد الوضع ويجعل تحقيق تهدئة أو حلول سلمية أكثر صعوبة.

ردود الأفعال المحلية والدولية: قلق وترقب

على الصعيد الدولي، تتوالى ردود الأفعال بحذر وترقب لما ستكون عليه سياسات ترامب الجديدة. ورغم أن الإدارة الأميركية المنتخبة لم توضح بعد توجهاتها التفصيلية تجاه الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، إلا أن العديد من الجهات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة وبعض الدول الأوروبية، تبدي قلقًا من احتمالية تصعيد عسكري في غزة.

من ناحية أخرى، تظل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في موقف صعب، حيث تحاول التعامل مع عودة ترامب بحذر شديد، لا سيما في ظل تدهور العلاقات بين الجانبين في فترة ولايته السابقة. وقد تجد السلطة نفسها أمام خيارين، إما محاولة التفاوض مع إدارة ترامب للحصول على ضمانات للحد من التصعيد، أو مواجهة ضغط شعبي إذا اتخذت خطوات تُفسّر بأنها تنازلات في وجه الدعم الأميركي القوي لإسرائيل.

مستقبل غامض وأمل في تدخل دولي لتحقيق الاستقرار

وسط هذه المخاوف، يبقى الوضع المستقبلي في غزة غامضًا ومفتوحًا على عدة سيناريوهات. في حال استمرت سياسات ترامب في دعم إسرائيل دون قيود، قد يشهد القطاع تصعيدًا أكبر في العمليات العسكرية وارتفاعًا في عدد الضحايا. من جانب آخر، يأمل الفلسطينيون أن يلعب المجتمع الدولي دورًا أكبر في الضغط على واشنطن لاتباع نهج متوازن، والحد من التصعيد.

و تعود إدارة ترامب وسط مشهد دولي وإقليمي مليء بالتوترات والتعقيدات، ويبقى السؤال: هل ستشهد غزة فصلًا جديدًا من الصراع، أم أن هناك فرصة للتدخلات الدولية لتحقيق السلام؟