رحلة بشار الأسد الغامضة في سوريا.. كيف قضى الرئيس المعزول الساعات الأخيرة بدمشق؟
في الوقت الذي كان يحتفل الكثيرون بسقوط نظام الرئيس المعزول بشار الأسد، تصّدر سؤال مهم الأوساط المحلية السورية والعالمية، ومفاده: «أين بشار الأسد؟، وانتشرت الشائعات حول مكان وجوده. لكن الغموض لم يدم طويلًا، إذ أعلنت وسائل الإعلام الروسية الرسمية مساء الأحد أنه وصل إلى موسكو.
وقال مصدر رسمي في روسيا، لشبكة CNN، مساء الأحد، إن الأسد وعائلته وصلوا إلى موسكو، بعد حصولهم على حق اللجوء في روسيا، لأسباب وصفتها وسائل الإعلام الرسمية بأنها «أسباب إنسانية».
في الوقت ذاته، التزم الكرملين الصمت، بشأن مكان تواجد الأسد طوال اليوم الإثنين، رافضًا التعليق علنًا على قرار روسيا منحه اللجوء.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحفيين خلال مؤتمر صحفي دوري: «ليس لدينا ما نقوله عن مكان وجود السيد الأسد، في الوقت الحالي»، ما وفر القليل من الوضوح.
وعندما سُئل عما إذا كان قرار منح اللجوء، اتخذه الرئيس فلاديمير بوتين، أجاب بيسكوف: «بالطبع، لا يمكن اتخاذ مثل هذه القرارات بدون رئيس الدولة، إنه قراره، لكن ليس لدّي ما أقوله لك هنا». وعندما سُئل عن اجتماع محتمل وجهًا لوجه بين بوتن والأسد، قال بيسكوف: «لا يوجد مثل هذا الاجتماع، في جدول أعمال الرئيس الرسمي».
رحلة غامضة
ونقلت وكالة رويترز عن ضابطين كبيرين في الجيش السوري لم تكشف هويتهما قولهما إن الأسد صعد على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية السورية في مطار دمشق في ساعة مبكرة من صباح الأحد.
وأشارت إلى أن طائرة شحن من طراز «إليوشن إيل-76 تي» تابعة للخطوط الجوية السورية أقلعت من المطار في الساعة 03:59 بالتوقيت المحلي (01:59 بتوقيت جرينتش) إلى وجهة غير محددة.
وبحسب بيانات موقع Flightradar24، توجهت الطائرة في البداية نحو ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو معقل للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، كما يضم قاعدتين عسكريتين روسيتين رئيسيتين- قاعدة حميميم الجوية والقاعدة البحرية في طرطوس.
ولكن بعد أن حلقت فوق حمص، عادت الطائرة إلى مسارها وبدأت في التحليق شرقا مرة أخرى بينما فقدت ارتفاعها أيضا. وفُقدت إشارة الطائرة حوالي الساعة 04:39 (02:39 بتوقيت جرينتش)، عندما كانت على بعد حوالي 13 كيلومترا غرب حمص وعلى ارتفاع 1625 قدما (495 مترا) فقط.
ولم يتضح بعد ما حدث للخطة، لكن موقع Flightradar24 قال إن الطائرة «كانت قديمة ولديها جيل أقدم من أجهزة الإرسال والاستقبال، لذا قد تكون بعض البيانات سيئة أو مفقودة»، وإنها «كانت تحلق في منطقة تشوش فيها أنظمة تحديد المواقع العالمية، لذا قد تكون بعض البيانات سيئة»، وإن جهاز تعقب الطائرات لم يكن على علم بأي مطارات في المنطقة حيث فقدت الإشارة. ولم ترد أيضا تقارير عن أي حوادث تحطم طائرات.
وأظهرت بيانات موقع Flightradar24 أيضًا أن طائرة عسكرية روسية أقلعت يوم الأحد من مطار اللاذقية الدولي المجاور لقاعدة حميميم، وتوجهت إلى موسكو. ومرة أخرى، لم يُعرف من كان على متنها.
ومنذ بدء الانتفاضة الشعبية في سوريا، والتقدم السريع الذي حققته الفصائل المسلحة، في مختلف أنحاء البلاد، ظل الأسد يحاول تجنب الظهور على الملأ.
وبعد لقائه وزير الخارجية الإيراني، نهاية الأسبوع الماضي، تعهد الأسد بمحاربة «المنظمات الإرهابية»، لكنه لم يُدل بأي تعليقات أخرى، في الوقت الذي استولت فيه الفصائل المسلحة على المدن الكبرى.
وفي يوم السبت، وبينما كانت الفصائل المسلحة تحاصر دمشق، قال مصدر لشبكة CNN إن الأسد لم يكن موجودًا في أي مكان في المدينة.
وأضاف المصدر، إن الحرس الرئاسي التابع للأسد، لم يعد منتشرًا في مقر إقامته المعتاد، كما كان متبع، ما أثار العديد من التكهنات، قبل تطورات يوم الأحد، بأنه ربما يكون قد هرب.
ونفى المكتب الرئاسي السوري في بادئ الأمر، أن يكون الأسد قد غادر دمشق أو سافر إلى دولة أخرى، ولكن بعد أن سيطرت الفصائل المسلحة على العاصمة، قالوا إنه فّر، ويجري البحث عنه. وبدأ عدد من المقاتلين، إلى جانب المدنيين بنهب مقراته الرسمية.
وفي ظل الشائعات، أصدرت وزارة الخارجية الروسية، بيانا الأحد قالت فيه إن الأسد «قرر ترك منصبه الرئاسي، وغادر البلاد، وأعطى تعليماته بانتقال السلطة سلميًا».
وأضاف البيان، إن روسيا لم تشارك في هذه المفاوضات، ثم جاء الكشف لاحقا عن وصول الأسد إلى موسكو.
وكانت روسيا هي الوجهة الواضحة، حيث كان بوتين حليفًا منذ فترة طويلة، كما أنّه دعم النظام السوري بالقوة الجوية، وغيرها من المساعدات العسكرية.
وأقر الكرملين، الاثنين، بالتحديات المحيطة بقواعده العسكرية في سوريا، قائلا إن «كل ما هو ممكن يجري الآن للتواصل، مع أولئك الذين يمكنهم توفير الأمن».
وزعمت وسائل إعلام روسية رسمية، مساء الأحد، أن زعماء الفصائل السوريين ضمنوا أمن القواعد العسكرية والمؤسسات الدبلوماسية الروسية في سوريا، نقلا عن مصدر في الكرملين.