الهروب من الموت.. شهادات مروعة للناجين من حريق مطعم وعقار فيصل

الهروب من الموت..
الهروب من الموت.. شهادات مروعة للناجين من حريق مطعم وعقار في

في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، استيقظ سكان شارع فيصل في الجيزة على أصوات الصراخ ودوي الانفجارات الخافتة. كان المشهد أشبه بكابوس يتجسد على أرض الواقع.

 اشتعلت النيران في مطعم شهير يحمل اسم «تفويلة»، لتتحول دقائق الصمت التي سبقت الحريق إلى فوضى عارمة. لم يكتفِ اللهب بابتلاع أركان المطعم، بل امتد إلى العقار السكني المجاور، حيث كانت العائلات تغط في نومها.

تفاصيل حريق فيصل

في الداخل، عمال المطعم، الذين بدأ يومهم مبكرًا كالمعتاد، وجدوا أنفسهم محاصرين بألسنة النار والدخان الأسود الكثيف. كان المطبخ، المليء بالمعدات الثقيلة وأسطوانات الغاز، نقطة البداية التي حولت لحظاتهم الروتينية إلى سباق يائس نحو النجاة. أحد العاملين صرخ محذرًا، بينما أُصيب آخر بحروق أثناء محاولته إغلاق صمام الغاز.

في الطابق العلوي، كانت أسرة صغيرة تحتضن أطفالها محاولة الهروب عبر سلم امتلأ بالدخان، وأحد الجيران هرع إلى شقته لإنقاذ ما استطاع من ممتلكاته. «كل ما فكرت فيه هو الأطفال»، قال أحد السكان، وعيناه تحملان مزيجًا من الخوف والأسى.

لم يكن المشهد أقل درامية في الشارع. توقف المارة، بعضهم حاول المساعدة، بينما وقف آخرون مذهولين. سيارات الإطفاء هرعت للمكان، وكأنها تحاول أن تسابق عقارب الساعة. عناصر الحماية المدنية كافحوا لأكثر من 3 ساعات، وسط صرخات المصابين وأنين الأمهات، لإخماد النيران التي لم تهدأ إلا بعد أن تركت وراءها خرابًا كبيرًا.

«شعرت بالعجز»

على الفور، بدأت أجهزة الأمن والمعمل الجنائي معاينة موقع الحريق، وأصبحت كاميرات المراقبة شاهدًا صامتًا على الأحداث. وبدأت فرق البحث الجنائي في تفريغ تسجيلاتها.

أوضحت التحريات الأولية أن الحريق نشب نتيجة ماس كهربائي في أحد أجهزة المطبخ، لكن النيابة العامة أمرت باستكمال التحقيقات للتأكد من عدم وجود شبهة جنائية.

وأصدرت النيابة العامة قرارًا بحصر التلفيات، التي شملت تفحم المطعم وتضرر عدة طوابق في العقار السكني، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالمحال المجاورة. أما المصابون فتم نقلهم إلى المستشفى، حيث تبين أن إصاباتهم تراوحت بين حروق بسيطة وحالات اختناق بسبب استنشاق الدخان.

«كانوا يصرخون من النوافذ»، قالت سيدة عجوز تقطن في الجوار، وعيناها تتساقط منهما الدموع: «شعرت بالعجز، لكنهم كانوا بحاجة إلى معجزة». مشاهد الأطفال وهم يحتضنون أمهاتهم، والآباء الذين يركضون بين النيران لإنقاذ أحبائهم، تركت أثرًا عميقًا في نفوس جميع من شهدوا المأساة.

رجال الإطفاء لم يواجهوا النيران فقط، بل صعوبة الوصول إلى بعض الأماكن المحاصرة داخل العقار. ومع ذلك تمكنوا من إخلاء المبنى بالكامل، وإنقاذ العديد من السكان. «الوقت كان عدونا الأول»، قال أحد رجال الإطفاء، الذي أكد أن سرعة البلاغ ساهمت في تقليل حجم الكارثة.

تحدث أحد شهود العيان، وهو صاحب محل تجاري بجوار المطعم، قائلًا: «كنت أسمع صرخات الناس، وشاهدت بعض السكان يقفزون من الشرفات للنجاة بحياتهم. كان الوضع مأساويًا».

قرارات النيابة العامة

الحادث لم يسفر عن وفيات لحسن الحظ، لكنه ترك وراءه أضرارًا مادية كبير، بينما تستمر التحقيقات للكشف عن التفاصيل الكاملة، إذ أمرت النيابة العامة بانتداب فريق من المعمل الجنائي لمعاينة موقع الحريق وتحديد أسبابه بدقة، مع التأكد من عدم وجود شبهة جنائية وراء الحادث. كما وجهت بحصر شامل للتلفيات التي شملت تفحم المطعم وتضرر العقار المجاور، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بالمحال التجارية المجاورة.

وفي إطار التحقيقات، طالبت النيابة بتفريغ كاميرات المراقبة الخاصة بالمطعم والمحال المحيطة لتحليل الأحداث التي سبقت اندلاع النيران، والاستماع إلى أقوال شهود العيان والعاملين بالمطعم. هذا بجانب طلب تحريات موسعة من الأجهزة الأمنية للتأكد من مدى التزام المطعم باشتراطات الحماية المدنية قبل وقوع الكارثة.